تعقد لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب يوم الخميس القادم (15 فيفري)، يوما مفتوحا بمقر الأكاديمية البرلمانية، حول مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الاتصال السمعي والبصري، بحضور كافة المتدخلين في القطاع وجهة المبادرة ممثلة في وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان، بعد أن أنهت اليوم سلسلة الاستماعات الخاصة بمشروع هذا القانون.
وأوضح رئيس اللجنة نوفل الجمالي، في تصريح صحفي اليوم الخميس، عقب جلسة استماع إلى كل من ممثلي النقابة التونسية للمؤسسات الإعلامية والنقابة العامة للإعلام، أن هذا اليوم المفتوح سيمثل فرصة للحسم في كيفية تعاطي اللجنة مع فصول مشروع القانون، أمام تعدد وجهات النظر واختلاف الآراء حوله بما فيها المطالبة بسحبه، وذلك بإتاحة الفرصة للمعنيين به للتباحث حوله والخروج بخارطة طريق تساعد اللجنة في عملها.
وأضاف أن اليوم المفتوح سيركز بالخصوص على فلسفة مناقشة المشروع، إزاء دعوة بعض الجهات إلى عدم تناول المسألة من منظور هيكلي صرف بإرساء هيئة الاتصال السمعي والبصري، دون إحداث قانون ينظم حرية الإعلام والصحافة والقطاع ككل، مبينا أن اللجنة مطالبة بالتحكيم بين مختلف هذه التوجهات، لذلك ارتأت تشريك كل الأطراف المعنية ومزيد الاستماع إلى وجهات نظرهم ومحاولة التقريب بينها.
وبخصوص المواقف الداعية إلى سحب مشروع القانون، أوضح الجمالي أن اللجنة تتفهم هذا المطلب لكنه ليس من صلاحياتها قانونيا، بل هو من مشمولات جهة المبادرة، موضحا أن اللجنة مطالبة وفق الدستور والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب بمواصلة النظر في مشاريع القوانين طالما تعهدت بها.
وخلال جلسة الاستماع للنقابة العامة للإعلام، إعتبر الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالإعلام سامي الطاهري، أن الاستشارة حول مشروع هذا القانون لم تأخذ حظها وخاصة الملاحظات والمقترحات التي تقدمت بها المنظمات الوطنية في الغرض، مبينا أن أهم ملاحظة في خصوصه هو إعتباره مجرد قانون إداري تنظيمي يفتقر إلى روح وفلسفة حماية حرية الإعلام والاتصال، وتوفير كل الإمكانيات المادية والقانونية لضمان استقلالية القطاع وحريته.
كما أشار إلى وجود إخلالات في مشروع القانون، في علاقة بتركيبة الهيئة واستقلاليتها ودورها في تنظيم الإعلام المسعي والبصري، وغياب الوضوح في خصوص لائحة المخالفات في هذا المجال، ونوعية العقوبات ومجالات تدخل الهيئة في تطبيق القانون، مجددا الدعوة إلى سحب مشروع القانون وإعادة صياغته بروح جديدة لا تقيد حرية القطاع.
وبين أن مناقشة قانون الإعلام السمعي والبصري دون الحديث عن قانون للصحافة المكتوبة والالكترونية، قد يحدث تضاربا بين التشريعات لانعدام رؤية واضحة بخصوص القطاع ككل، مبرزا ضرورة تزامن مناقشة مشاريع القوانين المتعلقة بالصحافة والإعلام ككل.
أما رئيس نقابة مديري المؤسسات الإعلامية نبيل القروي، فقد أكد خلال الاستماع لأعضاء النقابة حول مشروع القانون، أن أصحاب المؤسسات الإعلامية معنيون أيضا بقانون تنظيم الإعلام السمعي والبصري والهيئة المشرفة عليه، قائلا “لقد حان الوقت لإرساء هيئة دائمة تعوض الهيئة الوقتية وتوقف أحكامها المؤقتة”، مضيفا أن “تطوير القطاع السمعي والبصري يبقى رهين تركيز هيئة دستورية وقوانين قارة تحمي آلاف العاملين فيه”.
ولاحظ أن مشروع القانون الحالي لن “يساهم في دفع المؤسسة الإعلامية طالما أقر للهيئة صلاحية تمكنها من تجميع مادة الإشهار العمومي والخاص وتوزيعها على المؤسسات”، ووصف هذه العملية ب “عودة وكالة الاتصال الخارجي في شكل جديد”، معربا عن التخوف من “السلطة والصلاحيات التي ستمنح لرئيس الهيئة في هذا الجانب”.
وأعرب القروي عن الأمل في “التوصل إلى قانون متوازن يخدم حرية الإعلام ويساهم في تطوير القطاع دون الإضرار بمصالح أي طرف”، مؤكدا على ضرورة أن تكون هيئة الاتصال السمعي والبصري ضامنة للحريات الإعلامية وتدافع عن المؤسسات والعاملين فيها عوض العقاب والزجر والقمع”، على حد قوله.
وحذر من أن “يساهم تعقيد القوانين في النفور من الاستثمار في قطاع السمعي والبصرين، واللجوء إلى بعث قنوات تلفزية أو إذاعية على مواقع التواصل الاجتماعي، دون الحاجة إلى رخصة أو صحفيين وعاملين”، مبرزا الحاجة إلى “رؤية شاملة للقطاع تراعي مصالح مختلف الأطراف وتعمل على تطويره”.