أكد المهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، الخميس، أن القضاء على الفساد في تونس سيظل عملا وجهدا متواصلين وأن “هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد” التي نص على إحداثها دستور جانفي 2014 ستكمل هذا الجهد الذي تقوم به حاليا الحكومة و السلطة القضائية.
ولاحظ خلال جلسة استماع له أمام ” لجنة تنظيم الإدارة و شؤون القوات الحاملة للسلاح”، بالبرلمان بباردو والمتعهدة بالنظر في مشروع قانون هذه الهيئة (67 فصلا) أن “هناك أطرافا خارج الدولة تريد استضعافها وتريد أن تبقى عصية عليها ” قائلا ان مشروع القانون الذي أعدته وزارته بشكل تشاركي وصادق عليه مجلس الوزراء في 24 فيفري الماضي هو “مشروع قانون لهيئة دستورية لتقوية الدولة ضد هذه الأطراف “،حسب تعبيره.
واضاف بن غربية ان “هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد” هي “جزء من الدولة وليست سلطة بل فوض لها جزء من هذه السلطة لتقوية الدولة ” معتبرا ان” السلطة المطلقة مفسدة مطلقة”،حسب تعبيره.
وكانت فصول مشروع القانون محل نقاش بين الوزير و أعضاء اللجنة وتحديدا الفصول 13 و 20 و32 و36 و 61 وخاصة الفصل 19 الذي يمنح رئيس الهيئة المقبلة وأعضائها صلاحية جمع المعلومات و الأدلة و الشهادات دون الحصول على إذن قضائي مسبق على أن يتم إعلام الجهات القضائية بعد 24 ساعة من القيام بتلك الأعمال.
وعلق الوزير على تساؤلات أعضاء اللجنة بخصوص الفصل 19 وأيضا بخصوص الفصل 20 والمتعلق بالتمتع بصلاحية الضابطة العدلية لأعوان قسم مكافحة الفساد بالهيئة قائلا “الدستور منح في فصله 130 (انظر المؤطر المصاحب) الهيئة صلاحية التقصي في حالات الفساد الى جانب صلاحيات اخرى والحكومة قامت من خلال صياغة مختلف فصول المشروع باختيار سياسي لان لها الارادة في مكافحة هذه الظاهرة (الفساد) و محاربتها والقضاء عليها وهي ظاهرة تفشت واستشرت بشكل كبير “،حسب تعبيره
وأضاف “نحن لم ننشئ قضاء موازيا ومكنا أحد أجهزة الهيئة وهو قسم مكافحة الفساد من صلاحيات ليكون سندا وجهازا داعما للقضاء التونسي عبر الأدلة و غيرها في عملية مكافحة الفساد و التصدي له”.
وقال ايضا ان “الصلاحيات الممنوحة لرئيس الهيئة و بقية الأعضاء (عددهم 8) وفق نص الفصل 19 ليست صلاحيات كبيرة مثل تلك الصلاحيات الممنوحة للنيابة العمومية التي تتمتع بحق إيقاف الأشخاص ومنعهم من السفر و التحفظ عليهم”.
ولفت الوزير إلى وجود اختلافات و آراء متباينة بين رجال القانون بخصوص مخالفة الفصل 19 من مشروع قانون هذه الهيئة الدستورية مع الفصل 102 من الدستور التونسي الذي جاء في جزء منه ان القضاء هو ” سلطة مستقلة تضمن إقامة العدل، وعلوية الدستور، وسيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات” مضيفا ان الفصل 19 هو “اختيار سياسي ” من قبل الحكومة وان إعطاء صلاحيات بعينها لرئيس الهيئة و بقية الأعضاء يستند الى أنها “هيئة منتخبة من البرلمان من بين مهامها مكافحة الفساد أما إحالة أفراد ما او التحفظ عليهم او متابعتهم بتهم معينة فيبقى من شأن القضاء و القضاة” .
من جهة اخرى قال بن غربية ان الكلمة الاخيرة في اجازة مشروع قانون ما او فصل من فصوله هي من صلاحيات مجلس نواب الشعب معبرا عن استعداد وزارته للتفاعل مع لجنة تنظيم الإدارة و شؤون القوات الحاملة للسلاح في عمليات الصياغة اللغوية و التدقيق القانوني .
وقد طالب رئيس اللجنة الوزير بن غربية بتحديد مخاطب لها اثناء مناقشة فصول المشروع نظرا لتداخله مع فصول مشروع قانون الاحكام المشتركة للهيئات الدستورية الذي هو محل نظر احدى لجان البرلمان.
وكانت لجنة تنظيم الادارة د وشؤون القوات الحاملة للسلاح قد استمعت خلال الايام الماضية الى عدد من ممثلي ممكونات المجتمع المدني والى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب .
الفصل 130 من الدستور :
تسهم هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد في سياسات الحوكمة الرشيدة ومنع الفساد ومكافحته ومتابعة تنفيذها ونشر ثقافتها، وتعزّز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة. تتولى الهيئة رصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص، والتقصي فيها، والتحقق منها، وإحالتها على الجهات المعنية. تستشار الهيئة وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بمجال اختصاصها. للهيئة أن تبدي رأيها في النصوص الترتيبية العامة المتصلة بمجال اختصاصها. تتكون الهيئة من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة، يباشرون مهامهم لفترة واحدة مدّتها ستّ سنوات، ويجدّد ثلث أعضائها كل سنتين.