تجربة العمل بنظام الحصة المسترسلة في مراكز الفحص الفني للعربات في تونس وتحديدا بكل من مركزي “البكري وسيدي حسين السيجومي” يمكن اعتبارها نموذجا ناجحا حيث بدأت ثمار هذه التجربة تعطي أكلها وتظهر للعيان فعلى غير العادة وعلى عكس السنوات الماضية وبمجرد قدومك لمحطتي الفحص الفني تتفاجأ بمشهد لم تعهده من قبل غياب لطوابير الانتظار..لا وجود لازدحام ووجوه مستبشرة سواء في صفوف المواطنين أو الأعوان.
فبعد سنوات من المعاناة تمكنت الوكالة الفنية للنقل البري من ايجاد حل للحد من أزمة الازدحام وطوابير الانتظار خاصة في هذين المركزين الذين يشهدان اقبالا كبيرا من طرف المواطنيين، التجربة وبعد شهرين من انطلاق العمل بها ساهمت أيضا حسب شهادات المسؤولين في الحد من ظاهرة السماسرة والدخلاء الذين غزوا القطاع كما ساهمت في تقديم خدمات أفضل للمواطن ،لتبقى المجهودات متواصلة للتصدي لظاهرة تدليس وطمس المعالم التشخيصية لبعض السيارات.
“المصدر” قام بجولة ميدانية في مركزي فحص السيارات ففوجئ كبقية الحرفاء بغياب طوابير الانتظار مشهد رحب به البعض ولم يصدقه البعض الآخر من هول المفاجأة.
“الحصة المسترسلة”
وفي هذا الاطار قال “عادل بالواعر” رئيس مصلحة الفحص الفني بمركز البكري في حديثه مع “المصدر” ان هذا المشهد أصبح يوميا تقريبا مشيرا الى تسجيل تحسن في نسق العمل وأريحية اكثر للمواطنين وايضا للاعوان منذ انطلاق العمل بنظام الحصة المسترسلة في نوفمبر الماضي، وأكد في نفس السياق على ان النشاط لم يتراجع وانما لم يعد هناك اكتظاظ وطول انتظار نظرا لطول ساعات العمل وفق تعبيره.
وأشار المصدر ذاته الى ان قانون التمديد في شهادة الفحص الفني بسنة اضافية بالنسبة للسيارات التي يتراوح عمرها بين 4 و10 سنوات ساهم أيضا بدوره في التقليص من الاكتضاض.
ومن جانبه اكد ايضا رئيس مصلحة الفحص الفني بمركز سيدي حسين السيجومي خالد العياري أن هذه التجربة ساهمت في تقليل الضغط والازدحام والقضاء على ظاهرة طوابير الانتظار الطويلة التي كانت تتجمع منذ ساعات الصباح الاولى حتى قبل فتح المركز لابوابه.
نظام العمل بحصة مسترسلة لاقى ترحيبا كبيرا من طرف المواطنين الذي استبشروا بهذا الاجراء وأكدوا انهم لاول مرة تمكنوا من فحص عرباتهم دون الانتظار لساعات طويلة او الاضطرار الى العودة في يوم آخر.
فتحي سائق “تاكسي” قال أنه خيل له للوهلة الاولى بانه أخطأ الطريق حيث دخل ولاول مرة دون ان تعترضه طوابير السيارات.
سائق تاكسي اخر قال ايضا بان مدة انتظاره لم تتجاوز الربع ساعة مشيرا ان هذا الاجراء سيمكنه من الالتحاق بعمله باكرا على غير العادة وفق تعبيره.
ومن جانبهم أكد عدد من الاعوان في حديثهم مع المصدر أنهم أصبحوا بعملون بأرياحية أكثر بفضل الحصة المسترسلة كما أصبح في امكانهم تقديم خدمات أفضل للحريف وفق تعبيرهم
“ظاهرة السماسرة والدخلاء “
وفي ما يخص ظاهرة السماسرة لم ينفي كل من رئيسي مصلحة الفحص الفني للسيارات الخفيفة بالبكري (عادل بالواعر )وسيدي حسين (خالد العياري) وجود السماسرة أو من وصفاهما بالدخلاء الذين يقومون يوميا باحضار سيارات لتمريرها على الفحص الفني وحجز اكثر من مكان مقابل مبالغ مالية مختلفة حيث اكد من جانبه “بالواعر” انه يعمل على الحد من هذه الظاهرة وذلك من خلال تصديه لبعض الوجوه المعروفة وفق تعبيره.
كما شدد بالواعر والعياري على أن نظام العمل بالحصة المسترسلة ساهم في التقليص من هذه الظاهرة خاصة وان السماسرة عادة ما يستغلون حالة الفوضى والاكتظاظ للتسلل الى طوابير الانتظار.
واكد بالواعر أن مقياس اسناد شهادة الفحص الفني من عدمها هو الحالة التي تكون عليها العربة وليس صاحب السيارة مشددا على انهم لا يبحثون عن هوية صاحب العربة وانما عن ما اذا كانت السيارة خاضة للقانون 147 و148 وتستحق الحصول على شهادة فحص فني ام لا وفق تعبيره.
وتجدر الاشارة الى ان وزير النقل رضوان عيارة ،كان قد أكد في وقت سابق ان 30 بالمائة من حرفاء مراكز الفحص الفني للسيارات في تونس هم من السماسرة والوسطاء مشددا على أن تفشي ظاهرة الوسطاء، جاءت نتيجة لما تعانيه مراكز الفحص الفني من اشكاليات ولا سيما الاكتظاظ وطول الطوابير بسبب بلوغ المراكز لطاقتها القصوى بالاضافة الى تهرم معدات الفحص.
“المعاينة..سيارات تطمس علاماتها التشخيصية.. 9 حالات تدليس شهريا بالسيجومي”
بخصوص المعاينة أكد رئيس مصلحة الفحص الفني للسيارات بالبكري أن من أبرزها الاشكاليات التي يتعرضون لها في عملية المعانية هي تدليس السيارات من خلال طمس علاماتها التشخيصية والتي في بعض الاحيان تكون بقصد من المواطن وفي احيان اخرى يكون المواطن الذي اشترى السيارة ضحيتها خاصة بالنسبة للسيارات التي تجلب من الخارج ويتم تمطس علاماتها في الخارج وفق تعبيره.
وشدد على ان بعض حالات التدليس التي تحصل في الخارج يصعب التفطن لها نظرا لاعتماد من وصفهم بالمافيات على تقنيات متطورة.
وبين انه في مثل هذه الحالات فان الاعوان يقومون بمعاينة السيارة في اطار القانون وفي حال وجود شبهة تدليس يتم سحب شهادة السيارة المشكوك فيها واحالتها الى الادارة الجهوية التي تطلب بعض المعطيات الاضافية للتثبت من السيارة ثم يتم عرض السيارة على لجنة من الخبراء للجزم في وقوع تدليس من عدمه وفي حال حصل تدليس يتم حجز السيارة وافتكاكها من صاحبها وفق تعبيره.
وشدد المصدر ذاته على ان المجهودات تبقى متواصلة للكشف عن هذه الحالات والتصدي لعمليات التدليس وان الاعوان يحاولون قدر المستطاع التفطن لمثل هذه التجاوزات.
وفي سياق متصل تحصل المصدر على احصائيات رسمية تفيد بسجيل 9 حالات تدليس شهريا متصلة بالعدد الرتبي او لوحة الصانع على مستوى مركز الفحص الفني بالسيجومي فقط.
وفي نفس السياق وجه احد أعوان المعاينة رسالة الى المواطن التونسي نبهه فيها الى ضرورة القيام بالمعاينة للسيارة التي يريد شرائها قبل دفع امواله لانه في حال حصل اي اشكال سيجد المواطن نفسه المتضرر الاساسي من عمليات التدليس وفق تعبيره .
ويذكر أن وزارة النقل الى جانب حصة العمل المسترسلة كانت قد اتخذت جملة من الاجراءات العاجلة من اجل ضمان تقديم خدمات افضل لأصحاب السيارات الذي يترددون على وكالات الفحص الفني بكامل تراب الجمهورية والتي من ابرزها ايضا انتداب اعوان جدد.
نموذج لمعاينة سيارة بطاقة الصانع الأصلية لها ممزقة وممحاة جزئيا بالاضافة الى ضياع بطاقة تسجيل العربة..