نشر المؤرخ عبد الجليل التميمي تفاصيل وملابسات تحوّل بن علي الى المملكة العربية السعودية على لسان العقيد محمود شيخ روحو قائد الطائرة التي أقلّته الى جدة.
وفي ما يلي نص المقال الذي نشره:
لقد أكدنا أكثر من مرة أن الثورة التونسية لم تبح لنا بكل أسرارها وخباياها، وقد عشنا هذه الأيام الأخيرة جدالا واسعا ومتقاطعا جدا حول الثورة التونسية وبروز قوى الاستبداد الطرابلسي مدعما بقوى الردة ورجوع التجمعيين بكل قوة عبر إعلامنا البائس والذي تنكر لمبادئ الثورة. وقد حرصنا على الدوام على استشراف مواقف الفاعلين عبر تنظيمنا لسمينارات الذاكرة الوطنية الأسبوعية والتي بفضلها تمكننا من إثراء قاعدة البيانات التي أنشأناها منذ عقدين اليوم. وقد جدولنا أسماء العديد من الشخصيات القريبة من الأحداث خلال الثورة ومن بينهم الجنرال علي السرياطي الذي وعدنا بإفراد مؤسستنا دون غيرها بإبداء شهاداته الكاملة حول الثورة. كما أن العديد من الشخصيات الأخرى مثل الجنرال رشيد عمار والحبيب عمار سيمداننا بشهادتيهما.
أما سمينار هذا الأسبوع فقد تفضل العميد محمود شيخ روحو قائد الطائرة التي نقلت بن علي إلى جدة مساء 14 جانفي 2011، سيمدنا كيف أن المدير العام للشركة التونسية سي الشتالي طلب منه تهيئة الطائرة الرئاسية بالسرعة الفائقة، مشددا على توفير عدد ضئيل من الموظفين لنقل زوجة الرئيس وتوجهها إلى جدة. وقد طلب من القائمين الفنيين الاستعداد لذلك مع الطيار القائد و2 طيار مساعدين لتأمين الرحلة، وعلى الساعة الخامسة بعد الزوال أعددت الطائرة من القاعدة العسكرية للعوينة، وكان من المستحيل الحصول على الوثائق الضرورية والتزود بالوقود في ظروف أمنية عادية ولدى وصول بن علي وأفراد عائلته وهم: زوجته وابنته حليمة وخطيبها وابنه محمد وسيدتان آسيويتان كانتا الحاضنتين ورجل وسيدة أخرى بدت لنا أنها إحدى أخوات بن علي.
ويضيف سي شيخ روحو: كان المتوقع وصول أفراد العائلة الذين تم إيقافهم في مطار تونس قرطاج من طرف السيد سمير الطرهوني، وعليه تم استعدادات السفر حوالي السادسة والنصف. وساعئذ تحصلنا على الوثائق لمواصلة الرحلة في اتجاه جدة. ولدى وصولنا إلى المطار كان النزول دقيقا في ظروف جوية صعبة، حيث تعرضنا إلى زوابع ونزول أمطار قوية جدا، وقد طلب منا بن علي قبل مغادرة الطائرة، أن نتوجه للاستراحة في النزل وأنه سيتصل بنا لإعداد رجوعه لتونس ولكن على إثر النزول، واطلاع بن علي على الوضعية التونسية، اتخذ قرار الرجوع لتونس، إلا أني عند اتصالي بالمدير العام السيد الشتالي أعطيت الإذن بعودة الطائرة. وقد حللنا بمطار تونس على الساعة 5 صباحا وسلمنا الطائرة وكل الأجهزة إلى أحد مسؤولي الجيش الذي استقبلنا على إثر رجوعنا وحررنا محضر التسليم.
ذلك هو موجز الرحلة التاريخية والتي حينها أسدل الستار على حكم بن علي تماما. وسي محمود شيخ روحو من مواليد صفاقس في 10 أكتوبر 1951، وبعد أن أتم تعليمه الثانوي بالمعهد العلوي بتونس بالحصول على شهادة الباكالوريا، قُبل في مدرسة الطيران المدني والرصد الجوي ببرج العامري وتخرّج منها سنة 1975 بإجازة قائد طائرة مهني. وانتدب سنة 1976 كقائد طائرة مهني في تونس الجوية وأجرى تربصا على طائرة Boing 737 والخطوط دنفر Denver وفي فيفري 1977 بدأ التكوين كقائد في تونس الجوية، وفي 1980 بداية التربص على قيادة طائرة Boing، وفي سنة 1992 تم استقبال الطائرة الرئاسية وسنة 2005 عين كمدير مسؤول للرحلات الرئاسية.
وقد ذكر لي سي محمود شيخ روحو أن تداعيات هذا الحادث كانت سلبية عليه شخصيا. ومؤملين أن يمدنا بحصيلة هذه الممارسات السلبية على ترقيته.