واصل مشروع قانون اتفاقية القرض المبرمة مع الاتحاد الاوروبي بقيمة 500 مليون اورو (1400 مليون دينار) اثارة الخلاف بين ممثلي مجلس نواب الشعب خلال جلسة عامة انعقدت، الخميس، التحق بها الفاضل عبد الكافي، وزير المالية بالنيابة بعد احتجاج النائب طارق الفتيتي مما رآه استهتارا بالمجلس بسبب غيابه وحضوره في احدى الاذاعات الخاصة والاكتفاء بحضور الوزير المكلف بالعلاقات مع مجلس نواب الشعب، اياد الدهماني.
وقال النائب سليم بسباس: “حري بنا القبول بهذا القرض باعتبار الشروط التفاضلية التي يقدمها” داعيا الى التصويت لفائدته بالنظر الى مزاياه على مستوى سد عجز ميزانية الدولة.
وبين ان الاتحاد الاوروبي ملتزم ببرامج الدعم الاقتصادي لتونس حتى تنجح في رهان تجربتها الانتقالية التي ترافقها عادة صعوبات اقتصادية واجتماعية .
في المقابل وجه بسباس طلبا للحكومة حتى تقوم بوقفة تقييمية في السداسي الثاني من سنة 2017 تقدم خلالها لمحة حول تنفيذ الميزانية ومدى تغير مختلف المؤشرات التي بنيت عليها.
واقترح في هذا الصدد عدم انتظار قانون المالية لسنة 2018 لاتخاذ اجراءات بل استباق الاشكاليات وادراج حلول في قانون مالية تكميلي حتى لا نكون امام الامر المقضي وامام عجز وانزلاق كبير للمديونية.
وسانده الراي النائب عبد الرؤوف الماي، مبينا ان الوضعية الاقتصادية للبلاد معروفة لدى القاصي والداني “وعلينا ان لا نكذب على بعضنا البعض فالحلول المقدمة على المدى الطويل والحال انه علينا دفع اجور الموظفين في شهري اكتوبر ونوفمبر القادمين بما يدفع الاستهلاك وبالتالي عجلة التنمية”.
وتابع “ليس لدينا خيار اليوم الا الموافقة على القرض لكننا نطالب بشفافية اكبر في توجه الحكومة وقراراتها خلال السنتين المقبلتين بخصوص المديونية”.
ودعت الفة السكري الشريف، الى اعتماد منوال تنموي يفسح المجال امام الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص للوصول الى النجاعة المطلوبة مع الحرص على ايجاد حلول لملفات مثل للتهرب الجبائي والتجارة الموازية…
وشددت على ان الاتحاد الاوروبي لديه ثقة في تونس وهو ما يدعو جميع الاطراف دون استثناء للمشاركة في البناء دون اعتماد منطق التشكيك والتخوين.
واعتبر محمد الفاضل بن عمران، بدوره ان المديونية ليست خيارا سهلا مقترحا على منتقدي خيارات الائتلاف الحاكم تقديم البديل في ظل وضع لا يتحمل هذا الائتلاف مسؤوليته تماما …داعيا المتدخلين الى التحلي بالواقعية والابتعاد عن النفاق السياسي وضرورة تركيز المساءلة حول وجهة استعمال القرض.
في المقابل كانت مواقف الشق المناوء من النواب تصب في اتجاه ضرورة القيام بتدقيق حول المديونية التي فاقت نسبتها 70 بالمائة، حسب دعوة النائب عمار عمروسية، الذي انتقد طرح القوانين الهامة في الفترة الصيفية وعدم توفر نسخ باللغة العربية لافساح المجال امام كل النواب للاطلاع على تفاصيلها قبل المصادقة.
وطالب عمروسية الحكومة بمصارحة الشعب حول الاصلاحات التي التزمت بها الحكومة مع صندوق النقد الدولي والتي ستكون “مؤلمة” لشعب تونس منبها الحكومة بقوله “انها تزرع بذور فتنة وثورة جديدة واحتجاجات عارمة”.
وانتقدت سامية عبو، بدورها اتفاقية القرض محل النقاش، والتي ستمول، حسب رأيها، التوريد العشوائي وليس الاجور. وابرزت ان البلاد ذاهبة الى الهاوية وان المشكل الحقيقي هو في الفساد الذي ينخر عديد المجالات (الدعم والمنظومة الجبائية والتوريد…) وان هناك سياسة ممنهجة لنهب الثروات الطبيعية للبلاد.
واضافت ان الحكومة تقنن وتحمي الفساد، فقد خلقت زحمة قوانين هامة ارهق المجلس ولجانه وهو ما لم يتح للنواب فرصة الاطلاع عليها بشكل كاف.
واكد عماد الدايمي في تدخله ان هذه الاتفاقية مع الاتحاد الاوروبي تاتي في اطار الدعم المباشر للميزانية “بيد انه للاسف الشديد نجد انفسنا مضطرين لدعم عجز الميزانية بالتداين الخارجي وهو توجه خطير سيؤدي الى احتقان اجتماعي اكبر”.
وبين ان رسالة وجهها كل من وزير المالية ومحافظ البنك المركزي (2 ماي 2016) فيها تعهدات كبيرة تضع تونس تحت الوصاية المالية وفيها خيارات سيكون لها تاثيرات على وضع البلاد في الفترة المقبلة (تسريح بين 20 و25 الف موظف في اطار التقاعد المبكر وتجميد الاجور حتى 2022 وتجميد كتلة الاجور والانتدابات الى جانب برنامج للتصرف في 5 شركات عمومية كبرى اي خوصصة…)
ورأى النائب شفيق العيادي ان ما يحدث الان هو التفاف وارتداد على مسار الثورة التونسية فهناك فئات تزدادا فقرا مقابل أقلية تستاثر بثروات الشعب.
واضاف ان الاصلاحات الواردة في شروط القروض تؤكد ان راس المال العالمي يملي شروط على تونس.
وقال النائب سالم الابيض الى “اننا في تونس بتنا نقترض لنسدد قروضا اخرى بالعملة الصعبة فهناك اغراق للبلاد بالمديونية،(…) ونحن على وشك دخول مرحلة شبيهة بتلك التي سبقت الحماية الفرنسية على تونس وتتمظهر من خلال التدخل المباشر في رسم سياسات الحكومة التونسية” .
وطالب الابيض الحكومة “بتقديم خطتها لحماية المواطن التونسي من الفقر والازمات الاجتماعية بسبب السياسات غير المدروسة والتي تضطلع فيها الاغلبية المنتخبة في سنة 2014 بدور ساعي البريد لان كل القوانين مملاة من الخارج”.
وذكر النائب بان الاتحاد الاوروبي رفض تقديم مخطط مارشال لفائدة تونس “وعلى العكس اغرقنا بالقروض وباملاءاته المجحفة والمهينة لتونس” على حد قوله.