اجرى الحوار سلوى القلمامي وامال مقنم/ أكد، وزير التربية، ناجي جلول، أن العودة الى طاولة المفاوضات مع النقابات واحترام اختصاص كل طرف هو الحل الوحيد لتحسين مردود المؤسسة التربوية وتجاوز الخلافات القائمة.
وأضاف، ناجي جلول، في حوار خص به وكالة تونس افريقيا للانباء، الخميس، أن “الوزارة تجمعها علاقة متميّزة مع الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره الشريك الفعلي في عملية الاصلاح التربوي” مؤكدا أنه لا مجال للتراجع عن مسار اصلاح المنظومة باعتباره ضرورة حتمية.”
وأشار الى “أن وزارة التربية هي من أكثر الوزارات التي تفاعلت مع النقابات بكل موضوعية وقامت بإيجاد الحلول للعديد من الملفات الشائكة” معتبرا أن “التحركات الاحتجاجية الاخيرة حق دستوري يجب احترامه”.
واعتبر في المقابل أن “كثرة الاضرابات والاحتجاجات لا تخدم مصلحة المؤسسة التربوية العمومية ومسار الاصلاح الذي انطلق منذ أشهر عديدة بمشاركة جميع الاطراف المتدخلة في القطاع”.
وأوضح ناجي جلول أن “التوفيق بين جميع الاطراف يعد أمرا صعبا باعتبار أن وزارة التربية لم تصارح الشعب التونسي بحقيقة تردي أوضاعها الا مؤخرا حيث كانت هذه المسائل تندرج في اطار المواضيع المسكوت عنها”.
وشدد، على “ضرورة الوعي بحقيقة تراجع مستوى المدرسة التونسية سيما و أن 100 ألف تلميذ يغادرون المدارس سنويا بما يجعل مسؤولية الاصلاح مسؤولية جماعية ليس للوزارة الحق في الفشل فيها” مؤكدا على “حتمية عودة الثقة في قدرات المؤسسة التربوية والمساهمة الفاعلة في الاقلاع من جديد بالمدرسة العمومية”.
ولاحظ، في سياق متصل، أن “سلك التعليم يتضمّن إطارا تربويا مميّزا وله سمعة طيبة ساهمت في بناء المنظومات التربوية، في بلدان الخليج وبلدان المغرب العربي”، مبينا أن رسالته منذ توليه الوزارة “هي تحسين الوضع المادي والمعنوي للمربي من خلال الانطلاق في ايجاد حلول في مجالات السكن والنقل والتغطية الصحية والنهوض بالمنظومة التربوية”.
وأفاد “أن الوزارة قامت بعديد من الإجراءات الهيكلية والتنظيمية، على مستوى البنية التحتية ومراجعة منظومة التقييم وتمكين عدد هام من التلاميذ المنقطعين من الرجوع إلى مقاعد الدراسة الى جانب اجراءات أخرى تتعلق بـ”احداث مجلس المؤسسة الذي يهدف الى الإصغاء لمقترحات التلاميذ والاولياء والمربين وارائهم”.
واعتبر أن “تشريك الاولياء في مجلس المؤسسة هو حق دستوري وجزء من عملية الاصلاح التربوي” قائلا ان الوزارة “لن تتراجع عن هذا القرار خاصة وأن الولي يدفع الضرائب وله الحق في مراقبة هذا المرفق العام”.
وبين في هذا الصدد، أنه “سيقع تفعيل الاتفاق مع نقابة التعليم الثانوي مع بداية سنة 2017 لانجاز مجالس المؤسسة باعتباره خيار مسار الاصلاح التربوي الذي وقعته جميع الاطراف المشاركة في لجان الاصلاح”.
وقال ان الوزارة انطلقت أيضا في اعتماد إصلاح وصفه بـ”الهام والجذري والثوري” يتمثّل في “تركيز الإدارات المحلية للتربية في كل معتمدية، والتي ستكون مهيكلة لتقريب الخدمات للأساتذة والتلاميذ وعلى اتصال مباشر مع الأولياء الى جانب ديوان الخدمات المدرسية الذي يهتم بأكلة التلميذ ومبيته ونشاطاته الثقافية”.
كما تطرق، الى اصلاح هيكلي آخر وهو “إلغاء العمل بنظام الفصول ذات الفرق”، الذي اعتبره “إحدى كوارث المنظومة التربوية المؤدية للانقطاع المدرسي” مبرزا أن “هذا الاجراء يعد تكريسا فعليا وميدانيا لمبدأ دستوري وهو مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص”.
واوضح، في السياق ذاته، أن “الاصلاح التربوي في تونس عملية ثقيلة وتطبيقه على أرض الواقع يتطلب اجراءات جريئة وعاجلة” مبديا تفهمه “للانتقال المفاجئ فى النظام الدراسي، والضغط الذي يعيشه تلاميذ المعاهد الثانوية والاعدادية”.
وفسر، الوزير، أن “نظام السداسيات الذي تم اعتماده بداية من السنة الدراسية الحالية سيتواصل خلال السنوات القادمة خصوصا وأنه نظام معمول به لدى أرقى المنظومات التعليمية في البلدان المتقدمة” مبينا أن “المبدأ العام للوزارة يتمثل في ارساء برامج تعليمية جديدة واعداد كتب مدرسية تتماشى والمناهج الجديدة الهادفة الى التقليص من المواد الدراسية ومن ساعات الدراسة”، حسب تعبيره.
وفي ما يتعلق بصيغ الانتداب في سلك التعليم بيّن الوزير أن “وزارة التربية قطعت مع الانتدابات المباشرة وأن عملية الانتداب تمر فقط عبر مدارس تكوين المدرسين بالتعليم الابتدائي والاعدادي والثانوي التي فتحت أبوابها من جديد” مشيرا الى أن هذا “الاجراء سينعكس ايجابيا على العملية التربوية”.
وأبرز، في ذات الشأن، أن “الوزارة رصدت اعتمادات هامة للتكوين من خلال فتح مركز دولي في الغرض في ضفاف البحيرة بامكانيات رقمية كبيرة”.
وبخصوص نظام المناظرات الوطنية، أعلن الوزير أنه “سيتم اجراء امتحان وطني موحد غير اشهادي في نهاية السداسي الثاني من السنة الدراسية الحالية، بالنسبة لتلاميذ السادسة والتاسعة أساسي، موضحا أن “هذا الاجراء لن يلغي المناظرتين المتعلقتين بالدخول الى المدراس والمعاهد النموذجية التي ستجرى بصورة عادية وبصفة اختيارية ولن يؤثر عليهما”.
وأضاف، أن “قرار اجراء امتحان وطني موحد سيكون استثنائيا بالنسبة للسنة الحالية فقط” مشيرا الى أنه “يندرج في اطار ايجاد محطات تقييمية في كل مرحلة وتكافؤ الفرص في كل الجهات ويهدف الى معرفة متطلبات المدارس من الناحية البيداغوجية والتربوية والمادية”.
وأعلن، في هذا الصدد، أن “اجتياز مناظرتي الدخول للمدارس والمعاهد النموذجية سيكون اجباريا انطلاقا من السنة الدراسية المقبلة”.
وفي ما يتعلق بالجدل القائم حول ملف العائدين من بؤر التوتر، أكد، ناجي جلول، على “ضرورة ايجاد مخرج دستوري وحل قانوني بتوافق مع مجلس نواب الشعب لتجريدهم من الجنسية التونسية باعتبارهم ارتكبوا جرائم وشوهوا سمعة تونس وقاتلوا تحت رعاية دول أجنبية”.
وقال، انه “آن الاوان لمحاسبة من تسبب في تسفير هؤلاء الى بؤر التوتر من منظمات وشخصيات مثلما تمت محاسبة من ارتكب تجاوزات في عهد بن علي” معتبرا “أن ذلك سيمكن من التوصل الى مصالحة وطنية حقيقية”.
ودعا “مختلف مكونات المجتمع المدني والاحزاب السياسية الى ضرورة النأي بهذا الملف عن التجاذبات السياسية التي من شأنها أن تزيد الامر تعقيدا”.
وبخصوص أزمة حركة نداء تونس، اعتبر الوزير أن “الحزب بحاجة الى مشروع سياسي جديد وقيادة جديدة بالنظر الى أنه يعيش حاليا أزمة قيادة”، مؤكدا أنه “بامكانه العودة الى مرتبة الحزب الاغلبي في البلاد باعتبار ثقل وزنه على الساحة الوطنية”.
واعتبر، في سياق متصل، أن “الاغلبية الحاكمة غير متجانسة ويجب التفكير في اعادة ترميم الوضع السياسي”.