“لولا تدخل الدولة والمال العام في تونس لما استقام لنا شأن في المجال الثقافي” ذلك ما أكده وزير الشؤون الثقافية، محمد زين العابدين، خلال ندوة فكرية بعنوان “العقد العربي للحق الثقافي”، انتظمت صباح الجمعة بمقر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، بمناسبة اختتام تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية لسنة 2016.
واعتبر الوزير أن “أصحاب المال والأعمال لا يقومون بما يلزم في مجال دعم ورعاية المشاريع الثقافية رغم توفر التشريعات والحوافز التي تشجع على الاستثمار في الميدان الثقافي”، وفق تقديره.
وقال إن “البلدان العربية تؤسس تدريجيا لمفاهيم الحق الثقافي الذي لم يكن مطروحا في السنوات الفارطة”، مضيفا أن تونس مثلا أعطت الأولوية بعد الاستقلال (1956)، للحق التربوي من خلال التنصيص على إجبارية التعليم ومجانيته وتعميمه اعتمادا على منطلقات الفكر البورقيبي للتنشئة والمعرفة الذي يراهن على الإنسان كثروة يجب استثمارها.
وطرح الوزير في محاضرته التي اختار لها عنوان “الحق الثقافي : المرجعية الدولية والمنشود العربي”، مجموعة من التساؤلات حول واقع الثقافة في الدول العربية على غرار “هل تعتبر الثقافة أولوية في سياسات الدول العربية؟” و”هل يمكن أن نتحدث عن حق ثقافي دائم على المستوى الميداني في العالم العربي؟”
ومن جهته، ذكر وزير الثقافة بجمهورية مصر العربية، حلمي النمنم، الذي حضر بتونس اليوم ليتسلم مساء الجمعة بمدينة صفاقس مشعل الأقصر عاصمة الثقافة العربية لسنة 2017، أن الوقت قد حان لتصبح الثقافة حقا أصيلا لكل مواطن عربي مهما اختلفت توجهاته وانتماءاته، معتبرا أن العرب تحدثوا منذ أكثر من نصف قرن عن كل الحقوق باستثناء الحق الثقافي.
وأوضح المدير العام المساعد للألكسو، محمد عبد البارئ القبسي، أن العقد العربي للحق الثقافي الذي ستعمل المنظمة على استكمال صيغته النهائية وعرضها على الاجتماع القادم للجنة الدائمة للثقافة العربية، على أن ينطلق بصفة فعلية بداية سنة 2018، سيشكل فرصة للدول العربية لمزيد التفكير وتعميق النظر حول الحق الثقافي كقضية جوهرية ومستقبلية خاصة وأن هذا الحق يرتبط بكل التعبيرات الثقافية في مجالات الإبداع، وتسهيل تنقل أهل الفكر والفن وتداول منتوجاتهم بين مختلف البلدان العربية.
وقال إن “الحقوق الثقافية ظلت أضعف الحقوق ضمن منظومة حقوق الانسان في الأدبيات الدولية والعربية على حد سواء” مشددا على أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة فهي متداخلة ومترابطة ومتساوية في الأهمية، سواء تعلق الأمر بالحقوق المدنية أو السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية أو غيرها، داعيا إلى مزيد الاستفادة مما توفره الثورة الرقمية من إمكانيات لتطوير الإنتاج الثقافي وتحقيق الإضافة وضمان الانتشار والحضور على الساحة العالمية.
وتشمل الحقوق الثقافية، بحسب القبسي، حق كل إنسان في اختيار هويته الثقافية ومعرفته وثقافته وتراثه وثقافات الآخرين وفنونهم، وكذلك حرية الإنتاج المعرفي والتعبير المكتوب والمرئي والمسموع فضلا عن الحق في الحماية المعنوية والمادية ذات الصلة بالنشاط الثقافي للمبدع.
أما مديرة الثقافة والتراث بالألكسو، حياة القرمازي، فقد اعتبرت أن “الحق الثقافي في المجتمعات العربية لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار خصائص وضوابط هذه المجتمعات وحدودها”.