حذر خبراء علم النفس المشاركون، اليوم الجمعة في مائدة مستديرة حول “السلوكيات المستجدة المحفوفة بالمخاطر لدى الشباب ومنها الادمان الرقمي”، من خطورة الادمان الرقمي خاصة لدى فئة الشباب، لافتين الى ما ينجر عنه من تاثيرات سلبية في علاقة باختلال التوازن البدني والعقلي سواء تعلق الامر بالطفل اوالمراهق أو حتى الكهول الى جانب تعطل حياتهم الاجتماعية مع مرور الزمن.
وأشاروا خلال هذا اللقاء الذي نظمه الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري اليوم الجمعة بالعاصمة، في اطار الدورة 15 لمنتدى السكان والصحة والانجابية، إلى تفشي الادمان الرقمي في تونس خاصة في فترة ما بعد الثورة، داعين الى إيجاد الحلول الكفيلة للتصدي لهذه الظاهرة من خلال حماية
الشباب الذي يعد “عماد المستقبل ويشكل ثلث المجتمع”، حسب قولهم.
وشدد الاستاذ في علم النفس السريري والمرضى بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس رياض بالرجب، على أهمية الاحاطة بفئة الشباب المهدد بالفراغ الفكري والعملي وغياب الاحاطة الاسرية، والذي يسعى الى ملئه بتعاطي الكحول والمخدرات والانترنات.
ولفت الى انه بالامكان تجاوز هذا الاشكال عبر استعمال الشباب للانترنات باعتدال ودون افراط، والتكثيف من النشاطات الثقافية والفكرية المتنوعة على غرار المطالعة والموسيقى والرسم ووالمسرح والقيام بنشاطات رياضية، لانها تساعد على الخروج بالشاب من عالم الخيال نحو الواقع المبني على النظرة الايجابية لكل ما يحيط به.
وأكد بالرجب على أهمية دور الاسرة الثابت والرئيسي، وفق توصيفه، في انقاذ الشباب من شتى مخاطر الادمان من خلال توفير الامن والرعاية اللازمة، لاسيما في ظل التفكك الأسري الحاصل داخل المجتمع وانعدام التاطير الكافي للاطفال والمراهقين، الذي ساهم في خلق “نوع من الفوضى صلب الاسرة
وتداخل على مستوى الادوار ما انجر عنه انحراف العديد من الشباب” وفق تقديره.
واقترحت المختصة في علم النفس السريري هيام بوكسولة في هذا الشان، القيام بدراسات على مستوى وطني حول السلوكيات المستجدة المحفوفة بالمخاطر والتعمق فيها عبر اخذ عينات من اجل تحليل الظاهرة عن قرب وايجاد حلول عملية لمعالجتها.
واكدت بوكسولة في هذا الصدد، على الدور الرقابي للاولياء خاصة لاستخدام الاطفال للتكنولوجيات الحديثة وضبط توقيت استعمالها لوقايتهم من خطر الادمان وتاثيرها السلبي على الجهاز العصبي.
وكانت مديرة العلاقات العامة بالديوان الوطني للاسرة والعمران البشري ربح الشريف، أكدت ان الشباب مكون أساسي ضمن برامج الصحة الجنسية والانجابية التي وقع احداثها منذ سنة 1998 من خلال ارساء برنامج وطني للاحاطة الطبية والتثقيفية والنفسية للمراهقين والشباب، فضلا عن العمل على مراجعة الاليات والمقاربات التي تم وضعها منذ سنوات بشكل دوري نظرا لغياب الهياكل التي تعنى بالشباب وتعمل على استقطابه بصفة مكثفة ومتواصلة.
وأضافت المتحدثة، ان الديوان قد احدث للغرض 21 فضاء صديقا للشباب على مستوى الولايات بهدف تقديم خدمات نفسية وطبية مجانية، كاشفة في المقابل العزوف الكبير للشباب عن زيارة هذه الفضاءات.
واكدت الشريف، في هذا الخصوص انه سيتم اعادة النظر في هذه الفضاءات وفي طبيعة الخدمات المعروضة بتطويرها والاشتغال على المهارات الحياتية لدعم المناعة السلوكية لدى الشباب من خلال تنمية معارفهم المحدودة في شتى المجالات.
يشار الى ان منتدى السكان والصحة والانجابية، يعد حسب القائمين عليه، فضاء مفتوحا للنقاش والتحاور بين ممثلي الهياكل الحكومية وممثلي المجتمع المدني والخبراء والطلبة، بهدف طرح ومناقشة مواضيع انية في شتى المجالات تهم وتشغل الراي العام.
ويعنى الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري المحدث سنة 1973، باعداد برامج عمل ترمي الى النهوض بالاسرة والمحافظة على توازنها ومتابعة انجاز الاهداف الوطنية في ميدان السياسة الديموغرافية وسياسة الاسرة، علاوة على عرض جميع مقترحات ذات صبغة تشريعية وترتيبية ترمي إلى تحقيق التناسق بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي والاجتماعي.