النهوض بأخلاقيات الشؤون الثقافية، وردع قطاعاتها وتصورات جديدة لتظاهرات ثقافية كبرى، ومراجعة التشريعات الخاصة بالإبداع والمبدعين وغيرها من النقاط، تحدث عنها محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية خلال ندوة صحفية انعقدت، اليوم الثلاثاء، بمقر رئاسة الحكومة بالقصبة.
و أفاد محمد زين العابدين، في هذا الصدد، أن إصلاح المنظومة الثقافية أضحى مسألة ضرورية وحاسمة لتدارك الصورة الراسخة عن الوزارة وتحسين مستوى الاخلاقيات العامة على مستوى العلاقة بين المواطن وأداء المرفق العمومي، مشيرا إلى أن تنظيم الندوة الصحفية بمقر رئاسة الحكومة عوضا عن مقر وزارة الشؤون الثقافية يعكس حرص حكومة الوحدة الوطنية على ايلاء هذا القطاع أهميته كبقية القطاعات الحيوية الأخرى وإيمانا منها بقيمة التعبيرات والتجليات الفكرية والثقافية في تغيير الواقع والارتقاء بالمواطن إلى حياة أفضل.
واستعرض وزير الشؤون الثقافية بالمناسبة أبرز ملامح مخطط العمل الثقافي (2016-2020) ومن ضمنها البرنامج الوطني “تونس مدن الفنون” الذي انطلق منذ شهرين وتضمن زيارات ميدانية لـ14 ولاية بهدف ترجمة مبدأ الحق في الثقافة إلى واقع يومي ملموس، وتمكين المواطن من ممارسة حقه في الثقافة إنتاجا واستهلاكا من خلال دعم مبادرات الجمعيات الثقافية التنموية وإطلاق “ساحات الفنون” لاحتضان مختلف الاختصاصات الفنية والعلمية والتكنولوجية.
وإلى جانب برنامج “تونس مدن الفنون” الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع وزارات التربية، وشؤون الشباب والمرأة والأسرة والطفولة، والتعليم العالي والبحث العلمي، والسياحة والصناعات التقليدية، والتنمية المحلية، والداخلية، والدفاع الوطني، أعلن محمد زين العابدين عن برنامج “تونس مدن الحضارات” الذي يهدف إلى تثمين التراث الوطني بمختلف اشكاله وتوظيفه لمزيد تنويع المنتوج السياحي ودفع حركة التنمية في الجهات من خلال تنظيم شبكة المتاحف الوطنية والجهوية في إطار مسلك متكامل للسياحة الثقافية والعمل على إبرام 50 عقد لاستغلال المعالم والفضاءات الثقافية والتراثية، ومن المنتظر الشروع في تنفيذ هذا البرنامج في مطلع سنة 2017 بتكلفة جملية تقدر بحوالي 2 مليون دينار.
وفي إطار التوجه نحو دعم القطاعات المتجددة وذات القيمة المضافة العالية والمحتوى المعرفي المرتفع، أدرجت وزارة الشؤون الثقافية ضمن مخططاتها مشروعا يقوم على بعث 200 فضاء ثقافي مستقل بهدف استغلال الإمكانيات التي يتيحها القطاع للاستثمار في الصناعة الإبداعية من خلال دعم المبادرات والمشاريع المستقلة لحوالي 200 شابا من حاملي الشهادات العليا مع التركيز على الجهات المشمولة بالتمييز الايجابي وعلى الأحياء الشعبية وأحزمة المدن الكبرى، وتبلغ التكلفة التقديرية لهذا المشروع 4 مليون دينار.
ويشمل مخطط الوزارة أيضا تصورا للشروع في استغلال الأقطاب الفنية لمدينة الثقافة بالعاصمة قصد هيكلة وتأهيل الفضاءات الثقافية والمجموعات الفنية على غرار الأوركستر السمفوني وأوبرا تونس للكوريغرافيا المعاصرة والتقليدية وذلك من خلال اعتماد آلية تشاركية بين القطاعين الخاص والعام في تحقيق أهداف التنمية، وسيتم على امتداد سنة 2017 إعداد النصوص التشريعية المتعلقة بهيكلة الأقطاب والمجموعات الفنية بمدينة الثقافة، وتقدر كلفة هذا المشروع بمليون دينار.
أما “تأهيل الهياكل العمومية الثقافية” في برنامج عمل الوزارة فسيقوم مبدئيا على إعداد وتفعيل النصوص التشريعية الخاصة بتنظيم مؤسسات العمل الثقافي وتحيين قائمة المؤسسات التي تتطلب التدخل بعنوان التأهيل والتهيئة حسب الأولوية، ويهدف هذا المشروع، المقدرة تكلفته 5 مليون دينار، بالأساس إلى تفعيل دور مؤسسات العمل الثقافي في تكريس لا مركزية الفعل الثقافي المنصوص عليه بالدستور الجديد فضلا عن تأهيل البنية التحتية والتجهيزات لحوالي 100 دار ثقافة من مجموع 220 وتأهيل تجهيزات عشرة معاهد جهوية للموسيقى.
وبشأن التظاهرات الثقافية الكبرى، أبرز وزير الشؤون الثقافية أنه سيتم إعداد تصور جديد لهذه التظاهرات التي ستأخذ فيها الجهات نصيبا هاما، مشيرا أنه سيقع تأجيل تنظيم كل من أيام قرطاج السينمائية وأيام قرطاج المسرحية إلى سنة 2018 لرصد رؤية جديدة لهذه المهرجانات التي من المنتظر أن تحتضنها مستقبلا الجهات، ومقابل ذلك سيتم تنظيم أيام الكوريغرافيا والرقص وأيام الفنون التشكيلية وأيام الشعر والأدب، باعتبار أن هذه الاختصاصات الثقافية لا تقل قيمة عن التعبيرات الفنية الأخرى كالمسرح والسينما.
وفي ما يتعلق باستضافة تونس لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي الذي تنطلق فعاليته غدا الأربعاء على امتداد يومين، أوضح محمد زين العابدين أن اختيار موضوع “الإعلام الثقافي في الوطن العربي في ضوء التطور الرقمي” محورا رئيسيا للمؤتمر يؤكد من جديد العلاقة التفاعلية والوثيقة بين الإعلام والثقافة داعيا الصحفيين المختصين في الإعلام الثقافي إلى مواكبة فعاليات وأشغال هذا المؤتمر والمساهمة في إنجاحه وتبادل الخبرات مع المثقفين والإعلاميين العرب.