أكد رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، نور الدين العرباوي، أنه “لا خيار أمام حكومة الوحدة الوطنية، سوى مقاومة الفساد، لاسيما وأن جهات رسمية أضحت تتحدث اليوم عن وجود دولة مافيوزية وشبكات ولوبيات فساد”، مشددا على أن “الإرادة السياسية موجودة لدى الحكومة الحالية لمقاومة الفساد”.
وأوضح العرباوي في حديث أدلى به، الخميس، لوكالة تونس افريقيا للأنباء، في نطاق سلسلة لقاءات ل”وات”، مع قياديي الأطراف السياسية الموقعة على وثيقة قرطاج، لاستقراء مواقفها ورؤاها بشأن مسار تنفيذ أولويات عمل حكومة يوسف الشاهد، وفي مقدمتها مقاومة الفساد ومواصلة الحرب على الإرهاب، أن “الحركة ملتزمة بتنفيذ خيارات الحكومة من خلال وزرائها وكتلتها النيابية، وما تقدمه من دعم وتوصيات ومبادرات سياسية وتشريعية”.
وقال “إن النجاح في مقاومة الفساد، يتطلب حتما قضاء ناجعا ونافذا، ومنظومة أمنية قوية وفاعلة”، لافتا في هذا السياق، إلى أهمية “إصلاح الجهاز القضائي بمختلف اختصاصاته، لاسيما من حيث نقص عدد القضاة، مقابل ارتفاع عدد القضايا، إلى جانب تنفيذ الأحكام القضائية، وتأمين الحماية للقضاة وللمبلغين عن الفساد على حد سواء.
واعتبر المتحدث أن “ملف مقاومة الفساد ليس جديدا على حركة النهضة، التي انطلقت منذ تجربة الترويكا، في إحالة مئات القضايا على أنظار العدالة، منها قضايا تتعلق بالفساد المالي والسرقات واستغلال النفوذ، وكلها قضايا ثابتة”، وفق تأكيده، “ضد أشخاص نافذين في أجهزة الدولة”.
ووصف العرباوي ظاهرة الفساد، ب”الظاهرة القديمة والمعقدة والمستشرية في مفاصل الدولة”، مشددا على ضرورة معالجتها من خلال توفر الإرادة السياسية التي قال انها “موجودة لدى حكومة الوحدة الوطنية”، إلى جانب “تفعيل دور الهيئات المهتمة بالملف، وتبني التشريعات الملائمة في الغرض، ودعم استقلالية ونجاعة الجهاز القضائي وعلويته”، على حد تعبيره.
وأكد على “ضرورة أن يلمس المواطن العادي اليوم على أرض الواقع الضرب على أيادي كبار الضالعين في الفساد وصغارهم”، وهو ما يمكن أن يتجسد من خلال جملة من التوجهات والتدابير، منها الحوكمة، ورقمنة الإدارة، وتكريس نزاهة وشفافية المعاملات صلب المؤسسات، قائلا “إن أداء حكومة الوحدة الوطنية، وتنفيذ أولوياتها في المجال، محل متابعة من قبل الداعمين للحكومة ومعارضيها”.
وبين أن التقليد السياسي والبرلماني المعمول به في عدد من البلدان المتقدمة، والمتمثل في تقييم أداء الحكومة بعد 100 يوم من العمل، فضلا عن أدوات مراقبة الحكومة من قبل البرلمان، على غرار
جلسات المساءلة وسحب الثقة وغيرها، “تعد آليات يخولها النظام السياسي لمتابعة عمل الحكومة”.
وفي ما يتعلق بتعهد حكومة الوحدة الوطنية بمواصلة الحرب على الإرهاب، اعتبر العرباوي أن “السلطات الأمنية والعسكرية حققت نجاحات هامة، وقطعت أشواطا لا يستهان بها منذ سنوات في هذا
المجال”، معربا عن “الثقة في أجهزة الدولة في التوفق إلى استئصال هذا الداء”، الذي وصفه ب”الغريب عن المجتمع التونسي فكرا وشكلا”.
وأفاد تعقيبا على قول رئيس الحكومة “إن مقاومة الفساد أخطر من الحرب على الإرهاب”، إن “الفساد نلمس آثاره في مفاصل الدولة، وفي المجتمع، ولكننا لا نراه، في حين أن مكامن الإرهاب معروفة، وعواقبه مباشرة وخيمة، تستهدف الأمنيين والعسكريين والأرواح البشرية”.
وبعد أن أشار إلى أن “نجاح الحرب على الإرهاب، يقتضي تقريبا توظيف نفس الأجهزة التي تستخدم لمقاومة الفساد، أي الأجهزة الأمنية والقضائية”، اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة أن
“الحركة تضررت من الإرهاب في مناسبتين، أهمهما سقوط حكومة الترويكا، وهي من هذا المنطلق أحرص الأطراف على كشف حقيقة الاغتيالات السياسية وما يشوبها من غموض”، وفق قوله.
وفي علاقة بمحور النظافة والبيئة كإحدى أولويات عمل حكومة الشاهد، أكد العرباوي أن تعطيل تمرير مشروع القانون الانتخابي، والحسم في تاريخ اجراء الانتخابات البلدية، مرده، حسب تقديره،
تصريحات بعض “الرموز السياسية” التي تعكس سياسات وخيارات من نوع “الخشية أن تؤدي الانتخابات البلدية إلى فوز حركة النهضة”، معتبرا أنه “كان من الأجدر تنظيم هذه الانتخابات منذ سنة 2012 بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي” لكنه تم تأجيلها، في رأيه، “لنفس الاعتبارات السياسوية الضيقة”.
على صعيد آخر، شدد القيادي في النهضة، على أن الجدل حول تصويت الأمنيين والعسكريين “لا يمثل سوى ذريعة لتعطيل تنظيم الانتخابات البلدية، في ظل تفاقم إشكاليات النيابات الخصوصية، وما تطرحه يوميا من مشاكل تنعكس على الواقع المعيش للتونسيين”، داعيا إلى تفعيل الفصل 7 من الدستور، المتعلق بالانتخابات البلدية والجهوية، “بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة”.
وردا على سؤال ل”وات” حول تجديد هياكل الحركة في ظل بقاء رئيسها، أوضح العرباوي، أنه “كان هناك إجماع وتوافق في المؤتمر العاشر للحركة على بقاء رئيسها، باعتباره شخصية رمزية وطنية
لعبت دورا توافقيا هاما، حتى على صعيد إقليمي ودولي”، مشيرا إلى أن “خيار التجديد صلب الحركة يقوده”، على حد قوله، “رئيس الحركة، رغم تباين واختلاف المواقف داخلها”.