اعتبر خبراء وأساتذة في القانون العام، أن الدعوة إلى منع عودة الإرهابيين التونسيين إلى أرض الوطن أو سحب الجنسية عنهم، يدخل في خانة الشعبوية ولا علاقة له بأحكام التشريعات الوطنية او الدولية”.
وقدموا في تصريحات خصوا بها وكالة تونس إفريقيا للأنباء، حلولا قانونية يمكن بمقتضاها “تتبع الجناة” وهي تطبيق القانون الوطني المتعلق بالإرهاب أو وضعهم تحت المراقبة الإدارية، عبر ما يعرف بالشرطة الإدارية أو رفع قضايا ضدهم لدى المحكمة الجنائية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وفي هذا الشأن حذر عياض بن عاشور، أستاذ القانون العام المختص في النظريات السياسية الإسلامية، من مغبة “التلاعب أو المساس بالمبادئ العامة المضمنة بدستور الجمهورية الثانية”، من ذلك ما نص عليه الفصل 25 من الدستور الذي جاء فيه أنه “يحجر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن”.
ولاحظ أنه رغم عدم استحالة إدخال تحويرات على الدستور أو تنقيحه، مثلما يدعو إلى ذلك عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين، فإن “الأمر خطير بالنظر إلى أنه يؤدي إلى توخي منهاج مماثل لذلك الذي سلكه النظام الإستبدادي، بتعديل الدستور لتحديد المدد الرئاسية”، مشيرا إلى “ما يميز الدستور، أعلى هرم القواعد القانونية، من قداسة تفرض النأي به عن التجاذبات السياسية واحترام مبادئه، مهما كانت الظروف والملابسات”، حسب تقديره.
وقال بن عاشور إن “الحل القانوني يكمن في متابعة الجناة والإرهابيين، على أساس قانون الإرهاب المؤرخ في 7 أوت 2015 والمتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، خاصة وأن الفصل 33 منه ينص على أن الإرهابي الذي ارتكب جريمة، سواء على التراب التونسي أو على تراب أجنبي، يدخل تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب ويحاكم وفق مقتضياته”.
وطرح مسألة سحب الجنسية التي يتم تنظيمها بمقتضى اتفاقيتين دوليتين اعتمدت الأولى سنة 1954 والأخرى سنة 1961 وينص كلاهما على أنه ليس من حق أي دولة سحب الجنسية عن أي شخص، إذ يؤدي هذا الإجراء إلى إفراز ما يعرف ب”عديمي الجنسية”، مما يثير عديد الإشكاليات القانونية.
واعتبر أساذ القانون العام أن “المشكل الأساسي في ما يتعلق بعودة الإرهابيين من بؤر النزاع والتوتر، يطرح على مستوى تقديم الأدلة والحجج الخاصة بالفعل الإرهابي وتكييفه”، مقترحا في هذا السياق أن يتم “التنسيق مع الجهة التي ارتكب فيها الفعل الإرهابي، سواء كانت سوريا أو ليبيا أو العراق”.
وقال بن عاشور في هذا الصدد: “ليس كل شخص توجه إلى سوريا أو العراق، هو بالضرورة إرهابي”، مشيرا إلى إمكانية تفعيل آلية المراقبة المتمثلة في “الشرطة الإدارية التي تسمح لإدارة الأمن الوطني بتتبع كل من تحوم حولهم شبهات”. واقترح أيضا أن يتم تتبع الإرهابيين لدى المحكمة الجنائية، باعتبار أن “الجرائم الإرهابية هي جرائم ضد الإنسانية وهي بالتالي وبالنظر لخطورتها، مصنفة كجرائم حرب”.
ومن جانبه أوضح جوهر بن مبارك، أستاذ القانون الدستوري ومنسق “شبكة دستورنا” في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن “مسالة عودة الإرهابيين تطرح اليوم في تونس، بصورة مضخمة ومهولة وهي تتعلق أساسا بالتغطية على خيارات سياسية خاطئة اعتمدت لمدة 3 سنوات وأدت إلى تورط أجهزة رسمية وجهات حزبية نافذة في المشهد السياسي اليوم، في شبكات ترحيل الشباب التونسي إلى بؤر التوتر ودعمهم لوجستيا وماديا”، من وجه نظره.
وذكر أن عدد الإرهابيين التونسيين العائدين من بؤر التوتر، لا يتجاوز العشرات، “باعتبار أن جزءا كبيرا منهم قد قتل في المعارك الدائرة في مناطق النزاع، كما أن القيادات المنتمية لما يسمى بتنظيم “داعش” أو “جبهة النصرة”، لن يعودوا إلى تونس، إنما سيتحولون إلى العراق والصومال وأفغانستان، حيث مازالت المعارك طويلة”.
وتابع بن مبارك قوله: “إن عدد الإرهابيين الموجودين اليوم في الجبال وفي الأحياء الشعبية والخلايا النائمة، يفوق بكثير العائدين المحتملين من بؤر التوتر”، مشيرا إلى أن “الخطر الأكبر يكمن في كيفية التعاطي مع هؤلاء الإرهابيين، لما تتسم به المسألة من طابع سياسي”.
كما بين أن القانون الأساسي لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال، هو المرجع القانوني لمحاكمة الإرهابيين التونسيين ومقاضاتهم، واصفا الجدل حول هذه المسألة ب”العقيم”، إذ “لا يمكن لأي أحد كان، أن يمنع عودة هؤلاء الإرهابيين إلى تونس أو أن يسقط عنهم الجنسية”، حسب ما جاء على لسانه.
وفي سياق متصل أكد أستاذ القانون الدستوري في تصريحه هذا أن “مجرد الإنتماء إلى مجموعة إرهابية، فإن الملاحقة تكون على أساس الجنسية لا حسب مكان الإنتماء أو موقع ارتكاب الجريمة، على عكس ما ذهب إليه عدد من المحللين السياسيين الذين دعوا إلى عدم عودة الإرهابيين وتمسكوا بمبدإ ترابية القانون الجزائي”.
ولدة تطرقه إلى إشكالية إيواء الإرهابيين العائدين، أثار جوهر بن مبارك مسألة “إكتظاظ السجون التونسية التي تستقبل اليوم 3 مرات طاقة إستيعابها، نتيجة سياسة جزائية قال إنها “غير فعالة”، خاصة في ما يتعلق بجرائم المخدرات والصكوك دون رصيد”، ملاحظا أن نسبة المساجين في هذه القضايا تمثل أكثر من 50 بالمائة من جملة الموقوفين والمسجونين.
واعتبر أن “إفراد الإرهابيين، بعد محاكمتهم، بفضاءات خاصة، لا يمكن أن يشكل الحل المناسب وأن تجربة سجن المرناقية الذي ضم 1200 إرهابي تم عزلهم عن بقية السجناء، لم تكن ناجحة، بالنظر إلى تمرد هذه العناصر على الأعوان”، موضحا أنه “لا يوجد في تونس أي برنامج للقضاء على التطرف لدى المجموعات الإرهابية المسجونة، وذلك خلافا لدول مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا”.
وقال إن “منظومة الوعظ والإرشاد المعتمدة في تونس أثبتت فشلها الذريع، لأنها أدت إلى مزيد من التعصب الفكري والإيديولوجي واثبات قدرة الجماعات الإرهابية على مجادلة وإقناع الوعاظ والمرشدين”، وفق بن مبارك الذي صرح في الختام بأن “أجهزة الأمن والمخابرات التونسية لديها قائمات متكاملة في العناصر التي توجهت إلى بؤر التوتر”.
“ليس كل شخص توجه إلى سوريا أو العراق، هو بالضرورة إرهابي”
ممكن ذهب في رحلة صيد أو سياحة هههه
سياسيونا أنذال يطبقون ما يأمرهم به الغرب سيسجل التاريخ أنهم خونة باعوا الوطن
ربما ربحنا حرية التعبير لكننا خسرنا السيادة و استقلال القرار