أثارت حادثة غرق مركب لمهاجرين تونسيين غير شرعيين على متنه حوالي 100 شخص كانوا متجهين نحو ايطاليا بعد اصطدامه بخافرة عسكرية تونسية على مستوى المياه الاقليمية ضجة واحتقانا في تونس وذلك بعد ان وجه عدد من الناجين أصابع الاتهام للبحرية بالتسبب في اغراق مركبهم لمنعهم من الوصول الى ايطاليا.
وكان المركب الذي يقل نحو 100 شخص قد انطلق في رحلة هجرة غير شرعية من جزيرة قرقنة مساء الأحد الماضي ليصطدم في ساعة متأخرة من الليل بخافرة عسكرية مما أدى الى انقلاب المركب ووفاة 8 أشخاص تم انتشال جثثهم على الفور في حين تم انقاذ 38 شخصا فيما بقيا آخرون في عداد المفقودين.
تفاصيل الحادثة وفق ما اوردته وزارة الدفاع في بيان رسمي لها تفيد بأن “المركب المجهول اصطدم بالوحدة البحرية أثناء الاقتراب منه، لمحاولة التعرّف عليه، ما أدى إلى غرقه”.
كما قالت الوزارة في بيانها أن الوحدة البحرية “بادرت بإنقاذ 38 فردا، كلهم تونسيون، وانتشال 8 جثث، بينما لا تزال عمليات البحث متواصلة”.
اتهامات الناجين من الحادثة للخافرة العسكرية قال عنها الناطق باسم وزارة الدفاع بلحسن الوسلاتي في تصريحات صحفية أنها تندرج في إطار نظرية المؤامرة واعتبار أن الحادث مقصودا.
كما أكد الوسلاتي أنه لم يتم رش مركب المهاجرين غير الشرعيين بالماء إلا في ثلاث مناسبات فقط ولم يكن ذلك بغاية إغراقه بل بهدف إثنائه على مواصلة الطريق وفق تعبيره.
الرواية الرسمية لوزارة الدفاع نفاها عدد من الناجين الذين تحدث اليهم “المصدر” وأكدوا ان الخافرة العسكرية تعمدت رشهم بالماء وهي من اصطدمت بهم وتسببت في انقلاب مركبهم وفق تعبيرهم.
وفي هذا السياق يقول “حمدي عرجون” احد الذين أسعفهم الحظ وتمكن من النجاة من الموت بأعجوبة انهم ابحروا يوم الأحد على الساعة الثانية ظهرا من جزيرة قرقنة في قارب على متنه حوالي 110 شخصا من بينهم فتاة عمرها 28 سنة تقريبا وعلى الساعة التاسعة ليلا لمحوا خافرة أمرتهم بالتوقف لكن ربان المركب اخبرهم بأنه لن يتوقف وان الخافرة تابعة للجيش التونسي وانها لن تتعرض لهم.
واضاف المصدر ذاته ان الخافرة العسكرية ظلت تطاردهم الى حدود الساعة الحادية عشر ليلا ثم اخذت ترشهم بالماء مؤكدا انها قامت بعد ذلك بقلب المركب وفق تعبيره.
وتحدث الناجي عن تفاصيل نجاته من الموت باعجوبة رفقة شقيقه وابن عمه..تابعوا التفاصيل في الفيديو..
ما قاله الناجي حمدي عرجون أكده ايضا ناجي آخر يدعى “عادل” قال انهم على الساعة التاسعة لمحوا ضوء من بعيد وعندما سألوا ربان المركب قال ان الخافرة للجيش لاتخافوا وحافظوا على اتزان المركب حتى لا تغرق بنا وفق قوله.
وشدد على ان التصادم حصل وهم على مقربة من المياه الاقليمية بعد ساعتين من المطاردة كما تحدث عن تفاصيل غرقه وتمسكه في ذراع صديقه مؤكدا ان الذين يعروفن السباحة تمكنوا من النجاة في حين غرق البقية لعدم قدرتهم على السباحة على حد تعبيره.
وتحدث عادل ايضا عن المعاملة التي عوملوا بها من طرف وحدات الجيش بعد صعودهم على متن الخافرة العسكرية..تابعوا الفيديو..
وفي نفس السياق تحدث مراد عرجون البالغ من العمر 48 سنة وهو احد الناجين عن تفاصيل تلك الليلة وقال انه كان على متن المركب رفقة ابناء عمه الذين دفعتهم الظروف القاسية من فقر وخصاصة وبطالة لركوب قوراب الموت.
مراد قال ايضا انه متزوج وله ابناء ولكنه بات عاجزا عن توفير لقمة العيش وهو ما دفعه للهجرة بهذه الطريقة .
وعن تفاصيل غرق مركبهم قال ان الخافرة العسكرية قامت بمطاردتهم لمدة ساعتين نافيا ان يكونوا قد هددوا ربان المركب حتى لا يتوقف كما تم قيل مؤكدا بان الربان قال لهم حرفيا بانه لن يتوقف لان الجيش لن يؤذيهم وفق قوله.
وقال عرجون ان المركب انقلبت بهم وغرق جميع المهاجرين في الماء مشددا على ان الجيش انقذ عدد منهم عندما راى خافرة ايطالية بصدد الاقتراب منهم.
كما تحدث ايضا عن المعاملة السيئة من الجيش وغياب وسائل الاسعاف وقال ان سائق الخافرة قال له انتم من اصطدمتم بنا فاجابه الاخير “يا ويلك من ربي على الارواح الي قتلتها.”
ووجه عرجون رسالة الى السلطات التونسية دعاهم من خلالها الى اظهار الحق.
وبدوره اكد محرز السلامي انهم عوملوا معاملة سيئة وظلوا بملابسهم المبللة لاكثر من 16 ساعة متحد وزارة الدفاع والعسكريين الذين كانوا على متن الخافرة بان تكون روايتهم صحيحة وطالب السلطات باخراج القارب واجراء فحوصات للتاكد من الجهة التي اصطدمت بالاخرى.
ويذكر أن عدد من الأحزاب والمنظمات التونسية قد طالبت في وقت سابق بالإسراع بإجراء تحقيق فوري لمعرفة ملابسات غرق المركب الذي راح ضحيته عشرات الشباب، حيث أكد الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له، ضرورة فتح تحقيق فوري لمعرفة أسباب الحادث واتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية لمنع تكراره.
ومن جانبها قالت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري في بلاغ رسمي أنه “لا يمكن في الوقت الراهن تحديد المسؤوليات القانونية لمختلف الأطراف المتدخلة في واقعة غرق القارب، إلا بعد ورود نتائج الأعمال الفنية، واستكمال الأبحاث التحقيقية”.
وتبقى هاتين الروايتين قائمتين وسط حالة من الاحتقان في صفوف عائلات الضحايا والمفقودين في انتظار ما ستكشفه الأبحاث في الأيام القليلة القادمة.