نظمت الإدارة العامة للسجون والإصلاح، اليوم الأربعاء، مائدة مستديرة بالعاصمة تحت عنوان “القفة بين تحسين نظام الإعاشة بالسجون التونسية والتواصل مع العالم الخارجي ومتطلبات الأمن والسلامة”، بهدف تبني أفضل الممارسات لتطوير نظام الإعاشة داخل السجون التونسية، لاسيما ما يعرف في تونس ب”القفة”.
وقد أوضح القاضي كمال الدين بن حسن، المكلف بمأمورية بديوان وزير العدل، للتنسيق مع إدارة السجون والإصلاح، أن لقاء اليوم بين عديد الخبراء والمسؤولين في مجال المنظومة السجنية، يندرج في إطار عمل الوزارة على “مراجعة قانون السجون وإيجاد حلول عملية للمشاكل التي يسببها اعتماد نظام الإعاشة داخل السجون على القفة،” ملاحظا أنه “إذا ما تم تبني مقترح التخلي عن القفة، فإنه لن يكون بصفة فجئية، بل تدريجيا”.
كما أشار في تصريح إعلامي إلى ضرورة التفكير في تخصيص فضاءات للأكل داخل السجون، تكون منفصلة عن أماكن النوم، بالإضافة إلى “وجوب العمل على عدم بعثرة محتوى القفة، دون الإخلال بمتطلبات الأمن والسلامة”.
من جانبها إعتبرت تغريد جبر، المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي ورئيسة مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن موضوع القفة في تونس بحاجة إلى تنظيم وتقنين، “بهدف تخفيف العبء على الأسر وعلى إدارة السجن التي تقوم بتفتيش عدد هام من القفاف يتجاوز المليون قفة سنويا”، مشيرة إلى أن الوقت الذي يقضيه عون السجون في تفتيش القفاف يمثل قرابة 25 بالمائة من وقت عمله.
وبينت في تصريح إعلامي أن الفرصة متاحة لتطوير نظام الإعاشة والتغذية داخل السجون التونسية المرتبط حاليا بما يسمى “نظام القفة” التي يتسلمها السجين من قبل عائلته، بالإضافة إلى التغذية المجانية التي تقدمها إدارة السجن للسجين، مقترحة “تعميم تجربة السجون الفلاحية واستغلال السجون التي تقع في محيط فلاحي، حتى يقوم السجناء أنفسهم بإنتاج طعامهم وتوفيره أو التوجه نحو تجربة فتح مطاعم خاصة بالسجون تضمن تقديم أفضل الخدمات للسجناء”.
وبخصوص الإتصال بالعالم الخارجي، شدد مازن شاقورة، ممثل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، على “ضرورة التنصيص على المسألة كحق وليس مزية، باعتبار أن المواثيق الدولية أدرجت هذا الحق للسجين المحكوم، عبر عديد الوسائل، على غرار التواصل عبر الرسائل والصحف ومشاهدة التلفزة وزيارة الأسرة، حتى لا يجد السجين نفسه بعد قضاء العقوبة، كأنه قادم من عالم آخر”.
واعتبر أن “معاملة إدارة السجن للسجين، يجب أن لا تفاقم من معاناته، بالنظر لأنه محروم من حريته الجسدية”.
من جانبه استعرض العميد إلياس الزلاق، مدير الإدارة العامة للسجون والإصلاح، عديد الفصول المتعلقة بحقوق السجناء في التواصل والإعاشة، سواء التي أقرها الدستور في فصله 30 الذي يعطيه الحق في المعاملة الإنسانية أو التي أقرتها المواثيق الدولية، لاسيما ما يعرف ب”قواعد نيلسون منديلا” والتي تنص على أنه “ينبغي لنظام السجون السعي إلى الوصول إلى أدنى حد من الفوارق بين الحياة داخل السجن والحياة الحرة خارجه”.
وجدد عزم الإدارة العامة للسجون والإصلاح على العمل من أجل النهوض بقطاع السجون والإرتقاء بمستوى الخدمات المسداة، معبرا عن أمله في تلقي المزيد من الدعم من شركاء تونس، للنهوض بمجالات البنية التحتية ودعم المؤسسة السجنية بالوسائل والتجهيزات، لتسهيل المهمة الموكولة إليها.
يذكر أن المائدة المستديرة التي نظمتها الإدارة العامة للسجون والإصلاح، بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، تضمنت عديد المداخلات قدمها مسؤولون وخبراء تونسيون وأجانب. كما تضمنت تقديم ورقة حول تجربة سجن مرناق في تحسين نوعية الأكل، كما وكيفا، عبر التعاقد مع متعهدين من خارج السجن.