تمحورت الندوة الدولية، التي نظمها حزب أفاق تونس بعد ظهر اليوم الخميس في ضفاف البحيرة، حول “مستقبل التوازنات الجيوسياسية”، وذلك من خلال عرض ومناقشة عدة مسائل في علاقة بالتوازنات الإقليمية والدولية الجديدة وانعكاساتها على المغرب العربي والشرق الأوسط وخاصة تأثيرات التطورات الجيوسياسية في ليبيا وتأثيرها على منطقة الساحل وشمال إفريقيا.
وأكد المشاركون في هذه الندوة أن العالم يشهد اليوم تطورات سريعة وعميقة على غرار أزمة اللاجئين وتهديدات التنظيم الإرهابي”داعش” وما تعيشه المنطقة العربية من أزمات وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووصول “دونالد ترامب” إلى الحكم ببرنامج حمائي وصعود الأحزاب اليمينية في أوروبا.
واعتبروا أنه من الصعب التكهن بما سيحدث في المستقبل حتى القريب منه بما يستدعي حوارات مكثفة وتعاونا جديا بين مختلف البلدان للتقليل من آثار هذه التغيرات وانعكاساتها عليها جميعا، محذرين من أن عدم فهم ما يستجد من أحداث متسارعة والتسلح بالأدوات اللازمة لمجابهتها وخاصة التضامن الدولي ومراعاة مصالح الشعوب قد يؤدي إلى أزمات عميقة في التوازنات الإقليمية والدولية.
رئيس حزب أفاق تونس ياسين ابراهيم، بين أن التوازنات والاضطرابات والأزمات والصعوبات الداخلية لعديد البلدان لها تأثير حتمي على بلدان الجوار وعلى المحيط الإقليمي، معتبرا أن هذه الندوة لأفاق تونس هي لـ”الحوار حول الأزمات في ليبيا وفلسطين والشرق الأوسط وكذلك في الجوار الأوروبي”.
ولاحظ أن “تونس التي تتأثر بكل تلك الأوضاع تعول دائما على ديبلوماسيتها العريقة والمنفتحة على كافة بلدان الجوار”، مؤكدا على “أهمية العلاقات الجيدة مع تلك البلدان خاصة أن بلادنا تمر بصعوبات تستوجب المزيد من علاقات التعاون والشراكة بما يحقق لها وللمنطقة ككل السلم والاستقرار”، بحسب تعبيره.
ومن جهته، لاحظ مدير المركز العربي للبحوث وتحاليل السياسية رياض صيداوي، أن “محيط تونس الحيوي هو المغرب العربي ولا يمكن بالتالي أن تدخل في صراعات مع أية دولة منه أمام متانة الروابط والعلاقات في هذا المحيط”، موضحا أن “التوتر الذي يشهده هذا المحيط خاصة في ليبيا وغياب الدولة فيها له تأثيرات كبيرة على تونس والجزائر ومصر، التي باتت مهددة بانتشار المجموعات الإرهابية والسلاح”.
واعتبر رئيس الوزراء السابق ورئيس تحالف القوى الوطنية في ليبيا محمود جبريل، أن “الانتفاضات التي حدثت في بعض دولنا في 2011 كان لابد أن تحدث من منظور التطور التاريخي للمنطقة أمام فشل الأنظمة في تحقيق التنمية وارتفاع أعداد الشبان العاطلين عن العمل”، مبينا أن “التعاطي مع تلك الأحداث لا يزال بأدوات قديمة” وهو ما يتطلب في تقديره “تسليح المدرسة والشارع والإعلام في الوطن العربي بالفكر النير والإجراءات العملية بعيدا عن التسلط والجبروت وخاصة الاختلالات الهيكلية في العديد من الأنظمة العربية”.
وقال مدير مؤسسة “فريديريش ناومان من أجل الحرية-مكتب تونس وليبيا” “رالف اربل”، أن “التغيرات غير المسبوقة التي يشهدها العالم تستدعي حوارا معمقا والبحث عن حلول لتجنب تبعات التصعيد على المستوى السياسي”، مشيرا إلى التحديات الكبرى للوضع في ليبيا وانعاكاساته على دول شمال إفريقيا وأوروبا.
ويشار إلى أن هذه الندوة التي تم تنظيمها بالشراكة فريديريش ناومان من أجل الحرية، تأتي على هامش المؤتمر الثاني لحزب أفاق تونس الذي تنطلق أشغاله غدا الجمعة في تونس العاصمة.