أجمع المتدخلون في الندوة الحوارية التي إلتأمت اليوم السبت بضاحية قمرت، بمناسبة الذكرى السادسة للثورة التونسية تحت عنوان “6 سنوات في مسار الثورة التونسية: الأولويات والتحديات”، على أهمية التركيز على الجانب الاقتصادي والتنموي في تونس، بعد مضي ست سنوات على الثورة، باعتباره الجانب الذي لم تتحقق فيه إنجازات تذكر، وفق تقديرهم.
فقد اكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، أن المكاسب التي تحققت للشعب التونسي مهمة، لكن الثورة ستظل مستمرة من اجل رفع التحديات الماثلة بما فيها التحدي الأمني والتحدي الاقتصادي، معتبرا أن التحدي الاقتصادي هو أكبر من التحدي الأمني، لأنه بترسيخ تنمية حقيقية تزيل الفوارق بين الجهات والفئات الاجتماعية، يمكن مواجهة التحديات الأمنية، قائلا في هذا الصدد “إن تمسكنا بشعارات الثورة ومبادئها سيمكننا من الانتصار على الإرهاب والتخلف بكل أشكاله”.
من جهته، لاحظ أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا شكندالي، أن تونس “لا تزال ترزح بعد 6 سنوات من الثورة تحت نسب نمو عقيمة متأتية من القطاع العام”، مبرزا ضرورة أن يضطلع القطاع الخاص بدوره في التنمية ودفع النمو الاقتصادي، وبالتالي تحقيق نسب نمو مهمة ودعم التوازنات الداخلية والخارجية.
أما رفيق عبد السلام، عضو حركة النهضة ورئيس مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية، فقد إعتبر أن ست سنوات بعد الثورة ليست بالمدة الطويلة في مسار الثورات، لكنها تمثل محطة مهمة لتقييم هذه التجربة بمكتسباتها وعقباتها، مؤكدا ان التجربة التونسية كانت ناجحة على الصعيد السياسي، لكن التحدي الرئيسي المطروح الآن هو ذو طبيعة تنموية اقتصادية وأمنية.
من ناحيته، قال مهدي مبروك وزير الثقافة الأسبق ورئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس، “إنه لم يعد ممكنا الآن العودة للحديث عن مصطلحات الثورة، لأن الثورة إذا تأبدت أصبحت استبدادا”، معتبرا أن الانتقال الديمقراطي أصبح راسخا في جانبه السياسي، لكن الانتقال الاقتصادي والاجتماعي ما زال يعاني من العديد من التحديات التي يتعين رفعها كالتنمية المستدامة في الجهات و التشغيل و النمو الاقتصادي، وهو ما جعل الحصيلة التنموية “مخيبة جدا لآمال الشباب والعديد من الجهات، وهو ما قد يؤدي الى تسلل الثورة المضادة من خلال الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية”، حسب رأيه.
وأفاد فيصل دربال، المستشار الاقتصادي لدى رئيس الحكومة، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، بأنه لا يمكن تحقيق منوال التنمية الخماسي (2016 – 2020) الذي قدمته الحكومة السابقة، نظرا لعدة عوامل أبرزها افتقاره إلى إطار اقتصادي وقيامه على فرضيات قد تجاوزتها الأحداث والإمكانيات.
وبين أن تونس تعاني من عجز في الميزان التجاري يقدر ب6ر12 مليون دينار خاصة مع تركيا والصين، وتعاني من تضخم حجم الدين الخارجي الذي وصل إلى 55 مليون دينار، بالإضافة إلى ضعف الإنتاجية وعدم القدرة على التنافسية في الأسواق الخارجية، وعجز في رأسمال البنوك العمومية ب2 مليار دينار، مما يجعل منوال التنمية المقترح غير قابل للتحقيق، وفق تقديره.
يشار إلى أن هذه الندوة من تنظيم مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس.