في اطار التصدي لظاهرة الفساد وتبييض الأموال وبالتنسيق مع القطب القضائي المالي باشرت الفرقة المركزية الثانية للابحاث للحرس الوطني بإدارة الاستعلامات للحرس الوطني بالعوينة البحث في قضية موضوعها تكوين وفاق والاتجار بالعملة الاجنبية خارج الصيغ القانونية المعمول بها والشبهة في تبييض الاموال واستغلال موظف لما له من نفوذ وروابط حقيقية وقبول عطايا أو وعود وهدايا او منافع كيفما كانت طبيعتها بدعوى الحصول على حقوق وامتيازات لنفسه او لغيره والارتشاء من قبل موظف عمومي وهو الباعث على ذلك والمشاركة في ذلك.
وقد كشفت التحريات المجراة في القضية تعمّد 5 موظفين تابعين للبنك المركزي من بينهم 3 اعوان ونائب مدير ونائب مصلحة التعامل مع تاجر عملة صعبة في السوق السوداء وخارج الاطر القانونية على امتداد 4 سنوات وذلك بتسهيل عمليات استبدال مبالغ مالية هامة تصل الى عشرات آلاف الاورو.
وحسب ما جاء في التحريات التي نشرتها صحيفة “الصريح” فإن العملات التي يتم استبدالها هي من فئة 5 و10 و20 اورو مقابل تمكينهم من اوراق نقدية من فئة 500 او 200 اورو وذلك لتهريبها بعد ذلك. وحسب مصدر مطلع فإن المبالغ كانت طائلة مقابل عمولات للاعوان ونائب المدير ونائب رئيس المصلحة. وقد تم الاحتفاظ بالاخيرين في حين تم الابقاء على الاعوان الثلاثة بحالة سراح وتقديم وعلى ذمة الابحاث والتحريات حيث اعترف الاعوان الثلاثة بالبنك المركزي انهم كانوا مجبرين على تنفيذ اوامر المديرين وتحديدا الاطارين المورطين في العملية.
وافادت اعترافات المتورطين الخمسة ان الشبكة التي تنشط في البنك المركزي عملت في مجال تبييض الاموال والاتجار في العملة على خلاف الصيغ القانونية لمدة 4 سنوات بالتمام والكمال تمكن المتورطون خلالها من جني مرابيح وعمولات كبيرة جراء عمليات تبييض الاموال والاتجار بالعملة حيث كان التاجر وهو رجل اعمال معروف في العاصمة يقوم بدور الوسيط لجلب بعض الحرفاء الهامين مقابل صرف مبالغ اجنبية بمساعدة نائب رئيس مصلحة التعامل ونائب المدير. وقد نشطت العمليات على مراحل متفاوتة مقابل عمولات كبيرة تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف دينار حسب الاعترافات المقدمة.
وقد تبين ان العملية تسببت في 250 الف اورو خسائر لمدة 4 سنوات اي منذ تولي محافظ البنك المركزي المهمة وفي فترته. وحسب مصدر مطلع فإن الابحاث لم تشمل بعد محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري لكن قد يتم الاستنجاد به كشاهد. والابحاث والتحريات مازالت جارية. وقد تتم الاطاحة بعديد الرؤوس بعد اصدار بطاقتي ايداع بالسجن في حق نائب المدير ونائب رئيس مصلحة التعامل في البنك المركزي.
هذا، وقد تم كذلك التحقيق والاستماع الى شهادة مديرين في المصالح بخصوص قضية تبييض الاموال والتي كنا انفردنا بنشر اولى تفاصيلها. وقد قدم بعض المسؤولين شهاداتهم حيث علمنا ان هناك من عبروا عن استغرابهم وتفاجئهم بملف القضية وتورط بعض الاطارات العاملة بالبنك المركزي كما اكد بعض المسؤولين في شهاداتهم انه تم اتخاذ قرار تجميد وايقاف المتورطين في فضيحة تبييض الاموال والاتجار بالعملة الاجنبية على غير الصيغ القانونية.
هذا، كما تبين ان المتورط الرئيسي وهو تاجر العملة والذي ربط قنوات اتصال مع رجال اعمال تحصّن بالفرار. وحسب المعطيات الاولية والتحريات الامنية فإن المعني موجود حاليا خارج تونس مع العلم ان الفرقة المركزية الثانية للحرس الوطني بالعوينة تعهدت بمواصلة الابحاث في هذا الملف الخطير والمتشعب بإذن من النيابة العمومية بالقطب القضائي المالي. وقد تم فتح التحقيق منذ فترة في سرية تامة الى حين الايقاع بالعناصر المتورطة في القضية.
وحسب اعترافات المتهمين فإن عملية الاتجار بالعملة الاجنبية كانت تهدف الي تهريب الاموال خارج تونس حيث يعمد المتورط الرئيسي وهو تاجر العملة الى الحصول على اوراق نقدية بالعشرات من فئة 100 و200 اورو للتمكن من تهريبها من خلال استبدال الاوراق النقدية من فئة 5 و10 و20 اورو الى اوراق من فئة 100 و200 اورو وبذلك يكون امر تهريب الاموال سهلا بالنسبة للمتورط الرئيسي وهذا ما جاء في الابحاث وفي اعترافات الاعوان الثلاثة الذين تورطوا مع نائب رئيس مصلحة التعامل ونائب المدير بالبنك المركزي وهما من كانا يعطيان التعليمات للاعوان بتسهيل مهمة المعني.
هذا وقد تم ادراج تاجر العملة المتورط في قضية تبييض الاموال بالبنك المركزي بالتفتيش وفي صورة وقوعه في الفخ فإنه سيكشف عن عديد الاسماء الاخرى والكبرى المتورطة في تونس.