أكدت جمعية القضاة التونسيين، أن قرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس، إفراد الرئيس الأول للدائرة العاشرة بالنظر في قضايا استئناف الاتهام العسكري وطلبه تخلي الدائرة التاسعة عن تلك القضايا لفائدة الدائرة العاشرة يمثل نزعا للتعهد وإيقافا له على خلاف ما يقتضيه القانون.
موقف الجمعية جاء بعد الجدل والتصريحات التى أشارت الى وجود ضغوطات على القاضية رئيسة الدائرة التاسعة بالمحكمة والمتعهدة بالقضية عدد1738 )المعروفة بقضية أمن الدولة والمتعلقة برجل الأعمال شفيق جراية وعدد من المسؤولين الأمنيين( لاجبارها على التخلى عن النظر فيها ، والى تدخل في سير القضاء من خلال السعي لتغيير تركيبة الدوائر.
وبينت الجمعية في بيان صادر عنها الاثنين، أنه في حال لم تثبت موجبات التجريح في رئيسة الدائرة التاسعة من الهيئات القضائية، لا ينزع عنها التعهد ولا تتخلى عن القضايا إلا في صور محددة لما في ذلك الإجراء من مساس مباشر بحيادية واستقلالية القضاة والهيئات القضائية وعلى توجيه القرارات والأحكام القضائية وعلى شروط المحاكمة العادلة.
وتوضيحا لهذا أشار المكتب التنفيذي الى أن تخلي القضاة والهيئات القضائية ووقف تعهدها بالنظر القضائي يكون في حالات التجريح في القضاة واستجلاب الملفات لأسباب جدية غير مفتعلة طبق مقتضيات مجلة المرافعات المدنية والتجارية ومجلة الإجراءات الجزائية، أو إحداث المحاكم الجديدة وتغيير الاختصاص بمقتضى القانون أو نقلة القاضي.
واعتبرت الجمعية، قرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، إفراد الدائرة العاشرة بقضايا الاتهام العسكرية بما يهدف إليه من سحب لملفات الاتهام العسكري من الدائرة التاسعة وإحالتها للدائرة العاشرة والذي لا يندرج ضمن أية حالة من الحالات المشار إليها من شأنه إثارة شبهات التدخل في سير القضاء وتوجيه القرارات القضائية.
كما أوضح المكتب أنه من المبادئ القانونية السائدة في ضمانات استقلال القضاء وإدارة العدالة والتي يتعين أن تحترم ألا يُختار قاض بعينه للنظر في دعوى بعينها، وألا يتحدد قاضي الدعوى بعد أن تتحدد الدعوى، منبهة من “خطورة” استمرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس في اتخاذ قرارات إيقاف التعهّد ونزعه عن القضاة وعن الدوائر بمحكمة الاستئناف بتونس في غير الصور القانونية .
يشار الى أن النائب الصحبي بن فرج، (كتلة الحرة لحركة مشروع تونس)، نبه بداية الأسبوع المنقضي، (11 ديسمبر 2017)، إلى ما اعتبرها “محاولات فريق الدفاع عن شفيق جراية، رجل الأعمال المتهم في قضايا الإعتداء على أمن الدولة، إلى إخراج القضية من دائرة القضاء العسكري إلى دائرة القضاء العدلي، تمهيدا لغلق ملف القضية”.
وذكر عضو البرلمان في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن “فريق الدفاع عن شفيق جراية قدم العديد من الإستئنافات بخصوص الإتهامات التي طالت منوبهم وكل من تعلقت به هذه القضية، أمام محكمة الإستئناف بتونس ولكن تم رفضها جميعا”، حسب رواية بن فرج الذي أضاف قوله: “أمام هذا الرفض سعى محامو المتهمين إلى تشكيل دائرة اتهام جديدة (خاصّة) في محكمة الإستئناف بتونس، تنفرد بالنظر في قضايا الإتهام العسكري وستعقد أولى جلساتها يوم غد الثلاثاء، مما يعد سابقة خطيرة في تاريخ القضاء العسكري”.
ولاحظ أن “محاميي المتهمين الذين لهم علاقة بهذه القضية، تقدموا بقضية مستعجلة للإفراج عن منوبيهم وربما سحب القضية الأصلية من القضاء العسكري وتعهيدها إلى القضاء العدلي، وذلك بعد أن أتم التحقيق العسكري كامل أعماله وأصبح ملف القضية جاهزا”.
من جهته أوضح فيصل الجدلاوي، محامي المتهم شفيق جراية، في تصريح ل(وات)، أن “منوبه ليس له علاقة البتة بهذا الأمر”، مؤكدا أن “قضيته ما زالت تحت أنظار المحكمة العسكرية”.
وقال الجدلاوي في هذا الصدد: “كل ما في الأمر هو أن محامي المتهم صابر العجيلي (المدير العام السابق للوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب)، الذي سجن على خلفية علاقته بالمتهم شفيق جراية، تقدم بطلب التخلي عن الملف لفائدة القضاء العدلي، وقد تم رفض هذا المطلب، فتم التقدم بطلب آخر لنقل القضية إلى دائرة أخرى، وهو إجراء قانوني عادي”.
في المقابل ، نفت الوكالة العامة لمحكمة الاستئناف ما تم ترويجه في وسائل الاعلام، ” من أن مذكرة العمل الصادرة عن الرئيس الأول للمحكمة بتاريخ 29 نوفمبر 2017 لم تأت بتحوير جديد نظرا لوجود مذكرة عمل سابقة صدرت منذ 5 سبتمبر 2017، تضمنت إفراد الدائرة العاشرة بالقضايا العسكرية دون غيرها من الدوائر”.
وأكدت في بيان توضيحي أصدرته الخميس الماضى ، أن تلك الأخبار “لا أساس لها من الصحة ” مشيرة الى أنه لا وجود لمذكرة عمل ممضاة من طرف الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف أو من نوابه محررة بتاريخ 5 سبتمبر 2017 ، وبالتالى لا وجود لهذه المذكرة ولا قيمة قانونية لها.
وأضافت أن الرئيس الأول للمحكمة وفي جوابه الموجه اليه من قبل الوكالة العامة بتاريخ 8 ديسمبر 2017 ، أفاد بأن التحوير موضوع مذكرة 29 نوفمبر اقتضته الحركة الاعتراضية الأخيرة الصادرة عن مجلس القضاء العدلي دون أن يعرج لوجود أية مذكرة سابقة في افراد الدائرة العاشرة بالقضايا العسكرية.
كما أفادت بأن دائرة الإتهام التاسعة بهذه المحكمة أصدرت قرارها بقبول تعهدها شكلا وأصلا تطبيقا لأحكام الفصل 112 من مجلة الإجراءات ورفض جميع المطالب في حق المتهمين في القضية عدد 1738 (قضية “المتهم ش. ج” – (شفيق الجراية) بما فيها مطلب التخلي عن القضية لفائدة القطب القضائي للإرهاب وأذنت بإرجاع الملف إلى التحقيق العسكري.
يذكر أنه تم يوم 24 ماي 2017 القبض على رجل الأعمال شفيق جراية وتوجيه تهم له تتعلق ب”الإعتداء على أمن الدولة الخارجي والخيانة والمشاركة في ذلك ووضع النفس تحت تصرف جيش أجنبي زمن السلم، وذلك على إثر توصل النيابة العسكرية بشكاوى تخصه، مبناها انخراطه في ارتكاب أفعال من شأنها المساس من أمن الدولة”.
وأفادت وكالة الدولة العامة لادارة القضاء العسكري، بأن قرارها جاء طبقا للفصول 60 مكرر فقرتين (أولا) و(ثانيا) و60 رابعا فقرتين (ثانيا) و(رابعا) و32 من المجلة الجزائية و123 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.
كما أصدر قاضي التحقيق العسكري يوم 30 ماي 2017 بطاقة جلب ضد صابر العجيلي، المدير العام السابق للوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب، في علاقة بقضية رجل الأعمال شفيق الجراية الموقوف في قضية التأمر على أمن الدولة.