أكد الاستاذ محمد الراجحي في محاضرة له بعنوان “لويس براي محرر من المحبسين، للأصابع عيون” قدمها عصر الاربعاء بدار الكتب الوطنية بالعاصمة، على أهمية طريقة لوي براي للقراءة والكتابة الموجهة للمكفوفين وضعاف البصر في فك العزلة المعرفية والعلمية عن هذه الشريحة الاجتماعية ومنحها الفرصة كاملة، أسوة بشريحة سليمي البصر، للنهل من محاسن المعرفة والثقافة والفنون بل والتألق فيها وفى العديد من الاختصاصات العلمية والاجتماعية والادبية.
وأضاف، أن لويس براي الذي ولد سنة 1852 بباريس يعتبر شخصية مميزة تستحق صفة “العالم الإنساني”، ورغم فقدانه لبصره في سن الثالثة من عمره في حادث أليم في متجر والده السراج، فقد التحق بالمدارس الفرنسية ثم بمعهد مختص في تعليم المكفوفين وتفوق في دراسته. ورغم اعتماد المناهج التعليمية بهذه المؤسسة على بعض الطرق لتلقين ضعاف البصر والمكفوفين، فإن ذلك لم يشف غليله ودفعه للتفكير باستمرار في طريقة أكثر يسرا وأحسن جدوى لمساعدة حاملي الاعاقة البصرية على القراءة والكتابة والتواصل مع محيطهم ، حتى توفق في ابتكار طريقة “النقاط الست” (طريقة براي) وكان ذلك سنة 1839 .
وتقوم هذه الطريقة على ست نقاط، ثلاثة على اليمين ومثلها على اليسار، وبهذه النقاط أمكن اختزال 73 رمزا و63 تركيبا و29 حرفا وهو ما اتاح للمكفوفين تصفح وقراءة المنشورات بملامس الاصابع. هذه الطريقة رفعت عن المكفوفين في العالم قدرا كبيرا من التهميش وبعثت في نفوسهم الامل في نحت حياة عادية لا تختلف عن الأسوياء في شيء، وفق المحاضر.
وقال ان استعمال طريقة براي على نطاق واسع كان بعد اختراعها بنحو ثلاثة عشر عاما وتحديدا بعد وفاة مخترعها لويس براي حيث انعقد اجتماع عالمي في باريس سنة 1950 وحضره علماء وخبراء في تدريس المكفوفين وقرروا توحيد لغة تدريس ضعاف البصر واختيار طريقة براي دون سواها لهذا الامر.
وعرج المحاضر على واقع الكفيف في تونس فقال، في بداية سنوات الاستقلال كان المكفوفون مهمشون ولا يحظون بأي اهتمام يذكر وامتهن اغلبهم التسول قبل ان تفردهم دولة الاستقلال بالعديد من الاجراءات الرائدة ويتكفل بعض رجال الدولة الحديثة بدور النهوض بهذه الشريحة من المجتمع التونسي ادبيا ومعنويا وفتحت امامهم ابواب المدارس ومراكز التدريب والتكوين، واليوم هناك نحو 20 الف كفيف لهم شهادات علمية عليا ومتوسطة.
وعبر الاستاذ الراجحي عن أسفه لغياب “ثقافة احترام الكفيف والمعوق بشكل عام لدى المواطن التونسي”، في تقديره، داعيا المصالح المعنية والمنظمات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني إلى مضاعفة الجهود والمبادرات الرامية لمزيد النهوض بدور المعوق في المجتمع وتعزيز حقوقه الاساسية بما يساعد عن رفع الضيم عنه وتيسير اندماجه في الدورة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.