فازت المسرحية المغربية “صولو” للمخرج محمد الحر بجائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي لسنة 2017، في حفل اختتام الدورة العاشرة لمهرجان المسرح العربي بتونس مساء الثلاثاء بالعاصمة.
وتوّجت المملكة المغربية بهذه الجائزة للمرّة الثانية على التوالي وللمرة الثانية أيضا منذ إحداث هذه الجائزة سنة 2011، بعد أن حصدت مسرحية “خريف” لأسماء هوري جائزة مسابقة المهرجان الذي استضافته مدينة وهران الجزائرية السنة الماضية.
وشارك في المسابقة 11 عملا من تونس ومصر والجزائر وسوريا والأردن والعراق والمغرب والسعودية والإمارات، اختارت منها لجنة التحكيم 3 عروض هي “الشمع” للمخرج جعفر القاسمي من تونس، و”ما بقات هدرة” للمخرج محمد شرشال من الجزائر و”صولو” لمحمد الحر من المغرب. وقال رئيس لجنة تحكيم المسابقة، اللبناني رفيق علي أحمد، أثناء تلاوته لتقرير اللجنة، إن هذه الأعمال الثلاث قد تنافست “بشدّة” على الجائزة وذلك نتيجة التنوع الفكري والمعرفي الذي رفع مستواها الفني فضلا عن توفر جمالية عناصر العرض وبلاغة مفرداته.
واعتبر رفيق علي أحمد أن المسرح العربي بخير وله مستقبل واعد نتيجة ما لامسته لجنة التحكيم من حرفية في الأعمال المسرحية المعروضة.
وأجمع أبطال مسرحية “صولو”، في غمرة من الفرح والسعادة بهذا التتويج العربي، أنّ الفوز كان متوقّعا رغم المنافسة الشديدة مع أعمال مسرحية أخرى خاصة “الشمع” من تونس و”ما بقات هدرة” من الجزائر. وقد أكدوا على أن هذا التتويج جاء ليؤكّد الجوائز السابقة التي حصدتها المسرحية في مسابقات محلية بالمغرب أو في تظاهرات دولية كأيام قرطاج المسرحية.
ومسرحية “صولو” أو “العزف المنفرد” أدى أدوارها كل من الممثل سعيد الهراسي وآمال بن حدو وهاجر الحامدي، وهي مقتبسة عن رواية “ليلة القدر” للكاتب المغربي الطاهر بنجلون. وورد هذا العمل على شاكلة اعترافات مسترسلة لامرأة اسمها “زهرة”، عاشت مقموعة ومنفية ومسلوبة الإرادة إلى حدود سن العشرين، بسبب تعنت وجهل والدها الذي قدّمها للمجتمع على أنها رجل.
وقد خضعت صياغتها الإخراجية لمسار روائي في نقل قضايا تحرر الذات وإثارة أسئلة وجودية تشغل الإنسان انطلاقا من موضوع معاناة المرأة من السلطة المجتمعية بمختلف تجلياتها داخل العائلة وفي تعاملها مع الآخر.
عبد الحليم المسعودي: “صولو” تستحق الجائزة
وتعليقا على قرار لجنة تحكيم المسابقة، قال الدكتور عبد الحليم المسعودي، الذي ترأس لجنة تحكيم مسابقة الدورة التاسعة عشرة لأيام قرطاج المسرحية، في تصريح خاص لـ (وات) إن “صولو” تستحق جائزة أفضل عمل مسرحي عربي لسنة 2017، مضيفا: “شاهدت جميع عروض المسابقة، وأعتقد أن لجنة تحكيم المسابقة أحسنت الاختيار في إعطاء “صولو” الجائزة”.
وتابع بالقول إن هذا التتويج للعمل المغربي يؤكد على أن لجنة تحكيم مسابقة أيام قرطاج المسرحية (2017) كانت محقة لما منحت العمل آنذاك جائزة أفضل أداء رجالي مناصفة وأفضل أداء نسائي مناصفة أيضا. واعتبر أن ّ انحصار جائزة مهرجان المسرح العربي في ثلاثة أعمال من تونس والجزائر والمغرب هو في حدّ ذاته تتويج للمسرح المغاربي.
مصر تستضيف النسخة الحادية عشرة للمهرجان
وأعلن الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله، خلال إلقائه كلمة اختتام المهرجان، أن الدورة الحادية عشرة لهذه التظاهرة المسرحية العربية ستقام بمصر السنة القادمة. ودعا بالمناسبة إلى ربط توقيت جميع الفعاليات المسرحية بتوقيت القدس.
وأضاف بالقول:” يشرّفنا أن نعمل على تفعيل توصيات المسرحيين العرب بعقد ندوة دولية حول فلسطين والقدس في المسرح”.
وتولّى الأمين العام للهيئة العربية للمسرح تكريم جميع الفرق المسرحية المشاركة في التظاهرة، بالإضافة إلى تكريم وزارة الشؤون الثقافية في شخص الوزير محمد زين العابدين.
تتويج الفائزين في الإصدارات والبحوث العلمية
كما تمّ خلال حفل الاختتام تتويج الفائزين في الإصدارات والبحوث العلمية. وشمل هذا التتويج كل من المصرية صفاء البيلي التي حازت على المركز الأول في مسابقة تأليف النص المسرحي للأطفال، وذلك عن مؤلفها “كوكب ورد”، وآلت الجائزة الثانية للعراقي ياس زويد عن مؤلفه “كوكب النوايا الطيبة”، في ما توج الجزائري حمزة الملياني مؤلف نص “الحياة مرة أخرى” بالجائزة الثالثة.
وفي ما يتعلّق بمسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار لسنة 2017، تحصّل العراقي مجد حميد قاسم على الجائزة الأولى عن نصه “النافذة”. وآلت الجائزة الثانية للمصري درويش الأسيوطي مؤلف نص “الأقنعة والحمّال”، أما الجائزة الثالثة فكانت من نصيب الفلسطيني خالد خماش عن نصّه “حارس أحجار الجنوب”، وقد تعذّر عليه المجيء لتونس لتسلّم جائزته بسبب منعه من السفر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتوّج السوداني أبو طالب محمد عبد المطلب بالجائزة الأولى لمسابقة البحث العلمي للشبان دون 35 سنة عن عمله “حوارية الخطاب المسرحي”. وآلت الجائزتان الثانية والثالثة لكل من المغربيّان عبد الله المطيع عن بحثه “من يتكلّم المسرح؟” وتلكماس المنصوري صاحبة بحث بعنوان “هل توجد كتابة درامية بين المؤلف والمخرج؟”
وكان تكريم المشاركين وتتويج الفائزين في مختلف مسابقات المهرجان العربي للمسرح، مسبوقًا بعرض مسرحية “ثلاثين وأنا حاير فيك” لتوفيق الجبالي وإنتاج فضاء مسرح التياترو. كما قدّمت الفرقة الوطنية للفنون الشعبية لوحات فلكلورية راقصة على خشبة المسرح البلدي. أمّا الفضاء الخارجي للمسرح البلدي، فقد سجّل حضورا جماهيريا لمشاهدة عرض سيرك لمجموعة “بابا روني”.
تجدر الإشارة إلى أن الدورة العاشرة لمهرجان المسرح العربي قد سجّلت مواكبة 25 ألف متفرج لمختلف العروض المسرحية، فضلا عن استقطاب 250 ألف مشاهد عبر البث المباشر لقناة اليوتيوب الخاصّة بالهيئة العربية للمسرح.
وجدير بالذكر أن المسرح التونسي سبق له أن نال جائزة أفضل عمل مسرحي عربي في مناسبتين، إذ تحصّلت مسرحية “زهايمر” للمخرجة مريم بوسالمي وإنتاج المسرح الوطني التونسي على النسخة الأولى للجائزة منذ إحداثها سنة 2011 بالأردن، وتحصّل المخرج جعفر القاسمي على هذه الجائزة، في مناسبة ثانية، عن عمله “ريتشارد الثالث” سنة 2014 بالشارقة.