في سهرة رمضانية جمعت لفيفا من أهل الفكر والفن والثقافة والإعلام، وبحضور عدد من السياسيين وممثلي السلك الديبلوماسي بتونس، تم مساء الأربعاء بمدينة تونس العتيقة تدشين مكتبة تحمل اسم أحد رواد الأدب التونسي المعاصر “علي الدوعاجي” وذلك بمقر المركز الوطني للاتصال الثقافي الكائن بنهج سيدي بن عروس.
هذه المكتبة التي يتزامن تدشينها مع إعادة افتتاح المركز وظهوره في حلة جديدة بعد أشغال تهيئة وترميم دامت نحو عام، تحتوي على أكثر من 4500 عنوان باللغة العربية وغيرها من اللغات موزعة على عدة مصنفات من فلسفة ولغة وأدب وعلوم اجتماعية وعلوم صحيحة ونصوص وقصص وفنون جميلة وتاريخ وجغرافيا فضلا عن عدد من المراجع وأمهات الكتب.
تدشين مكتبة علي الدوعاجي يحمل عدة دلالات ويندرج في سياق إعادة اعتبار لأصحاب المكانة في الأدب والشعر والفكر في تونس، بحسب ما بين وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين في تصريح لـ(وات)، قائلا “من المهم تخصيص فضاءات تحمل أسماء هؤلاء الأعلام وتذكر بأعمالهم، وذلك اعترافا بالجميل لمن يساهم في تطوير الثقافة التونسية، في بادرة تؤسس للتواصل بين الأجيال وتصالح بين التونسي وذاكرته وبين الحاضر والماضي استعدادا للمستقبل”. وأشار إلى أن هذه البادرة تأتي في إطار توجه تعتزم الوزارة تعميمه لا فقط في العاصمة بل في مختلف الجهات.
وذكر الوزير بأنه تم منذ يومين إطلاق اسم الموسيقار صالح المهدي على المعهد الوطني للموسيقى، كما تم في شهر أفريل المنقضي منح جائزة دولية للعلوم الموسيقية باسم محمود قطاط.
ونوه الوزير بالعمل المنجز من قبل مدير المركز ناجي الخشناوي الذي بذل جهدا كبيرا، بمعية كامل الفريق المرافق له، من أجل إعادة ترميم الفضاء وإنجاز هذه المكتبة التي ستكون مفتوحة أمام كل الباحثين والقراء والطلبة، وأضاف قوله “رغم المساهمة الضئيلة للوزارة، فإن العزم والإصرار على تغيير الفضاء نحو الأفضل كان أكبر”.
وفي تصريح لوات قال محمد زين العابدين إن الوزارة ستواصل النظر في هيكلة المركز الوطني للاتصال الثقافي لتوسيع صلاحياته حتى يتمكن من إنجاز الادوار الموكولة له، مشيرا الى أن أهمية الاتصال الثقافي ودوره في إنجاز الاصلاح المجتمعي المنشود.
ومن جانبه اعتبر مدير المركز ناجي الخشناوي أن تدشين المكتبة “هو تدشين لفعل ثقافي بامتياز”، موضحا أن هذا الإنجاز هو جزء من المهام الموكولة للمركز الوطني للاتصال الثقافي من إعداد إحصائيات ودراسات ومتابعة الشأن الثقافي وإقامة الندوات والملتقيات وتشبيك العلاقات مع المراكز المماثلة في الدول العربية وغير العربية، وتقريب العلاقة بين وزارة الشؤون الثقافية وكل المتدخلين في الشأن الثقافي.
حفل التدشين تميز بأجواء لطيفة حملت الحاضرين في رحلة عبر الذاكرة الى نصف قرن مضى من خلال بعض الذكريات التي قدمها أحد الضيوف وهو الدكتور جلول عزونة رئيس رابطة الكتاب الأحرار حيث تحدث عن تاريخ فضاء الصالحية (مقر المركز حاليا) الذي كان ملاذا لكل الطلبة الزيتونيين القادمين من الجهات، مستعيدا بعض ذكريات إقامته بهذا الفضاء حين كان طالبا بالمدرسة الصادقية في بداية الستينات.
رضا التليلي أول مدير للمركز (1984) حضر حفل التدشين وتحدث عن ظروف تأسيس الفضاء الذي كان يحمل اسم “مركز الدراسات” سابقا قبل أن يصبح مركز الاتصال الثقافي (1987)، وبين أهمية إعادة الروح للفضاء من جهة، ودور المركز الوطني للاتصال الثقافي من جهة أخرى باعتباره “إحدى الركائز الأساسية للدراسات الثقافية” في تقديره.
وشدد على أهمية منح اسم علي الدوعاجي للمكتبة مذكرا بقيمة هذا الأديب الكبير وفترة حياته وأنشطته في هذا الشارع ، ونوه بقيمة هذا العمل الجماعي الذي يوثق للذاكرة الوطنية، مشددا على ان قضية الاتصال الثقافي قضية مجتمعية تهم كل المهتمين بالذاكرة الثقافية الجماعية.
وتم بالمناسبة تكريم الفريق الذي ساهم في تأسيس مكتبة علي الدوعاجي من إداريين وناشطين ثقافيين من بينهم نشطاء بجمعية “فني رغما عني التي تولى أحد أعضائها (محمد بلال الروايحي) رسم الجداريات التي أعطت للفضاء روحا وحيوية وطابعا خاصا يسر الزائرين.