قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إنه بقدر النجاح الذي حققته تونس في مجال الانتقال السياسي الديمقراطي، إلا انها أخفقت في تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية التي قامت من أجلها الثورة ، وهو ما أكدته الاحتجاجات التي تشهدها بعض الجهات، داعيا المحتجين الى الحفاظ على الطابع السلمي لاحتجاجاتهم ومعربا عن تفهم الحكومة لمطالبهم المشروعة بعد مضي ست سنوات على الثورة.
وتعهد الشاهد، لدى إشرافه مساء اليوم السبت، على لقاء تفاعلي مع طلبة المعهد التحضيري للدراسات العلمية والتقنية بسيدي بوسعيد، بأن تكون سنة 2017 سنة مكافحة البطالة والتقليص في نسبها بشكل ملموس، وسنة القضاء على الأكواخ مع موفى سنة 2019 ،عبر تفعيل مبدأ التمييز الإيجابي لفائدة الجهات المهمشة والفقيرة والنائية، ضمانا لحق تكافؤ الفرص بين الجهات والفئات، وبهدف “إرجاع الحلم والأمل الى كل التونسيين”.
وأكد أن السبب الكامن وراء الفشل الذريع في تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية، يعود بالاساس الى غياب اصلاحات اقتصادية جوهرية، وهو ما يستدعي الانطلاق في الاصلاح الفعلي عبر النهوض بدور الدولة في التشغيل، من خلال دفع النمو الذي يساعد على دعم الاستثمار، وخلق السياسات النشيطة في التشغيل عبر “عقد الكرامة” الذي يرمي الى انتداب 25 الف شاب، وتمتيعهم بجراية شهرية بقيمة 600 دينار، بالاضافة الى تمكينهم من برامج تكوينية مستمرة.
وأضاف ان الاصلاحات الاقتصادية، تتمثل كذلك في التسريع في برنامج تعصير الادارة وتقليص الاجراءات الادارية، وتمويل الاقتصاد خاصة في بعض القطاعات كالفلاحة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وإقرار برنامج لإعادة هيكلة المؤسسات العمومية بما فيها البنوك العمومية بهدف تفعيل مردوديتها المالية، مشيرا الى ان الندوة الدولية للاستثمار التي احتضنتها تونس في موفى نوفمبر الفارط، ساهمت في تمويل البرامج التنموية بشروط ميسرة تراعي المالية العمومية.
وأقر الشاهد بعدم قدرة الدولة على الاضطلاع بكل الاصلاحات الاقتصادية بمفردها، باعتبار ان التحديات المطروحة جسيمة وتتطلب تضافر جهود القطاع العام والقطاع الخاص وتفعيل الاقتصاد الاجتماعي التضامني، مشددا على ان التنمية في الجهات تعد أولوية الحكومة المطلقة وجوهر العقد الاجتماعي لسنة 2017 ، وهو ما يتجلى بالخصوص في قرار الحكومة بعث 13 مستشفا جهويا جديدا ضمن قانون الطوارئ الاقتصادي، واحكام توزيع الادوية على الخارطة الصحيةن واقرار جملة من مشاريع البنية التحتية لفك العزلة عن المناطق الداخلية .
واعتبر ان القطاع الفلاحي يساهم ب 10 بالمائة فقط من الناتج القومي الخام ولا يساهم بفاعلية في النهوض بالاقتصاد، وهو ما استوجب اقرار جملة من الاصلاحات المتأكدة لدفع القطاع ودعم الفلاحين، من ذلك إعداد خارطة فلاحية جديدة لتوزيع الاراضي على الفلاحين وفق حاجياتهم وحسب خاصيات كل جهة، يكون جزء منها في إطار الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والجزء الاخر في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالاضافة الى تفعيل قانون “السماء المفتوحة” (open sky) لدفع قطاع السياحة سنة 2017
في سياق آخر، أكد رئيس الحكومة ان مواجهة ظاهرة الارهاب تقتضي إصلاح المنظومة الأمنية وهو ما تجلى بالخصوص في بعث المركز الوطني للاستخبارات وصياغة استراتيجية وطنية لمكافحة التطرف والارهاب، نافيا في هذا الصدد وجود “قانون للتوبة” خاص بالإرهابيين التونسيين العائدين من بؤر التوتر كما يعتقد البعض، أو ابرام اي إتفاق مع اي بلد تنظم عودتهم، مشددا على انهم يمثلون خطرا على الامن القومي وستتم مكافحتهم وفق قانون مكافحة الارهاب ومنع غسل الاموال.
كما أفاد بانه تم اختيار الطلبة من مختلف جهات البلاد لاجراء هذا اللقاء التفاعلي، لانهم نموذج للشباب الناجح الذي تعول عليه تونس في المستقبل لأخذ المشعل ومواصلة مسيرة الاصلاح والبناء، مبرزا أهمية خلق جيل من الشباب يكون قياديا وفاعلا صلب الاحزاب والمجتمع المدني، وحاثا الشباب التونسي على الانخراط في الحياة السياسية والمساهمة في الحياة العامة، بما يتيح لهم التعبير عن قناعاتهم وتوجهاتهم بحرية، ويؤهلهم لاحتلال مناصب عليا صلب الدولة وقيادة البلاد، قائلا في هذا الصدد “الثورة ملك لكل التونسيين وهي كذلك ثورة في العقول .. لو تم تأطير الطاقات الشبابية بطريقة أفضل لحققت تونس الكثير”.
ولاحظ ان كل التونسيين ينحنون اليوم إجلالا لضحايا الثورة في ذكراها السادسة، بعد ان اصبحت تونس بلدا تنعم بالحرية والديمقراطية، مذكرا بانها البلد الوحيد الذي نجح في تجربته الديمقراطية، حيث توفق في صياغة دستور يضمن الحقوق والحريات والتعددية ويكرس الفصل بين السلط ويعيد السيادة للشعب، وهو ما أهل تونس لأن تحتل المراتب الأولى في مجال الحريات العامة وفي مقدمتها حرية التعبير والصحافة وحرية المرأة.
يشار الى ان هذا اللقاء التفاعلي مع طلبة المعهد التحضيري للدراسات العلمية والتقنية بسيدي بوسعيد، الذي واكبته عديد الشخصيات السياسية والتربوية والثقافية والاعلامية، جاء تكريما لشهيد الثورة التونسية، حاتم بالطاهر الذي كان زاول دراسته بهذا المعهد وتولى التدريس فيه، والذي استشهد بقابس يوم 12 جانفي 2011 إبان أحداث الثورة.