شهد اجتماع لجنة التشريع العام صلب مجلس نواب الشعب، المنعقد بعد ظهر اليوم الثلاثاء، والذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات وخصص لمواصلة النظر في المبادرة التشريعية المتعلقة بحل أزمة المجلس الأعلى للقضاء، مشاحنات بين نواب الجبهة الشعبية وبقية أعضاء اللجنة، انتهت بتشنج كبير وتبادل للعنف اللفظي والتهديدات من الجانبين، فضلا عن إعلان النائب عن الجبهة الشعبية أحمد الصديق انسحابه من اللجنة بعد التصويت بأغلبية أعضاء اللجنة الحاضرين(9) على المرور إلى مناقشة المبادرة فصلا فصلا.
وانطلقت الخلافات بإعلان النائب عن الجبهة الشعبية أيمن العلوي رفضه لتعهد اللجنة بالنظر في هذا المبادرة التشريعية على اعتبارها تدخلا في الشأن القضائي واتهامه للجنة بالانحياز للأطراف الموافقة على المبادرة ممن استمعت لهم لجنة التشريع العام سابقا وهم اتحاد القضاة الإداريين ونقابة القضاة والقضاة الشبان.
ومن جهته، اعتبر النائب أحمد الصديق(الجبهة الشعبية)، أن طلب استعجال النظر في مشروع القانون فيه ممارسة ضغوط على اللجنة ويحيل على رغبة الحكومة في تمريره بـ”القوة” وبإقحام مجلس النواب في الأزمة. ولاحظ أن “الحكومة التي جاءت بهذه المبادرة هي من عطلت تركيز المجلس الأعلى للقضاء بعدم إمضائها على أوامر التسميات وتسببت بذلك في عدم إرساء المحكمة الدستورية”، متابعا قوله : ” أما الفضيحة الكبرى التي وردت في هذه المبادرة فتتمثل في دعوة المجلس الأعلى للقضاء للانعقاد من قبل ثلث أعضائه وما يمثله ذلك من إضعاف لهذا الهيكل السيادي وهيمنة أقلية عليه بفرض قراراتها على الأغلبية”، حسب تعبيره.
النائب منجي الرحوي(الجبهة الشعبية)، أكد بدوره الرفض المطلق لهذه المبادرة التشريعية التي اعتبر أنها “لا دستورية”، وأضاف في هذا الخصوص قوله “رئيس الحكومة لم يتحمل مسؤوليته وهو يتعرض لضغط من طرف معه في الائتلاف الحاكم واليوم يريد تصدير أزمة المجلس الأعلى للقضاء لمجلس نواب الشعب”، معتبرا أن “الأحزاب السياسية التي تريد وضع اليد على القضاء هي من تساند تدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية في الشأن القضائي”.
أما النائبة عن أفاق تونس ريم محجوب، فقد بينت أن “تعهد لجنة التشريع العام بالنظر في هذه المبادرة التشريعية يعد انحيازا للأطراف التي تبنتها على حساب الرافضين لها وبالتالي لن تحل الأزمة بقدر ما تزيد من حدتها”، داعية إلى “منح المزيد من الوقت للقضاة ولهياكلهم المهنية لإيجاد حل في ما بينهم دون تدخل من أي طرف”.
وفي المقابل، طالبت النائبة هاجر بالشيخ أحمد(آفاق تونس) بـ”المرور إلى النقاش العام حول المبادرة التشريعية وقيام لجنة التشريع العام بدورها أمام طلب استعجال النظر، على أن يترك القرار الأخير بقبول المبادرة من عدمه لمكتب مجلس النواب أو الجلسة العامة”، معبرة عن استغرابها من “الحديث عن التدخل في الشأن القضائي من قبل السلطة التشريعية التي تبقى سلطة أصلية ومن واجبها التدخل في تنظيم القطاع”، وفق قولها.
نواب حركة النهضة أجمعوا بدورهم على أن نظر لجنة التشريع العام في هذه المبادرة التشريعية لا يتعارض مع إمكانية توصل القضاة إلى حل أزمة المجلس الأعلى للقضاء. فقد اعتبرت النائبة يمينة الزغلامي أن “الأزمة تعود إلى أربعة أشهر دون أن ينجح القضاة في حلحلتها” وأنه “حان الوقت بتقديم الحل عبر مبادرة تشريعية بعيدا عن أية ضغوطات أخرى”. وأيدتها النائبة سناء المرسني بقولها إنه “من غير المعقول أن يبقى مجلس النواب في دور المتفرج على المهزلة المتواصلة دون أن يتحمل مسؤوليته”.
وقال النائب نور الدين البحيري إن ” مصلحة البلاد تقتضي التسريع في إرساء المجلس الأعلى للقضاء بعيدا عن المصالح السياسية الضيقة”، مضيفا “نتمنى أن يتوصل القضاة إلى حل الأزمة، لكن ذلك لا يعني أن نبقى مكتوفي الأيدي، ويمكن سحب هذه المبادرة أو الاستغناء عنها متى اتفق القضاة في ما بينهم”، بحسب تعبيره.
نواب نداء تونس أيدوا من جانبهم المبادرة التشريعية واعتبروها “الحل الأسلم للخروج من المأزق”، فقد أوضح النائب الناصر جبيرة أنه “لا أحد بإمكانه دعوة المجلس الأعلى للانعقاد بالتشريع الحالي، وأن الحل يكون عن طريق مجلس النواب وهذه المبادرة التشريعية تمنح رئيس المجلس صلاحية الدعوة فقط لانعقاد الجلسة الأولى للمجلس الأعلى للقضاء.
من جهته تحدث النائب حسن العماري عن “وجود إشكال حقيقي بين الهياكل الممثلة القضاة وتمسك كل منهم بمواقفه وبالتالي لا وجود لأرضية ملائمة تساعد على تجاوز خلافاتهم والمرور نحو إرساء المجلس الأعلى للقضاء، بما يقتضي تدخلا من مجلس نواب الشعب بالمصادقة على المبادرة التشريعية”.