أعلنت وزيرة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، هالة شيخ روحه، ان الوزارة ستبرم خلال الاشهر القادمة اتفاقيتي بحث عن المحروقات في ولاية تطاوين بالاضافة الى إعدادا مخطط تطويري ل4 امتيازات استغلال بنفس الجهة.
وبينت في حوار خصت به (وات) أن هذه المشاريع من شأنها توفير مواطن شغل اضافية لفائدة ابناء الجهة الذين ينفذون منذ عدة اسابيع احتجاجات اثرت على نسق انتاج المحروقات في الحقول المنتصبة في هذه الربوع.
“وات”: ما هي الإجراءات التي ستتخذها وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة لفائدة ولاية تطاوين؟
شيخ روحه: يجب أولا الإشارة إلى أن توفير مواطن شغل جديدة في قطاع المحروقات يتطلب القيام باستثمارات وإبرام اتفاقيات بترولية جديدة في الوقت الذي لم يتم فيه إسناد رخص وإبرام اتفاقيات بترولية منذ أربع سنوات.
وفي هذا الإطار، بعد المصادقة على مجلة المحروقات في صيغتها المعدلة بما يتلائم مع الفصل 13 من الدستور الجديد، سنتمكن من استرجاع النسق العادي للاستثمارات في قطاع المحروقات.
وستقوم الوزارة، خلال الأشهر القادمة، بإبرام اتفاقيتين جديدتين “دويرات” و”برج الخضراء” وإعداد مخطط تطويري لـ4 امتيازات استغلال بتطاوين بعد مصادقة مجلس نواب الشعب. وبفضل هذه الإستثمارات سيتم توفير مواطن شغل في الجهة كفيلة بتوفير عائدات جديدة للمالية العمومية التي تضررت في السنوات الفارطة جراء انعدام اي استثمارات في قطاع الطاقة.
كما تعمل الوزارة على التسريع في مشروع “غاز الجنوب” ومحاولة التمديد في برنامج المسؤولية المجتمعية للمؤسسات البترولية (كل مؤسسة بترولية تساهم بمبلغ سنوي للمساهمة في تنمية الجهة الناشطة بها). ويجري، حاليا، دراسة امكانية الترفيع في المبالغ الموجهة لتطاوين. علما أن المبلغ المرصود للجهة يبلغ 9ر3 ملايين دينار سنويا.
“وات”: ما الدور الذي ستضطلع به الشركات البترولية المنتصبة في تطاوين؟
شيخ روحه: تضطلع الشركات البترولية المتواجدة في ولاية تطاوين بدور كبير في دعم ميزانية الدولة باعتبار ان نسبة 70 أو 80 بالمائة من مواردها توجه الى المالية العمومية.
ولأبناء ولاية تطاوين الأولوية في التشغيل في الشركات البترولية وشركات الخدمات البترولية بنسبة لا تقل عن 70 بالمائة لغير الإختصاص وأن تكون الأولوية كذلك عند طلب الخدمات لشركات الخدمات المتمركزة في الجهة قبل التوجه للبحث في ولايات أخرى.
وندعو كل من يريد ابلاغ صوته ان يحتج دون إلحاق اي ضرر بعجلة الانتاج لتجنب عزوف المستثمرين، ذلك ان قطاع المحروقات خسر 1800 موطن شغل في السنوات الست الفارطة بسبب هذه التحركات خاصة وانعدام الوضوح التشريعي وعدم إسناد رخص علاوة على تقلبات أسعار النفط.
وأريد أن ألفت النظر إلى استعداد كل الشركات البترولية في تونس للمساهمة في تنمية الجهات التونسية.
“وات”: تمتاز ولاية تطاوين بمدخرات هامة من مادة الجبس، فهل هناك توجه من الوزارة لتطوير هذا القطاع؟
“شيخ روحه”: قطاع الجبس مهم جدا لمستقبل تونس خاصة ان البلدان المتقدمة أصبحت تستعمل هذه المادة في البناء عوضا عن الأسمنت والآجر وغيرها من المواد الإنشائية. فهذا القطاع مهم من حيث ترشيد استهلاك الطاقة وبأقل التكاليف.
وتمتاز ولاية تطاوين باحتوائها على نوعية عالية الجودة من الجبس ومخزون هام يعادل يجعل تونس تحتل المرتبة الخامسة في العالم. ولدفع الإستثمارات في هذا القطاع وتمكينه من استعادة حيويته لابد من ايجاد توافق بين اهالي تطاوين والمستثمرين وحل المشاكل العقارية بالأساس التي حالت دون تقدم إنجاز مشاريع استغلال الجبس بالجهة.
وتحرص الحكومة، عبر وزارة الصناعة، على تسريع تهيئة منطقة صناعية بتطاوين لتحويل الجبس على عين المكان مما سيوفر مواطن شغل عديدة بالجهة. ثم سيتم استرجاع الرخص والامتيازات التي تم اسنادها ولم يقع استثمارها لمنحها للمستثمرين “الجديين” المتمتعيين بالقدرة المالية والتقنية لتنفيذ الاشغال وسحب الرخص أو الإمتيازات لمن خالف الآجال واستاثر بمساحات كبرى من مناجم الجبس دون أن يحرز اي تطوير.
“وات”: ينتقد المجتمع المدني وبعض الاحزاب السياسية سوء التصرف في موارد الدولة الطاقية وفي اسناد رخص البحث والاستكشاف، فماهي استراتيجية الوزارة في إرساء الحوكمة الرشيدة وضمان الشفافية في القطاع؟
شيخ روحه: في غضون شهر ماي القادم سينظر صندوق الإنتقال الديمقراطي، الذي تمّ إحداثه في إطار شراكة “دوفيل” (بإشراف من البنك العالمي)، في طلب منح هبة لتونس لتنطلق وزارة الطاقة في برنامج التسريع في تطوير منظومة حوكمة القطاع وإعادة هيكلته والنظر في التشريع المنظم لقطاع المحروقات.
ويرتكز برنامج حوكمة القطاع، أساسا، على وضع مجلة محروقات جديدة تتضمن أفضل الممارسات العالمية وملاءمتها مع كل فصول الدستور وليس الفصل 13 فقط.
كما سيتم تحديد دور المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في القطاع وإعادة هيكلتها لتضطلع بدور المشغل وتصبح قادرة على إنجاز بعض المشاريع والفصل بين دورها كمشغل ودورها كمتصرف في ممتلكات الدولة.
ويستند ذات البرنامج، الذي سيستغرق انجازه حوالي السنتين، على تنمية قدرات الوزارة البشرية والتقنية لتمارس دورها التعديلي والرقابي علاوة على الترويج للقطاع واستقطاب الشركات البترولية العالمية للإستثمار في تونس بما يمكن من دفع نسق التنمية وخلق مواطن الشغل خاصة بالولايات الداخلية التي تتواجد بها هذه الثروات الوطنية.
كما تتولى الوزارة، خلافا لعدة بلدان اخرى نشر كل الاتفاقيات البترولية على موقع البيانات المفتوحة. كما سيتم بمقتضى تنقيحات مجلة المحروقات التي تمت المصادقة عليها مؤخرا من قبل مجلس نواب الشعب، نشر الإتفاقيات البترولية الجديدة قبل المصادقة عليها من قبل المجلس للاطلاع عليها من قبل العموم.
وانطلقت الوزارة منذ السنة الفارطة في مراجعة مجلة المناجم لملائمتها مع الفصل 13 من الدستور الجديد إلى جانب النظر بمعية وزارة المالية في مراجعة الأتاوات والآداءات المنجمية.
“وات”: نظرا لتجربتكم السابقة مع الصندوق الأخضر للمناخ كان من المنتظر التركيز بالأساس على الطاقات المتجددة في تونس لكن لاحظنا تأخر في تحقيق المشاريع الكبرى على غرار “دزارتاك” مقابل تقدم بلدان مجاورة بأشواط في هذا المجال؟
“شيخ روحه”: لقد احرزنا تقدما كبيرا في الطاقات المتجددة على المستوى التشريعي والمؤسساتي، وأصبح، حاليا، بإمكان أي مستهلك أن ينتج الكهرباء التي يحتاجها باستعمال الطاقات المتجددة.
وأود ان اذكر بان اللجنة العليا للإنتاج الخاص للكهرباء، المحدثة بقانون 2015/12، صادقت على 21 مشروع استهلاك ذاتي خلال الأسابيع الماضية. كما اصدرت القرارات الوزارية للعقود النموذجية التي تضبط العلاقة بين المنتج الذاتي للكهرباء والشركة التونسية للكهرباء والغاز. وسيتم نشر طلب المشاريع في نظام التراخيص في الأيام القادمة حيث تتحصل اللجنة على هذه المشاريع وتقوم بدراستها نهاية 2017
وبالنسبة ل”دزرتاك” فهي مجموعة مؤسسات اوروبية شجعت في وقت ما على إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في شمال إفريقيا بهدف تصديره إلى أوروبا ولكن لا تربطها اي علاقة بالمشاريع المنجزة في المنطقة. ومع تواجد الأطر القانونية اللازمة والتي تسمح بالإستثمار في قطاع الطاقات المتجددة، فإن كل الشركات والمستثمرين التونسيين والاجانب بما في ذلك “دزرتاك” مدعوون الى الإستثمار في هذا القطاع.
من جهة أخرى، كنا قد أعلنا عن برنامج إنجاز مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة للفترة 2017 -2020 يتضمن تركيز 1000 ميغاواط من الطاقات المتجددة حيث سيتم تركيز 650 ميغاواط من الطاقة الشمسية منها 300 ميغاواط ستقوم بإنتاجها الشركة التونسية للكهرباء والغاز و100 ميغاواط في إطار نظام اللزمات و120 ميغاواط نظام التراخيص و130 ميغاواط إنتاج ذاتي علاوة على 350 ميغاواط من طاقة الرياح منها 100 ميغاواط نظام اللزمات و90 ميغاواط نظام التراخيص و80 ميغاواط ستقوم بإنتاجها الشركة التونسية للكهرباء والغاز و80 ميغاواط إنتاج ذاتي.
وقد أعدت وزارة الطاقة، ايضا، المخطط الوطني للطاقة الكهربائية من الطاقات المتجددة للفترة 2021 – 2025، وينتظر تبعا لذلك أن يتم تركيز قدرة إضافية تبلغ 1250 ميغاواط …علما أن الإستراتيجية الوطنية للطاقة التي وضعتها الوزارة تهدف إلى إنتاج 30 بالمائة من استهلاك الكهرباء بواسطة الطاقات المتجددة.
“وات”: هل وضعتم خطة حتى يستعيد قطاع الفسفاط مكانته في الأسواق العالمية؟
“شيخ روحه”: نسعى في 2017، خاصة، الى تحقيق انتظام نسق إنتاج الفسفاط لا سيما أن هذا القطاع عرف انقطاعات متواترة على مدى طيلة ستة سنوات الفارطة مما اثر سلبا على مكانته في الاسواق العالمية وخاصة التقليدية لتونس وفسح المجال لبلدان اخرى منافسة.
نحن مطالبون هذه السنة بإنتاج ما لايقل عن 5 ملايين طن من الفسفاط وتحويلها إلى مواد فسفاطية ثم تصديرها الى الأسواق العالمية قصد المحافظة على مكانة هذا القطاع الوطني وكذلك لتفادي تكبد خسائر مالية اخرى، وذلك بتكاثف جهود كل الأطراف من حكومة ونواب الشعب وأحزاب ومجتمع مدني.
ونظرا لمساهمة المجمع الكيميائي التونسي في دعم السماد فإن عدم تعافي هذا القطاع من شأنه ان يخل بالفلاحة وبالتالي يهدد الامن الغذائي الوطني الى جانب تداعياته على الميزان التجاري.