دعت هيئة الحقيقة و الكرامة اليوم الجمعة القضاء العسكري الى ضرورة التخلي لفائدتها عن القضايا المنشورة أمامه والمتعلقة بـ “أحداث الرش” لسنة 2012 وذلك عملا بقانون العدالة الانتقالية، مؤكدة أن الجهة المتعهدة بالبحث في هذا الملف هي هيئة الحقيقة والكرامة وليس القضاء العسكري.
وذكرت الهيئة في بيان توضيحي نشرته اليوم الجمعة أنها تلقت بخصوص تلك الاحداث التي جدت بولاية سليانة يوم 27 نوفمبر 2012 على خلفية احتجاجات واسعة نفذها مواطنو الجهة للمطالبة بالتنمية ،21 ملفا (بما في ذلك ملفات جماعية) من بينها 16 ملفا في التحكيم والمصالحة.
وكانت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري قد انتقدت اعتزام الهيئة بث جلسات علنية حول تلك الاحداث واعتبرت أن في الأمر خرق لمبدإ سرية التحقيق ومساس بحقوق الأطراف.
وقالت الهيئة في هذا الصدد ان تلك التصريحات الصادرة عن ادارة القضاء العسكري “جاءت خارقة للدستور في فصله 148 ولقانون العدالة الانتقالية مؤكدة ان الفصل 148 من الدستور يلزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية وهو إلزام يسري على جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، اما الفصل 48 من قانون العدالة الانتقالية فانه يعتبر القيام لدى الهيئة “عمل قاطع لآجال التقادم ويوقف نظر الهيئات القضائية في النزاعات المنشورة أمامها”.
كما أكدت هيئة الحقيقة و الكرامة في بيانها التوضيحي أن الجهة القضائية التي تتعهد بمثل هذه الملفات طبقا للفصل 8 من قانون العدالة الانتقالية (صدر سنة 2013) هي الدوائر القضائية للعدالة الانتقالية التي لها الاختصاص الحصري في النظر في الملفات المحالة عليها من الهيئة.
وفي هذا الاطار ذكرت الهيئة القضاء العسكري بضرورة الاستجابة لطلباتها المتكررة للنفاذ للملفات المنشورة أمامه والتي تعهدت بها الهيئة، ومنها تحديدا ملفات “الرش” و”شهداء الثورة وجرحاها”، مؤكدة انه لا يمكن مجابهة الهيئة بسرية التحقيق.
وقالت الهيئة في هذا الصدد أن الفصل 40 من قانون العدالة الانتقالية يمنح هيئة الحقيقة و الكرامة صلاحية “مطالبة السلط القضائية والإدارية والهيئات العمومية وأي شخص طبيعي أو معنوي بمدها بالوثائق أو المعلومات التي بحوزتهم” وبصلاحية “الاطلاع على القضايا المنشورة أمام الهيئات القضائية والأحكام أو القرارات الصادرة عنها” وعليه يجب على المحاكم العسكرية الامتثال للقانون والاستجابة لطلبات النفاذ للملفات المنشورة لديه.
وبخصوص الجلسات العلنية حول احداث الرش عبرت الهيئة عن “استغرابها “من إصدار وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري امس الخميس لبلاغ قالت فه انها “لم تحدد بعد برمجة جلسات الاستماع العلنية المقبلة”.
ومن جهة ثانية أكدت الهيئة تمسكها بحقها في برمجة جلسات استماع علنية حول كل الانتهاكات المنصوص عليها في قانون العدالة الانتقالية والفترات الزمنية التي تغطيها أعمالها، خاصة وقد سبق أن عقدت الهيئة جلسات علنية لمواضيع تتضمن ملفات لازالت منشورة لدى القضاء،حسب نص البيان التوضيحي.
وذكرت في هذا الشان بأن الفصل 38 من قانون العدالة الانتقالية ينص على أنه “لا يحق لأي كان التدخل في أعمالها أو التأثير على قراراتها” علما وانها مطالبة بكشف حقيقة الانتهاكات بموجب الفصل 3 من قانون العدالة الانتقالية “وفي هذا الإطار ينضوي عقد الجلسات العلنية”.
وكانت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري، قد اعتبرت في بلاغها الصادر أمس الخميس أن بث جلسات استماع حول احداث الرش “يعد مخالفة لأحكام الفصل 109 من الدستور الذي يحجر التدخل في سير القضاء، مشيرة إلى أن هذه القضية منشورة لدى قلم التحقيق بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بالكاف.
ودعت الوكالة كافة المتدخلين في الموضوع بما في ذلك الهيئات التعديلية الى ضرورة تفعيل اختصاصاتها الرقابية والعقابية إن اقتضى الأمر واتخاذ كافة الاجراءات الضرورية وفق التشريع الجاري به العمل لضمان عدم الخوض في قضايا لا زالت منشورة وفق ما ورد في البيان التوضيحي.
تجدر الإشارة إلى أن هيئة الحقيقة والكرامة أعلنت، في بلاغ أصدرته مؤخرا، أن مجلسها لم يبتّ بعد في موعد انعقاد جلسة الاستماع العلنية المخصّصة لأحداث الرّش بسليانة التي جدت يوم 27 نوفمبر 2012 (إبان حكومة الترويكا)، مشيرة الى أنّ هذا الملف هو من ضمن 18 حدثا حدّدتها الهيئة كمحاور لتحقيقاتها إثر الشّكايات المودعة لديها من طرف الضّحايا.