“في غياب الامل …” و”قفوا لتونس … ولا تقفوا ضدها” و”الاحتجاجات مشروعة ولكن .. لا للتخريب” و”خفافيش الظلام” و”لنفس الاسباب.. نفس النتائج” و”أصوات داخل أحزاب الحكم تؤكد .. تبرير التخريب فيه نية لاضعاف الدولة”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الاربعاء.
سلطت صحيفة (المغرب) في افتتاحيتها اليوم، الضوء على الاحتجاجات التي تعيشها تونس هذه الايام وأضحت موسمية وتطبع شهر جانفي من كل سنة معتبرة أن تونس تحتاج الى اصلاحات هيكلية حتى تكون قادرة على ادماج جل أبنائها بدءا باصلاح عميق لمنظومتها التربوية والتكوينية تجعل من التفوق أفقا متاحا لاكبر عدد ممكن من أبنائها وصولا الى جودة الحياة في مناطق التخوم هذه ولكن أول اصلاح هو زرع الامل واعادة تشغيل المصعد الاجتماعي للتدليل بأن النجاح ممكن لشباب مناطق التخوم.
وأضافت أن هذه التخوم التي أضحت فاقدة للامل أصبحت مناطق خصبة لكل أصناف الجريمة والعنف وأضحى شبابها يقاسي من تمييز وعنف مزدوجين عنف يسلط عليهم داخل هذه الاحياء خاصة وعنف مادي ورمزي يسلط عليهم لانهم أبناء هذه الاحياء فأضحى مجرد السكن في بعض الاحياء في بلادنا مجلبة للشبهة وعاملا تمييزيا في التشغيل.
ولاحظت (الشروق) أن اللافت هذه المرة هو انحراف الاحتجاجات باتجاه عمليات نهب وتهشيم لممتلكات الغير وهذه أسوأ وضعية يمكن أن يجد فيها بلد نفسه مذكرة بأن الاحتجاجات الشعبية حق والاعتراض على قانون المالية وعلى غلاء الاسعار هو حق أيضا لكن ما رأيناه في بعض المناطق والاوقات هو أن المحتجين اخترقتهم عناصر لبث الفوضى وللخروج بالاعتراض عن المبدأ الحقوقي والقانوني.
وأضافت أن تونس اليوم مأزومة وأزمتها كامنة في القائمين على الفعل السياسي سواء سلطة أو معارضة وان أي اعتراض على قانون المالية كان يمكن أن يكون محل جدل ما قبلي حتى توضع كل الاحتمالات، وفق ما ورد بالصحيفة.
ونقلت، في ورقة أخرى، عن بعض المحللين تأكيدهم أنه لا يجب تحميل مسؤولية التهاب أسعار المعيشة الى قانون المالية الاخير بل يتحملها أيضا المنتجون والتجار وخاصة “عصابات” الاحتكار والمضاربة وتتحملها الحكومة التي لم تقدر على ردعهم بكل جرأة وشجاعة كما تتحملها الحكومة أيضا بسبب عدم قدرتها على النهوض بالاقتصاد الوطني (حماية الدينار وحماية منظومة الدعم ومكافحة التهرب الضريبي والاقتصاد الموازي والفساد والتنمية في الجهات المحرومة) وكان من الطبيعي أن يؤدي كل ذلك الى ارتفاع نسب البطالة والى تنامي الفقر والى تآكل الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
ورأت (الصحافة) أن الغريب في اندلاع أعمال العنف والتخريب هو تزامنها مع اعلان فك الارتباط بين حزبي النهضة والنداء ليصبحا متنافسين لا شريكين -حسب تصريحات قادتهما- وقد أصدرت النهضة في خضم هذه الاحداث بيانا دعت فيه الى التهدئة والى مزيد الاستماع لمشاغل المواطنين والاستجابة لمطالبهم في التنمية والتشغيل ووجهت في بيانها أصابع الاتهام فيما يحدث من أعمال عنف وتخريب لجهة بعينها أسمتها “أطراف سياسية فوضوية يسراوية” وكأنها بهذا البيان تريد حصر الاعتداءات وأعمال العنف والفوضى والتخريب في جهة معينة واستبعاد كل احتمالات أخرى.
وتطرقت في مقال بصفحتها الخامسة، الى الجدل القائم حول مدى تحمل الحكومة مسؤوليتها في كل ما تشهده البلاد من احتجاجات حيث يرى عديد المراقبين أنها لم تقم بدورها في تأطير الاحتجاجات ومنظوريها وتوعيتهم حتى لا تحيد الاحتجاجات عن مسارها المشروع كما يحث في الوقت الحالي في حين يعتبر آخرون أن الاحزاب خذلت الحكومة في مرحلة ثانية عندما صادقت على قانون مالية مجحف بشهادة الخبراء ولم يحظ بموافقة أغلب الاطراف كما خذلت الحكومة في مرحلة ثانية عندما لم تساندها وتركتها وحدها في مواجهة الاحتجاجات الاجتماعية ولم تتجند لا للدفاع عن قانون المالية بعد الشروع في تنفيذ ما ورد فيه من اجراءات ولا لتأطير المحتجين وتوعيتهم وتهدئة الاوضاع الى حين ايجاد الحلول المطلوبة لتجاوز الوضعية الحالية.
وأشارت (الصباح) الى أن البلاد تعيش منذ أيام على وقع احتجاجات تندلع بشكل عشوائي في الظاهر لكن المتأمل فيها يتضح له الخيط الرفيع الذي يربط بينها مشيرة الى أنه ولئن كانت الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية المعلومة منذ شهر هي السبب الجامع نظريا فان دوافع مختلفة أخرى تعتبر المحرك الرئيسي لها وأهمها تفاقم ظاهرة البطالة والعجز شبه الكلي عن معالجتها.
وأبرزت أن ما يزيد الطين بلة تلك الصورة التي ترسخت بأذهان عموم الناس عن التحالف السياسي الذي يفترض أن يشد أزر الحكومة فاذا به يعيش حالة التشرذم والانهيار الاخلاقي الذي ينفر المواطنين فيهم ويضعف الحكومة ويقلل من هيبة الدولة مضيفة أن مثل هذا المشهد ومثل تلك الاسباب التي تتكرر تؤدي حتما لنفس النتائج التي عاشتها البلاد خلال السنوات المنقضية والتي تنتهي بتراجع الحكومة في قراراتها أو تعليق العمل بها وتضعف هيبة الدولة أكثر.