افاد وزير العدل غازي الجريبي خلال جلسة استماع عقدتها لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب بخصوص مشروع قانون تنظيم مهنة العدول المنفذين بان نسبة عدم تنفيذ الاحكام القضائية تجاوزت اليوم 50 بالمائة، معتبرا انه لايمكن الحديث عن منظومة عدالة فاعلة وذات جدوى دون الانكباب على مراجعة مسالة تنفيذ الاحكام والتي تستنزف الكثير من الوقت والجهد وفق توصيفه.
وفي هذا السياق اقترحت القاضية رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالاشخاص روضة العبيدي في تصريح اليوم الجمعة لوكالة تونس افريقيا للانباء ان يعهد للجهة القضائية بتنفيذ قرارات المحاكم سواء كانت عدلية او ادارية او مالية من خلال احداث خطة قاضي تنفيذ الاحكام (قاض من الرتبة الثالثة) على غرار خطة قاضي تنفيذ العقوبات يسهر على تتبع القرارات القضائية واعمالها.
واكدت ان دولة القانون تقاس بمدى تنفيذ القرارات القضائية وان اصلاح المنظومة القضائية وتكريس علوية المؤسسات يتجسد فعليا بضمان نفاذ الاحكام القضائية مشيرة الى ان احترام القانون لا يقتصر على الاقرار بالحقوق وانما يتجاوز اروقة المحاكم من خلال الحرص على ايصال تلك الحقوق الى المتقاضين.
واعتبرت ان عدم تنفيذ الاحكام القضائية التي تجاوزت اليوم 50 بالمائة ليست مسؤولية القضاء وحده وانما يشمل بالخصوص جهات التنفيذ، لافتة الى ان هذا الاشكال قائم منذ سنوات وقد اصبح اليوم محل نقاش من قبل اهل الاختصاص والمتقاضين انفسهم بما من شانه ان يسهم في ايجاد الحلول لحل هذا الاشكال.
وافادت العبيدي بان تنفيذ الاحكام القضائية باعتبارها احدى مبادئ استقلالية القضاء وايصال الحقوق الى اصحابها تعتبر من بين المعايير المعتمدة في تصنيف الدول في المسار الديمقراطي واحترام حقوق الانسان مؤكدة ان هذه المعايير هي اليوم حلقة مفقودة رغم اهميتها في مسار المنظومة القضائية.
من جانبه صرح المستشار بالمحكمة الادارية عضو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، محمد العيادي، ان عدم تنفيذ الاحكام القضائية يمثل ابرز صور الفساد التي يتعين على الحكومة ان تحاربها وتتصدى لها من خلال تفعيل المساءلة الادارية والقضائية في شانها مبرزا ان عدم تنفيذ الاحكام وان كان موجودا قبل الثورة فان الامر لم يكن معلوما للعموم وفق تقديره
واوضح ان عدم تنفيذ الاحكام القضائية اصبح اليوم اكثر انتشارا سواء تعلق الامر باحكام قضائية صادرة عن اجهزة القضاء العدلي او الاداري او المالي معتبرا ان عدم التنفيذ المقصود للاحكام القضائية يمنع من ايصال الحقوق لاصحابها بما يفقد كل ثقة في القضاء وينزع عنه الفاعلية المطلوبة الى جانب ما يمثله ذلك من عبث بمؤسسات الدولة ومساس بهيبتها باعتبارها حامية للحقوق ومؤمنة على ضمان علوية الدستور وسيادة القانون من خلال احترام سلطة القضاء المستقلة والمضمونة بموجب احكام الدستور
وبين انه من اوكد اولويات الحكومة في مجال مقاومة الفساد هي فرض تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة لفائدة اصحاب الحقوق ومتابعتها حالة بحالة ومساءلة كل متلكىء في شانها احتراما للدستور الذي حجر صلب فصله 111 الامتناع عن تنفيذ الاحكام او تعطيل تنفيذها دون موجب قانوني
وختم بالتاكيد على ان الامتناع عن تنفيذ حكم يعد خطأ فاحشا يلزم الدولة بدفع تعويضات مالية بعنوان الضرر المادي والمعنوي الناتح عن عدم التنفيذ وهي تعويضات تدفع من خزينة الدولة ويتحملها دافعو الضرائب الذين لا ذنب لهم في خطا ارتكبه رئيس الادارة بعدم تنفيذه لحكم قضائي اداري
وكان لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب عقدت امس الخميس جلسة للاستماع الى وزير العدل بخصوص مشروع قانون تنظيم مهنة العدول المنفذين