“الغريبة تعني لنا تونس الحبيبة” هكذا يجمع أغلب اليهود الذين توافدوا هذه السنة على معبد الغريبة لأداء طقوسهم خاصة منهم ذوي الأصول التونسية فهي بالنسبة إليهم مكان للتعبد والتقرب من الله ومناسبة لا يمكن تفويتها للعودة إلى عاداتهم وتقاليدهم وماضيهم الذي لا يحملون عنه احيانا سوى بعض الذكريات.
وفي ردهم على سؤال لـوكالة تونس افريقيا للأنباء “ماذا تمثل لك الغريبة” قال زوار الكنيس اليهودي أن هذه الزيارة تعد عادة دأبوا عليها منذ سنوات ومكانا للإحتفال والصداقة والتلاقي بين مختلف الحضارات والديانات وفرصة للحديث عن الأقلية
اليهودية وفتح المجال لابراز الثراء التونسي.
وفي هذا الصدد اعتبر غي عزرية يهودي أصيل ولاية قابس وصاحب وكالة اسفار إن صورة رسخت في مخيلته خلال الاحتفالات هذه السنة وهي صورة الإمام المقيم بفرنسا حسن الشلغومي وهو يقرأ الفاتحة داخل بيت الصلاة بالغريبة قائلا “ذلك يؤكد ان الله للجميع ولكل طريقته في الدعاء إليه لطلب السلم والتقرب منه.”
واضاف عزرية ان الغريبة حدث في ظاهره احتفال ديني تقليدي لكنه في الحقيقة مثال للتسامح والاخوة جعل من جربة مكانا يلتقي فيه المواطنون بالسياسين والإعلاميين والمثقفين وبرجالات الدين ليكونوا بذلك عائلة واحدة مؤكدا ان عبارة “تونس للجميع” ليست مجرد شعار سياسي بل هي فكرة يمكن ملامستها من خلال وحدة التونسيين وتضامنهم على الرغم من اختلاف ديانتهم
وكصاحب وكالة أسفار قال إنه كان يؤمن رحلات للغريبة لالف زائر لكن بعد الثورة وجراء التخوفات التي لم يساهم الإعلام في التخفيف من وطأتها تراجع الاقبال على هذه الزيارة مشيراالى ” أن وسائل الإعلام لم تعمل في السنوات الأخيرة على تحسين صورة تونس بالخارج رغم أنها كانت في السابق تحمل صورة ايجابية “.
أما شاوول صيادة وهو يهودي عربي قادم من الاراضي المحتلة ومن أصول تونسية فقد عبر عن تعلقه بتونس التي تعني له الحنين للماضي فهو مولود بمدينة سبيطلة (القصرين ) سنة 1951 وجدّه اصيل ولاية سيدي بوزيد ومنزله مازال قائما هناك مؤكدا ان تواجده في الغريبة في زيارة أولى يؤديها إلى المعبد كان من “أجل الغريبة وتونس الحبيبة”.
وقال من جهة اخرى ان موسم الزيارة لهذه السنة كان منظما بشكل جيد خاصة وأن الوحدات الأمنية والعسكرية قد حرصت على تأمينه وتواجدت بكافة الطرقات والمداخل وحتى بالفنادق وعملت على حماية الزوار مبينا انه يزور الغريبة بمعية زوجته وابنته وعدد من الأصدقاء الذين خيروا القدوم الى تونس على الذهاب الى وجهة اخرى من العالم .
من جانبها أكدت عيشوشة وهي امراة في السبعين تونسية يهودية تضع “التقريطة” وتلبس السفساري التونسي إن الغريبة تذكرها بسنوات الطفولة والشباب مبينة انها لا تقوم بالطقوس كما يفعل الجميع لكنها تاتي للإلتقاء والمشاركة في الإحتفالات.
أما ادريال القادم من فرنسا والذي غادر تونس في التسعينات فهو يزور الغريبة سنويا منذ 1989 رغم إنه مقعد قائلا “ان زيارة الغريبة فرصة لا يمكن التفويت فيها لممارسة الطقوس ولتجديد العلاقات واذكائها ”
من جهتها اعتبرت عدة ذات الاصول التونسية والقاطنة بباريس (والدها من حلق الوادي وأمها من اريانة) ان الغريبة تعني لها شفاء ابنها وزواج ابنتها قائلة ان “تواجدها اليوم بتونس هو استجابة لنذر قطعته سنة 2015 بالغريبة إذا ما تحققت امانيها”.
واضافت انها تعشق تونس البلد المضياف وتعرف الغريبة منذ صغرها كمكان للتلاقي وربط العلاقات والصلاة والشعور بالراحة بفضل والديها والعائلة وبعض الأصدقاء قائلة ” لا بد من المجيء الى تونس فالبلد آمن والأمن موجود “.