تبرز الزيارة المشتركة الأولى التي يؤديها الوزراء الأول لبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ إلى تونس، المكانة التي تحظى بها لدى هذه الدول، والدعم الذي ما فتئت تقدمه لها خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي منذ سنة 2011، تحقيقا لمبادئ الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وأكدت دول “البينيلوكس” في بلاغ مشترك لها مع تونس، نشرته رئاسة الحكومة اليوم الاثنين على موقعها الرسمي، إلتزامها بمواصلة دعم مسار الانتقال السياسي في تونس على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، وإستعدادها لتمويل البرامج والمشاريع التي تهدف الى دفع التشغيل والتنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي، والوقاية من التطرف ودعم مسار الإصلاح الأمني والمالي.
فقد أبدت “دار التجارة” اللوكسمبورغية المختصة في الخدمات المالية، إستعدادها لتوفير الموارد المالية لدعم الإصلاحات التي قامت بها تونس في مجال المالية، كما تدعم اللوكسمبورغ بالتعاون مع البنك الأوروبي للاستثمار برنامجا للتمويلات الصغرى بتونس، يهدف إلى تحسين الإطار التشريعي وتنمية قدرات المؤسسات المختصة في هذا النوع من التمويلات.
كما عبر “معهد التكوين القطاعي في البناء” باللوكسمبورغ، عن استعداده لوضع برامج تكوينية في مجال النجاعة الطاقية بالتعاون مع شركائه التونسيين، في حين يدعم “معهد اللوكسمبورغ للعلوم والتكنولوجيا”، بالتنسيق مع المعهد العالي للعلوم التقنية للمياه بقابس، عددا من مشاريع البحث في مجال تحلية المياه بالطاقة الشمسية لتوفير الماء الصالح للشراب، في حين تساهم غرفة التجارة باللكسمبورغ في دعم التعاون بين القطاع الخاص بكل من اللكسمبورغ وتونس.
من ناحيتها، أكدت هولندا دعمها المتواصل للانتقال الديمقراطي في تونس، من خلال الاستمرار في تمويل عدد من البرامج في إطار التقدم الذي أحرزته تونس منذ 2011. كما سيواصل البلدان محاربة الفساد والتطرف والبطالة والتعاون في مجال أمن المطارات ومقاومة التطرف العنيف وتحسين مناخ الاستثمار.
وتدعم هولندا كذلك عدة مشاريع تهدف الى التصدي للأسباب العميقة للهجرة وانعدام الأمن والاستقرار، من خلال خلق مواطن الشغل للشباب، خاصة بجهات الكاف وباجة وجندوبة وسليانة، مع الالتزام بمواصلة التعاون في المجالات المذكورة خلال السنوات القادمة.
أما في ما يتعلق ببلجيكا، فقد أعلن الوزير الأول البلجيكي شارل ميشال، تحويل جزء من الديون التونسية لتمويل عدد من الاستثمارات بغاية إنعاش الاقتصاد التونسي. وابرز البيان المشترك تطور التعاون بين البلدين في مجال الدفاع، لتصبح تونس بذلك ثاني شريك لبلجيكا في هذا المجال إفريقيا.
كما إتفق البلدان في إطار الإصلاح في مجال الأمن، على التأسيس لشراكة بينهما من خلال تبادل الخبرات في ما يتعلق بإدارة الشرطة وإصلاحها. وتعتزم بلجيكا مواصلة التعاون مع تونس في مجال مكافحة التطرف العنيف ودعم العلاقات بين المرفق العمومي الفدرالي البلجيكي ووزارة الداخلية التونسية.
ويولي الوزراء الأول لدول “البينيلوكس” أهمية كبرى لاستعادة الاقتصاد التونسي نسق نموه ولخلق مواطن الشغل والاستثمار في القطاع الخاص، دعما للمكتسبات الديمقراطية في الفترة الانتقالية، داعين إلى تحقيق قفزة نوعية في العلاقات التونسية الأوروبية، تأخذ بعين الاعتبار تفرد التجربة الديمقراطية التونسية وخصوصيتها، إلى جانب التحديات التي تواجهها في الفترة الانتقالية الحالية، على ان يبقى التعاون بين الطرفين خاضعا لمبادئ الديمقراطية ودولة القانون واحترام الحريات الأساسية، بما فيها حقوق المرأة والأقليات.
وقد عبر رئيس الحكومة يوسف الشاهد والوزراء الأول لدول “البينيلوكس”، عن عزمهم المشترك لمزيد دعم التعاون بينهم، وتوحيد جهودهم لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة والتزامهم التام بذلك، مجمعين على أن الهجرة غير الشرعية تشكل تحديا هاما لبلدانهم، يستوجب التعاون بينهم بطريقة بناءة وعملية، لا سيما من خلال دعم التبادل في مجال الإدارة المشتركة والمثلى للهجرة.
كما أبرزوا ضرورة دعم الحوار السياسي ومواصلة التعاون في ما بينهم سواء على المستويين الثنائي أو الأوروبي، من خلال وضع إجراءات محددة تهدف الى مواصلة البناء الديمقراطي في تونس، ومجابهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها حاليا، معربين كذلك عن استعدادهم لاستكشاف فرص التعاون بينها في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال خاصة في إطار مشروع “BENELUX NUMERIQUE” .
من ناحية أخرى، إعتبر الطرفان أن الندوة الدولية للاستثمار “تونس 2020” التي انعقدت بتونس يومي 29 و30 نوفمبر 2016 ، مثلت محطة جد هامة ستمكن تونس من استعادة موقعها كوجهة تستقطب الاستثمارات الخارجية، مبرزين أهمية دعم الحركية المنبثقة عن الندوة وتشجيع المستثمرين على العودة للاستثمار بتونس، من خلال الالتزام باستكشاف جميع فرص التعاون بينهما عملا على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي ومناخ الاستثمار بتونس.
يشار إلى أن الوزراء الأول لدول منطقة البينيلوكس (بروكسيل وهولندا ولوكسمبورغ) وهم على التوالي شارل ميشال ومارك ريت وكزافيي بتال، يؤدون زيارة عمل إلى تونس يومي 5 و6 ديسمبر 2016 . وتأتي هذه الزيارة، غداة المؤتمر الدولي للإستثمار الذي إنعقد مؤخرا بتونس، وعلى إثر الزيارة التي أداها رئيس الجمهورية إلى بروكسيل، في إطار قمة تونس-الإتحاد الأوروبي، بما ن شأنه ان يفتح آفاقا جديدة للتعاون الثنائي مع هذه البلدان.