أجمع عدد من ممثلي الهيئات الوطنية والمجتمع المدني اليوم الإربعاء على رفض مسألة تخزين أرشيف هيئة الحقيقة والكرامة لدى جهات أجنبية بعد نهاية عهدتها في المقابل أكد ممثلو الهيئة أن المسألة لم تحسم بعد.
وقد أشار المتدخلون أثناء ندوة وطنية موضوعها “أرشيف الضحايا: أداة للمصالحة وجزء من الذاكرة الجماعية”، نظمها الأرشيف الوطني بمقره اليوم، إلى الاشكاليات التي يولدها مثل هذا الإجراء لارتباطه بحقوق الضحايا في حماية معطياتهم الشخصية وبحقهم وحق العموم في النفاذ إلى المعلومة ولتعارضه
مع عدد من القوانين الوطنية والدولية.
وأكد العضو القار بالهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية محمد الهادي الوسلاتي أن تخزين أرشيف الهيئة لدى جهة أجنبية يتعارض تماما مع ما جاء في الفصل 24 من الدستور مضيفا أن هذا الإجراء يتعارض مع ما نصت عليه القوانين التونسية بما في ذلك قانون العدالة الإنتقالية.
وأوضح أن 90 بالمائة من أرشيف الهيئة يتعلق بمعطيات شخصية حساسة على غرار المعطيات المتعلقة بالجرائم والوضعية الجزائية للضحايا وحالتهم الصحية ومعتقداتهم قائلا ان نقل مثل هذه المعطيات خارج تراب الوطن ممنوع لمخالفته لكافة القوانين التونسية وللمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس.
وينص القانون الدولي وفق ما صرح به الوسلاتي على أن نقل مثل هذه المعلومات لا يكون جائزا إلا بتوفر شرط إخفاء هوية المعنيين وتحويلها إلى معطيات إحصائية مشيرا إلى وجود شركات تونسية خاصة وعمومية قادرة على القيام بمهمة تخزين الأرشيف وتوطينه.
واعتبر رئيس هيئة النفاذ إلى المعلومة عماد الحزقي أن حفظ أرشيف هيئة الحقيقة والكرامة لدى جهة أجنبية مسألة غير مقبولة بالنظر لأنها شأن وطني بالأساس مشيرا إلى تراجع الهيئة عن فتح المجال أمام مؤسسات أجنبية لحفظ أرشيفها وأنها بصدد إعادة النظر في طلب العروض.
وأضاف في تصريح إعلامي أن ما يهمه في حفظ الأرشيف أن يكون قابلا للنفاذ سواء من قبل الضحايا أنفسهم أو من قبل العموم في إطار ممارسة الحق في النفاذ إلى المعلومة أو من قبل الباحثين بهدف استغلال هذا الكم الهائل من الوثائق لإعداد البحوث العلمية ودراسة تاريخ تونس المعاصر.
من جانبه عبر المدير العام لمؤسسة الأرشيف الوطني التونسي الهادي جلاب عن خشيته من توطين أرشيف هيئة الحقيقة والكرامة لدى مؤسسات خاصة أو منصات تخزين خارج تراب الوطن لاسيما وأن الهيئة تسلمت جزء كبيرا من الوثائق من مؤسسة الأرشيف الوطني معربا عن تخوفه من امكانية تسريبه
واستغلاله لأمور لا علاقة لها بالعدالة الانتقالية.
وقال ان الغاية من تنظيم الندوة الوطنية تتمثل في التعبير عن رفض مؤسسة الأرشيف الوطني القاطع تسليم أرشيف الهيئة إلى مؤسسة خاصة في تونس أو خارجها داعيا إلى إحالة كامل هذا الأرشيف بعد انتهاء عهدة الهيئة إلى مؤسسة تابعة للدولة سواء لمؤسسة الأرشيف الوطني التي تمتلك التجربة والإمكانيات والخبرة في معالجة الأرشيف أو مؤسسة أخرى تحدث للغرض وتكون تابعة للدولة مثلما ينص على ذلك قانون العدالة الانتقالية.
في المقابل أفاد عضو هيئة الحقيقة والكرامة ونائب رئيس لجنة حفظ الذاكرة صلاح الدين راشد أن القرار بخصوص طلب العروض لم يتم الحسم فيه بعد مضيفا أن هذه المسألة إدارية بحتة.وأوضح أنه نظرا للحجم الكبير للوثائق السمعية البصرية فإن تخزينها يتطلب منصات تخزين كبيرة وتقنيات خاصة.
يشار إلى أن الهيئة أطلقت على موقعها الإلكتروني، وفق ملف صحفي أعده منظمو الندوة، عن طلب عروض خاص بايواء الرصيد الوثائقي والسمعي البصري الذي قامت بتجميعه لدى مزودين خواص.