حملت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في بيان لها اليوم الأربعاء، الرئيس المدير العام بالنيابة لمؤسسة التلفزة التونسية، عبد المجيد المرايحي، المسؤولية الكاملة عمّا حصل بخصوص “بث القناة الوطنية الثانية أرضيا انطلاق أشغال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب وآداء النائب الملتحق حديثا بالمجلس ياسين العياري القسم، عوضا عن البث الفضائي مثلما جرت عليه العادة”، مطالبة بإقالته من منصبه.
واعتبرت النقابة، التي كانت طالبت سابقا بإقالة المسؤول المذكور بداعي أنه تمّ تعيينه بشكل مسقط ودون المرور بالرأي المطابق كما ينص على ذلك المرسوم 116 المنظم للإعلام السمعي البصري، أن تعيين المرايحي ساهم في إرباك آداء المؤسسة وكرّس ضبابية اكتنفت سياستها التحريرية.
ودعت نقابة الصحفيين الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الى فتح باب الترشحات الحرّة لخطّة الرئيس المدير العام للتلفزة التونسية استنادا إلى برنامج إصلاحي يرتكز على عقد أهداف لتطوير المؤسسة باعتبارها مرفقا اعلاميا عموميا.
وذكرت النقابة أنها “فوجئت ببث القناة الوطنية الثانية أرضيا انطلاق أشغال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب وآداء قسم النائب الملتحق حديثا بالمجلس ياسين العياري عوضا عن البث الفضائي، مثلما جرت به العادة لتحرم بذلك التونسيات والتونسيين من حقهم في متابعة الحدث وتضرب مبدأ التنوع الذي من المفترض أن يتميز به المرفق العمومي في تعتيم سافر على دافعي الضرائب وحجب لحقهم في المعلومة”.
واعتبر البيان أن هذه الممارسة تأتي ” في سياق المحاولات المتكررة للتدخل في الاعلام العمومي وتدجين مؤسسة التلفزة التونسية ووضع اليد عليها وضرب استقلاليتها عن كل تأثيرات سياسية ومنها التدخل الحكومي في المضامين الاعلامية”.وتعتبر النقابة أنّ ما حصل “هو إحدى النتائج الطبيعية لسياسة التعيينات الحكومية الوقتية والفوقية المسقطة على رأس مؤسسات الاعلام العمومي التي تعتمد الولاء على حساب الكفاءة”.
ومن جانبها، حملت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) السلطة التنفيذية مسؤولية ما يحدث في مؤسسة التلفزة التونسية من انفلات وعدم استقرار، داعية إياها الى التعجيل بتفعيل الفصل 19 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المتعلق بالرأي المطابق في تسمية رئيس مدير عام لمؤسسة التلفزة التونسية وذلك من خلال ترشيح كفاءات مشهود لها بالخبرة والاستقلالية لهذه الخطة، على أن يتم التكليف على أساس عقد معلوم الأهداف والوسائل والمدة والآليات للتقييم.
واعتبرت الهايكا، في بيان صادر عنها تبعا للقرار الصادر عن مؤسسة التلفزة التونسية الأربعاء والمتعلق بإقالة مدير القناة الوطنية الثانية، عماد بربورة، أن حالة الفوضى والغموض الذي يحيط بآليات اتخاذ القرارات داخل مؤسسة التلفزة الوطنية مرده الفراغ الاداري والتأخر في استكمال مسار الاصلاح وتطوير المنظومة القانونية بما يضمن استقلالية المرفق الاعلامي العمومي ويتلاءم ودوره في خدمة الصالح العام سعيا الى القطع مع الممارسات الموروثة عن النظام السابق.
وأدانت “كل انحراف عن مبادئ المرفق الاعلامي العمومي وخاصة منها ضرورة ضمان التعددية والتعامل على قاعدة المساواة مع مختلف الحساسيات السياسية والفكرية وضمان حق المواطن في المعلومة”، مؤكدة على ضرورة تنظيم العلاقة بين مؤسسة التلفزة التونسية ومجلس نواب الشعب بخصوص تغطية أنشطته وجلساته وفق قواعد مهنية شفافة ومعلنة.
ويشار في هذا الخصوص إلى أن الفصل 103 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ينص على أن الجلسات العامة العلنية يتم إشهارها بشتى الوسائل ومنها “البث الإذاعي والتلفزي الحي والمباشر لمداولات الجلسات العامة وتيسير متابعة التونسيين بالخارج للمداولات”.
ويذكر أن لقاء كان جمع الرئيس المدير العام للتلفزة التونسية الأسبق مصطفى بن لطيف بمحمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب، في جانفي 2015، أفضى إلى الاتفاق على أن تواصل التلفزة التونسية نقل أشغال المجلس بصفة مباشرة، مثلما كان عليه الشأن أيام عمل المجلس الوطني التأسيسي.
وجاء في بلاغ أصدره مجلس نواب الشعب انذاك أنه تم الاتفاق على أن يستمر هذا التعاون في اطار اتفاقية يتم إعدادها، في انتظار وضع خطة لبعث قناة برلمانية بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية”، وهو ما لم يتم انجازه نظرا للتكلفة المرتفعة لبعث مثل هذه القناة، وتحويل مشروع القناة البرلمانية الى قناة تبث عبر “اليوتوب” بالأنترنت.
وحول ذات الموضوع طالب مركز تونس لحرية الصحافة، في بيان له اليوم الاربعاء، بفتح تحقيق إداري لتحديد ملابسات حادثة قطع البث الفضائي عند آداء أحد النواب القسم وتحديد المسؤوليات، على أن تنشر نتائجه للعموم حتى لا تتكرر مثل هذه الممارسة.
وذكّر المركز بأن هذه المؤسسة “هي منبر للجميع باختلاف أطيافهم، وأنه من واجب المسؤولين على إدارتها احترام هذا المبدأ بعيدا عن أية تجاذبات أو صراعات حزبية”.
ويشار إلى أن رئاسة مؤسسة التلفزة التونسية أقالت اليوم الاربعاء مدير القناة الوطنية الثانية على خلفية بث القناة لإنطلاق أشغال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب أرضيا عوضا عن البث الفضائي مثل ما جرت عليه العادة.
وأكد بلاغ صادر عن مؤسسة التلفزة التونسية، في وقت سابق من اليوم، أنه ستتم إعادة بث آداء قسم النائب ياسين العياري وبداية إنطلاق أشغال الجلسة العامة الصباحية لمداولات مجلس نواب الشعب لليوم الأربعاء، ظهر نفس اليوم.
وكان عدد من النواب في البرلمان استنكروا، خلال الجلسة العامة، هذه الحادثة وطالبوا بفتح تحقيق جدي في ذلك.