اكد المجلس القطاعي لجمعيّة القضاة التونسيّين بدائرة المحاسبات أنّ هذه الدائرة لا تخضع لرقابة السلطة التنفيذية سواء الدستورية او القانونية وهي تتولى حسب مقتضيات الفصل 117 من الدستور والقانون المنظم لها القيام بمختلف أصناف الرقابة على تصرّف السلطة التنفيذيّة.
واضاف المجلس القطاعي في بيان اصدره اليوم الجمعة ان دائرة المحاسبات وباعتبار استقلاليّتها تعد احدى مكوّنات السلطة القضائيّة وتتمّ مراقبتها من قبل نظيراتها من الأجهزة العليا للرقابة وفقا للمعايير الدوليّة لهذه الاجهزة مبينا بأنّ الدائرة قد نشرت آخر تقرير لرقابة النظراء على موقعها الالكتروني في موفّى سنة 2016
واوضح انه اصدر هذا البيان التوضيحي عقب قرار رئيس الحكومة (اعلنه الناطق الرسمي باسم الحكومة في ندوة صحفية بتاريخ 7 جوان) والمتعلق ب”فتح تدقيق في تقارير هيئات الرقابة ودائرة المحاسبات خلال الثلاث سنوات الأخيرة في إطار اتّخاذ إجراءات بخصوص الإدارة وأجهزة الدولة لمكافحة الفساد للنظر في مدى إحالة الملفات إلى القضاء وفتح تحقيق فيها واتّخاذ إجراءات إداريّة ضدّ مرتكبي الأخطاء” وأنّ الحكومة ستتّخذ “إجراءات في إحالة هذه الملفات على القضاء ” في صورة لم تتمّ الإحالة.
وطالب المجلس في بيانه الحكومة بتوضيح مضمون هذا القرار رفعا لكل التباس وبمراجعته عند الاقتضاء احتراما لاستقلالية دائرة المحاسبات كهيئة قضائية لا تخضع لإجراءات التدقيق الإداري للسلطة التنفيذيّة التزاما بمبدأ التفريق بين السلط .
و”نبه” في سياق متصل الى ضرورة التفريق بين متابعة تقارير دائرة المحاسبات كسلطة قضائيّة و”التدقيق فيها” كإجراء غير جائز حسب التعريف القانوني ووفقا للمعايير الدوليّة لمساسه بمبدإ التفريق بين السلط ، والى تولي دائرة المحاسبات وفق القانون الإحالات القضائيّة بناء على نتائج أعمالها الرقابية وذلك بتكييف المخالفات التي تم إدراجها بالتقارير كعمل قضائي صرف وتوجيهها حسب طبيعتها إمّا إلى دائرة الزجر المالي أو إلى القضاء العدلي .
كما “نبه ” إلى ما اعتبره خطورة تخلّي المجلس الوزاري المضيّق المنعقد بتاريخ 20 ماي 2016 عن الاستقلالية الإدارية والمالية لدائرة المحاسبات في مشروع القانون المنظم لها المعدّ من قبل الدائرة والمعروض حاليّا على أنظار مجلس نواب الشعب بعد حذف الفصل المتعلق بالاستقلالية الإدارية والمالية منه خلافا للمعايير الدوليّة للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة التي تبنتها دائرة المحاسبات كلّيا منذ سنة 2014 وخلافا لالتزامات الدولة التونسيّة بهذا الخصوص تجاه شركائها الدوليين وفق نص البيان.
وعبر المجلس القطاعي عن عميق انشغاله مما اسماه بإصرار الحكومة على عدم إقرار الاستقلال الإداري والمالي لدائرة المحاسبات بما سيبقيها وفق تقديره في وضعية تبعية وظيفية للسلطة التنفيذية وبما سيعيق قيامها بوظائفها الدستورية في مجال مكافحة الفساد وتكريس مبادئ الشفافية والمساءلة في التصرف في المال العام وضمان سلامة إرساء النّظام الديمقراطي.
ودعا الحكومة في نطاق خطّة متكاملة لمكافحة الفساد إلى التعجيل بتعزيز موارد دائرة المحاسبات المادّية والبشرية واللوجستيّة بما يضمن تحقيق مهامها وخاصّة متابعة التوصيات الواردة بتقاريرها الرقابية التي تكشف بصفة مفصّلة ومدقّقة عن ممارسات سوء التصرف والفساد الإداري والمالي في الهيئات الخاضعة للرقابة مطالبا بتجنّب كلّ ما من شأنه المساس باستقلاليّة دائرة المحاسبات وبصلاحيّاتها القضائية .