أكد رئيس مجلس نواب الشعب، محمد الناصر أن “الدورة النيابية المقبلة ستشهد نسقا أسرع وأنجع، بهدف استكمال تركيز الهيئات الدستورية، وذلك في إطار سعي المجلس إلى الإرتقاء بعمل هياكله وتطوير نظامه الداخلي”.
وأوضح رئيس البرلمان اليوم الثلاثاء، في حوار خص به وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن “المجلس سينكب بالأساس، أثناء الدورتين النيابيتن المتبقيتين من عمر المجلس الحالي، على استكمال تركيز الهيئات الدستورية وعلى رأسها المحكمة الدستورية، عماد دولة القانون” وفق تعبيره.
وذكّر في هذا السياق بأن المحكمة الدستورية تتكون من 4 أعضاء ينتخبهم المجلس و4 أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية و4 يتم انتخابهم من قبل المجلس الأعلى للقضاء، مشيرا إلى أن مجلس نواب الشعب سيشرع في اختيار حصته من الأعضاء، كما سيحث بقية الأطراف على انتخاب أو تعيين ممثليهم، “حتى يتم ارساء المحكمة الدستورية في أقرب وقت ممكن”.
وفي رده على المشككين في عمل المجلس ومن يتهم نوابه بالتباطؤ في المصادقة على مشاريع القوانين، قال رئيس المجلس “إن بناء تونس الجديدة يستوجب إعادة النظر في كافة القوانين القديمة”، مبرزا “وعي نواب المجلس بأن المرحلة تتعلق ببناء صرح جديد يستوجب التريث من أجل بناء هياكل ومؤسسات دائمة ومستقرة”.
وكشف بالأرقام عن “تصاعد نسق العمل في المجلس سواء، في ما يخص الجلسات العامة أو عدد القوانين المصادق عليها أو بخصوص الزيارات الميدانية أو جلسات الحوار مع أعضاء الحكومة مقارنة بالدورتين السابقتين، ملاحظا أن “الدورة المنقضية شهدت المصادقة على عدد من القوانين الهامة في مجالات تتعلق باستكمال البناء الديمقراطي والتنمية ومكافحة الفساد”.
واعتبر محمد الناصر أن المجلس “لا يسعى إلى إصدار القوانين بقدر سعيه إلى إصدار قوانين مقبولة، لا تكون محل انتقاد لاحقا، ما سيضطره إلى إعادة مناقشتها”، مضيفا أن حرص رئاسة المجلس على الوصول إلى أعلى درجات التوافق وعلى تقريب وجهات النظر، يمكن أن يبدو للبعض أنه بطء أو تباطؤ.
في رده على طول فترة مناقشة مشاريع القوانين صلب اللجان وعدم التوافق بشأنها في الجلسات العامة، ما يستوجب إحداث لجنة للتوافقات، بين الفينة والأخرى، أوضح رئيس البرلمان أن هذه المسألة في طريقها إلى الحل، بعد استكمال تركيز “هيئة التنمية المستدامة وتأمين حقوق الأجيال المقبلة” التي ستضم ممثلين عن المجتمع المدني والجامعيين وممثلي المنظمات الوطنية، لدراسة مشاريع القوانين وتخفيف العبء على لجان المجلس، مبينا أن هذه الهيئة ستعوض الدور الذي كان موكولا في السابق للمجلس الإقتصادي والإجتماعي.
وبخصوص سد الشغور في الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، أفاد الناصر في حواره الصحفي ل(وات)، بأن مجلس النواب سيعقد دورة استثنائية مع بداية شهر سبتمبر المقبل، وسيكون على رأس أولوياتها استمكال انتخاب العضوين المتبقيين من أعضاء الهيئة، بعد تعذر ذلك أثناء الدورة النيابية السابقة، مشيرا إلى أن مكتب المجلس في حالة انعقاد دائم وأن المجلس بصدد انتظار طلب من ثلث أعضاء المجلس (74 نائبا) لعقد دورة استثنائية.
وفي ما يتعلق بتنظيم الإنتخابات البلدية وتركيز الحكم المحلي، أفاد رئيس مجلس نواب الشعب بأن لجنة تنظيم الإدارة والقوات الحاملة للسلاح، عقدت عديد الإجتماعات واستمعت لعديد الأطراف وأنها ستنطلق مع بداية شهر سبتمبر 2017، في النظر في فصول مشروع قانون مجلة الجماعات المحلية والإنتهاء منه في أقرب وقت ممكن، معتبرا أن “مسألة مسألة الحكم المحلي ليست بالأمر الهين ويجب لتحقيقها، توفير كافة أسباب النجاح وتحديد المسؤوليات المنوطة بالبلديات وتوفير الظروف والوسائل اللازمة لتركيز الحكم المحلي وهو ما يستوجب مراجعة عديد القوانين السارية”.
وقال في سياق متصل “قطعنا شوطا كبيرا في تحديد القوانين الهامة للبلاد، لا فقط تلك الخاصة بالحكم المحلي، إذ صادقنا على قانون الإستثمار العام والخاص وعدة قوانين مؤثؤة على بناء تونس الجديدة .. المسألة ليست مسألة قوانين فقط، بل إن الأمر يتعلق بوسائل العمل وما يمكن أن توفره الدولة من إمكانيات مالية وبشرية ومن تغيير في القوانين من أجل تركيز اللامركزية.. ليس المهم مجرد المصادقة على القانون، بل توفير ظروف النجاح لتركيز الحكم المحلي”.
ولخص محمد الناصر رؤيته لعمل البرلمان، في “رغبته في إرساء مجلس ديمقراطي يجسم الحريات والمبادئ التي جاء بها الدستور، يكون له دور في بناء وتركيز الهيئات الدستورية والمؤسسات الدائمة والحفاظ على الوحدة الوطنية، عبر التوافق وبناء مستقبل تونس على قواعد ثابتة”، مذكرا بأن مجلس النواب اختار “الإنفتاح على الإعلام والمجتمع المدني والجهات، فضلا عن انفتاحه على المستوى الخارجي، في ما يعرف بالدبلوماسية البرلمانية التي قال إنها تجسمت في “موافقة 9 دول أوروبية على تحويل جزء من ديون تونس إلى استثمارات بعد توصية من قبل البرلمان الأوروبي للحكومات المعنية”.
كما استعرض رئيس البرلمان في هذا الحديث الذي خص به (وات)، جملة “النجاحات” التي توفق مجلس نواب الشعب في تحقيقها، على غرار “إنشاء الأكاديمية البرلمانية لدعم كفاءة النواب وإطارات المجلس وتركيز منظومة رقمية متطورة ستخلص المجلس تدريجيا من استعمال الورق”.