صادق نواب المؤتمر 23 للاتحاد العام التونسي للشغل، في ساعة متأخرة من ليلة الاربعاء/الخميس، على اللوائح الخمس للمؤتمر، وهي “اللائحة العامة” و”لائحة الصراع العربي الصهيوني” و”لائحة الهجرة” و”اللائحة المهنية”، بالإضافة إلى “اللائحة الداخلية”.
وعبر نواب المؤتمر، في ما يخص “اللائحة العامة”، عن انشغالهم إزاء الظرف الدقيق الذي تمرّ به البلاد بعد الثورة، وهي حالة وُصفت في هذه اللائحة “بعدم الاستقرار السياسي” واتسمت “بتجاذبات وأزمات وإخفاقات على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
وشدد نواب المؤتمر على المسارعة بإرساء الهياكل الدستورية، وتفعيل التمييز الإيجابي للجهات الداخلية، وحماية الحريات الفردية والعامة وحرية الإعلام، فضلا عن التسريع بالمصادقة على القانون الانتخابي الخاص بالمجالس البلدية والجهوية والإقليمية، وضبط سياسة خارجية تحدد العلاقات الدولية والإقليمية على أساس احترام السيادة الوطنية.
وسجّل النواب في هذه اللائحة ما اعتبروه استمرار “الهجمة الشرسة” على القطاع العام، والدفع نحو خوصصة مؤسساته، و”استشراء الفساد” وضعف المنظومة القانونية لمقاومته، مشيرين إلى تفشي التهرب الضريبي مقابل سياسة جبائية غير عادلة، خاصة في حق الأجراء، وتدهور الوضع الاقتصادي بالبلاد، وارتفاع المديونية العمومية.
وطالبوا بمراجعة السياسات العمومية والبرامج الموجهة إلى المؤسسات بتقييم جدواها وإضفاء مزيد من النجاعة عليها، موصين بوضع إستراتيجية وطنية لمقاومة الفساد وبإرساء مقومات الحوكمة الرشيدة والشفافية المالية والإدارية، وتدعيم ثقافة المساءلة، إلى جانب إرساء منظومة جبائية فعالة تجرّم التهرب الضريبي وتكرس العدالة الضريبية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، سجلت اللائحة العامة تفاقم ظاهرة البطالة وتزايد أشكال التشغيل الهش وفشل السياسات المتبعة في تقليص الفوارق الاقتصادية بين الجهات والأفراد، مع تواصل أزمة الصناديق الاجتماعية. وتمت مطالبة مجلس نواب الشعب بالإسراع في المصادقة على المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وتفعيله، إلى جانب تطبيق جميع الاتفاقيات الممضاة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، وفتح حوار جدي ومسؤول حول راهن الصناديق الاجتماعية ومستقبلها وفق ما هو مضمّن بالعقد الاجتماعي، فضلا عن مراجعة السياسات الاجتماعية التي تستهدف الفئات المهمشة والمفقرة.
أما بخصوص الوضع الأمني، فقد أشارت اللائحة إلى تصاعد وتيرة الإرهاب وخطورتها على أمن التونسيين وعلى مستقبل البلاد، مثمنة ما حققته الأجهزة الأمنية والعسكرية في مقاومة هذه الآفة.
وطالبت، في المقابل، بوضع إستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب، وكشف ملفات الاغتيالات السياسية وشبكات تجنيد الإرهابيين وتسفيرهم إلى بؤر التوتر وتفكيكها، مع ضرورة دعم حقوق الأمنيين والعسكريين، خاصة الشهداء منهم وعائلاتهم.
وفي ما يتعلق بالمجال الثقافي والإعلامي، دعا نواب المؤتمر إلى ضمان حرية التعبير والإعلام، واحترام أخلاقيات المهنة ومراجعة المرسومين 115 و116 المتعلقين بتنظيم قطاع الصحافة والنشر والإعلام السمعي البصري، وإحداث وكالة للإشهار، وصندوق لدعم الصحافة، وخاصة المكتوبة منها.
وشدّد المؤتمرون أيضا على ضرورة توظيف جميع الإمكانيات المتاحة لتكريس التعددية الثقافية في مختلف الفنون لأهمية دور هذا القطاع في مكافحة الإرهاب، داعين إلى إعادة هيكلة مؤسسات التراث ووضع خطة واضحة المعالم لإنقاذ قطاع التراث وإنجاز مشروع الخارطة الأثرية الوطنية.
وتضمنت “لائحة الصراع العربي الصهيوني” الدعوة إلى توظيف جميع الإمكانيات الضرورية لتكريس ثقافة المقاومة وإحياء المحطات “النيرة” في تاريخ الصراع العربي الصهيوني. وطالب المؤتمرون، من خلال هذه اللائحة، الحكومة بفتح جميع ملفات الاغتيالات السياسية التي تمت على الأراضي التونسية.
وأدان المؤتمرون في “لائحة الهجرة”، بالخصوص، المقاربة الأمنية للهجرة التي تعتمدها دول الضفة الشمالية للمتوسط، وإجراءات غلق الحدود وصدّ المهاجرين التي أدت إلى وفاة آلاف المهاجرين وفقدانهم، موصين في هذا الصدد، بالتسريع في اعتماد إستراتيجية وطنية حول الهجرة لحماية حقوق العمال التونسيين في المهجر، وبالإسراع في المصادقة على الاتفاقيات الدولية حول الهجرة.
وأكدت “اللائحة المهنية” على تمسك النقابيين بالقطاع العام كمكسب وطني. كما دعت اللائحة إلى مراجعة مجلة الشغل لتتلاءم مع مضمون الدستور الجديد، وتجريم الطرد التعسفي للعمال، مع التأكيد على ضرورة احترام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل اللائق وإلغاء نظام المناولة.
وأوصى نواب المؤتمر في “لائحتهم الداخلية” بتنظيم العمل النقابي، وبتفعيل صندوق التضامن النقابي، وتطوير العمل الإعلامي والاتصالي للمنظمة.