طرح نقدي كوميدي لفترة الثمانينات بالمغرب التي أسماها المغاربة بسنوات “الرصاص”، قدمها المخرج المغربي هشام العسري في فيلمه “ضربة في الرأس ” الذي تابعه رواد الدورة 28 لايام قرطاج السينمائية في إطار المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة بقاعة أميلكار بالعاصمة.
السينما المغربية التي تسجل حضورها في مختلف الأقسام الرئيسية لأيام قرطاج السينمائية، تعيش تطورا في الصناعة والإنتاج حسب تقدير المختصين والمهتمين بمجال الفن السابع، ولئن تعددت زوايا التناول السينمائي لدى المخرجين المغاربة الا أن احداث الثمانيات في المغرب بكل تفاصيلها وتداعياتها لا زالت تستهوي العديد من السينمائين لتقديمها في رؤى فنية متنوعة، وقد اختار هشام العسري في تناوله لهذه الفترة الرمزية والمباشرتية في النص والآداء وتقنيات الإخراج ليصنف “ضربة في الرأس” في خانة السينما التجريبية المتمردة على القواعد الكلاسيكية عبر توظيف الكاميرا المحمولة لتوجيه المشاهد نحو الاطار التفصيلي للصورة.
ويبدو أن المخرج تعمد التعامل بخفة مع الكاميرا المحمولة لينبش في التفاصيل المجتمعية السائدة في تلك الفترة عبر تحركات الشخصية الرئيسية في الفيلم وهي شخصية ضابط تعرض إلى إصابة في الرأس أثناء مظاهرات الخبر سنة 1981 تم إرساله بعد خمس سنوات من الحادثة لتأمين جسر سيمر منه موكب ملكي ، حكاية بسيطة وعادية في ظاهرها وفي باطنها محملة بالمعاني والرسائل الساخرة، فربما الجسر هو الدولة التي بقيت معلقة بين سقف طموحات مرتفع وواقع يسوده الفقر والفساد والفوارق الاجتماعية.
دلالات متعددة الأبعاد والمعاني مشحونة بالغضب والمعاناة والشقاء، قدمها هشام العسري في مشاهد طغى عليها “الهزل المؤلم” الذي يوحي بحالة قلق ذاتي وجماعي تجاه الحاضر والشعور بالهشاشة النفسية إلى حد اللامبالاة في انتظار مستقبل لا توحي مؤشراته الراهنة بانفراج أو تحسن.
وهشام العسري مخرج سينمائي مغربي من مواليد الدار البيضاء سنة 1977 ، حظي فيلمه الروائي الطويل الأوّل “النهاية” (2011) بحفاوة نقدية كبيرة، ونال العديد من الجوائز. فاز فيلمه الثاني “هم الكلاب” (2013) بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، وجائزة أفضل ممثل في مسابقة المهر العربي في الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، وأخرج فيلما سنة 2015 بعنوان “اترك كلبك يموت جوعا” ويعد فيلمه “ضربة في الراس” آخر إنتاجاته (2017).