عقدت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية، اليوم الجمعة، في مقر مجلس نواب الشعب بباردو، جلسة إستماع إلى وفد عن هيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، في إطار إعدادها لتقرير برلماني حول إنتهاكات حقوق الإنسان في تونس، تعتزم تقديمه لمجلس حقوق الإنسان الذي سينعقد في شهر ماي المقبل بجينيف، بالتوازي مع تقرير الحكومة التونسية و التقارير الموازية لمنظمات المجتمع المدني و المنظمات غير الحكومية الناشطة في تونس.
وأفاد توفيق بودربالة رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، خلال جلسة الإستماع، أن الحالات التي أثارها التقرير الأخير الصادر مطلع فيفري الفارط عن منظمة العفو الدولية حول “إنتهاكات حقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ في تونس” هي في مجملها قد حدثت بالفعل، مؤكدا أن هيئته قد إطلعت على التقرير دون أن تعلق عليه كما جرت العادة إزاء تقارير المنظمات غير الحكومية.
وبين في هذا الصدد، أنه تم تسجيل حالات إنتهاكات لحقوق الإنسان في السجون و مراكز الأمن و مستشفيات الامراض العقلية، مشيرا الى أن التقرير المقبل الذي ستصدره الهيئة موفى شهر أفريل المقبل، سيحوصل جميع الحالات الي تم توثيقها ورصدها من خلال الشكاوى التي تلقتها الهيئة، أو من خلال الزيارات التي أدتها الى مختلف السجون في تونس.
من جهته، قال عضو الهيئة مصطفى التليلي، (عدد أعضاء الهيئة هو 41 عضوا)، “نحن نتكامل مع منظمات المجتمع المدني و لا ندعي أننا سنعوضها.. و سنعمل وفق الصلاحيات الممنوحة لنا وضمن الحدود المتاحة”، مشددا على ان الهيئة ” تتمتع بالمصداقية والموضوعية الكافيين، ولا تخضع لأية تجاذبات حزبية أو سياسية، ولن تتنازل عن مبدأ الدفاع عن حقوق الانسان، ولن تخونها الجرأة للقيام بذلك، دون تزيين أو تزييف للواقع”، على حد قوله.
ولدى تعليقه على مداخلات النواب بخصوص تحقيق المعادلة بين الحرب على الإرهاب و إحترام حقوق الانسان صرح التليلي قائلا “لابد لنا من جهد جماعي و دربة من أجل النجاح في تحقيق هذه المعادلة “، مضيفا أن الهيئة تقدمت منذ أكثر من 6 أشهر إلى رئاسة البرلمان بطلب لبحث مجالات التعاون معها ، حسب تعبيره.
أما حبيبة الزاهي، فقد صرحت بأن الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية، قامت بزيارة مختلف السجون التونسية، و تعتبر أن “ظروف إقامة السجناء في هذه المؤسسات السجنية هي في غالبها غير مقبولة”.
من ناحيته، أكد عماد الخميري رئيس لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب، أن لجنته “تضطلع بدورها التشريعي والرقابي في مجال حماية حقوق الانسان، وتعمل على رفع الحاجز النفسي والتصدي لظاهرتي إنتهاك الحرمة الجسدية و الإفلات من العقاب”، مضيفا أن اللجنة ستستمع في اطار اعدادها للتقرير البرلماني حول إنتهاكات حقوق الإنسان في تونس، الى وزراء الداخلية والعدل والعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان، ولن تكتفي بالإستماع الى مكونات المجتمع المدني الناشطة في المجال.
وأعتبر عضو اللجنة خميس كسيلة، أنه كان حريا بالهيئة العليا لحقوق الانسان و الحريات الاساسية نشر “تقرير ظرفي” بإعتبار أنه لا يمكن التعامل مع الانتهاكات وخاصة تلك المتعلقة بالحرمة الجسدية من خلال التقارير الدورية فقط، داعيا إلى ضرورة دعم التعاون بين الهيئة والبرلمان “لتنبيه مختلف السلطات السياسية الى تلك التجاوزات”، ونشر نتائج التحقيقات الي تأذن بفتحها وزارتي الداخلية والعدل.
أما النائبة يمينة الزغلامي، فقد طالبت اللجنة بإحالة تقريرها إلى الجلسة العامة للبرلمان لمناقشته، قبل عرضه أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف في شهر ماي المقبل. كما إقترح النائب محمد محسن السوداني، إحداث هيكل تنسيقي بين مختلف الهيئات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، في حين طالب النائب نوفل الجمالي الهيئة بان تكون “أكثر شراسة وجرأة” في الكشف عن مقترفي الإنتهاكات.
وكانت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب، قد إستمعت خلال شهر مارس الجاري إلى الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، وإلى المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، و إلى وفد ممثل لمرصد الحقوق و الحريات.
وكانت منظمة العفو الدولية قد عبرت، منتصف فيفري الماضي في تقرير عن تونس تحت عنوان ‘انتهاكات حقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ”، عن قلقها إزاء تصاعد كبير لاستخدام “أساليب وحشية قديمة” بتونس في إطار مكافحة الإرهاب، والإرتفاع المقلق لاستخدام أساليب قمعية ضد المشتبه بهم في قضايا إرهاب، محذرة من اللجوء المتزايد إلى قوانين الطوارئ .