قدم منتدى الفكر التونسي بأريانة في سلسلته الثامنة يوم الأربعاء بالمكتبة المعلوماتية شخصية محمد المرزوقي أحد أبرز أعلام الفكر والثقافة التونسية (1916-1981) حيث كانت حياته عبارة عن رحلة بحث وتحقيق في المأثور الشعبي ونبش في الذاكرة الجماعية بما تختزله من عادات وتقاليد للبدو كما للحضر.
واستعرض نجله الدكتور رياض المرزوقي مسيرة رجل بدوي المنشأ، (ينحدر من عرش أولاد سلمى بدوز) تشرّب سماع الشعر الشعبي من أخواله وأبناء عرشه في محافل تسرد حكايا الأبطال وترقص على وقع الملاحم الشعبية قبل أن ينتقل الى العاصمة في سن العاشرة ويتخرج من جامع الزيتونة سنة 1939.
يقول رياض المرزوقي” تعرف محمد المرزوقي على جماعة تحت السور ومنهم محمود بيرم التونسي وعبد العزيز العروي وعلي الدوعاجي وخاصة صديقه الحميم مصطفى خريف، وجالس رواد الأدب الشعبي وشيوخه في محاولة لجمع شتات الذاكرة الشعبية “.
ويضيف “عرف المرزوقي السجن والنفي إلى الجنوب التونسي لتبدأ رحلته مع الكفاح التحريري ضد المستعمر الفرنسي لكنه لم يغفل عن الأدب الشعبي الذي نهل من تراثه ومخزونه الثري مع رواد الشعر الشعبي بالجنوب التونسي وخاصة الجنوب المتاخم لليبيا باحثا ومحققا وحافظا له”.
أسس محمد المرزوقي قسم الأدب الشعبي لدى التحاقه بالعمل بوزارة الثقافة بعيد الاستقلال حيث جمع على امتداد عشر سنوات الآلاف من الأبيات الشعرية والأغاني والألغاز والأمثال الشعبية مدونا إياها بعناية في دفاتره إلى جانب مؤلفاته في الأدب الشعبي “ثورة المرازيق” و”دماء على الحدود” و”صراع مع الحماية” و”الجازية” و”أم عباس” وغيرها، كما لديه مخطوطات غزيرة في القصة والمسرح والمقالة والدراسات الأدبية والتاريخية والأغنية فضلا عن برامجه وعدد من المسلسلات والتمثيليات بالإذاعة.
ويبقى محمد المرزوقي في ذاكرة الأغنية التونسية فهو الذي كتب أشهر أغاني الراحلة صليحة وقام بتلحينها رواد الموسيقى التونسية أمثال خميس الترنان وصالح المهدي ومحمد التريكي ومنها “غزالي نفر” و”عيون سود مكحولين على المسمية” و”بخنوق بنت المحاميد عيشة” و”حبيتها ما لقيت منها منجى” وغيرها من الأعمال.
وأما عن أعمال محمد المرزوقي فهي كما يقول نجله رياض المرزوقي “في حاجة إلى الجمع والنشر للعموم لكونها مخيال الشعب وذاكرته الجماعية، ومن المؤسف أن يقع حذف مصلحة الأدب الشعبي بوزارة الثقافة ليقع معها إهمال ما جمعه المرزوقي وحققه من المأثور الشعبي يستحوذ عليه من وصفهم “بالعابثين” الذين ينسبون جهده لأنفسهم ويستبيحون أفكاره وملاحظاته باسم البحث في الموروث الشعبي” على حد تعبيره.