تجمع عدد هام من المحامين والقضاة ومن ممثلي عدد من منظمات المجتمع المدني صباح اليوم الخميس امام مقر المحكمة الابتدائية ببن عروس، للتنديد بحادثة اقتحام عدد من منتسبي النقابات الامنية الاثنين المنقضي لمقر المحكمة، مطالبين السلطات باتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية مرفق القضاء.
وانتظمت الوقفة الاحتجاجية، التي دعت اليها كل من جمعية القضاة التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين والفرع الجهوي للمحامين بتونس والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (مكتب تونس)، امام مدخل المحكمة، وسط حضور اعلامي وامني لافت، حيث وقف المحتجون على المدرج المؤدي الى مدخل المحكمة، مرددين النشيد الوطني، ورافعين شعارات تطالب بحماية مرفق العدالة وبفتح بحث تحقيقي واداري في الاحداث التي شهدتها المحكمة، وباحداث شرطة قضائية لحماية المحاكم تخضع لاشراف النيابة العمومية.
وحمل عميد المحامين عامر المحرزي في تصريح صحفي السلطتين السياسية والقضائية مسؤولية “عدم اتخاذ الاجراءات الفورية لتتبع كل من ارتكب تجاوزا في هذه الحادثة” قائلا ان هذه الوقفة الاحتجاجية “ستتبعها خطوات اخرى على غرار الاتصال بوزير الداخلية للمطالبة ببحث حقيقي وجدي في هذا التجاوز، وبوزير العدل للقيام بما يتوجب عليه لحماية المحاكم”، واصفا ماحدث ب”العبث الذي لايمكن ان يقبل اطلاقا والذي ينذر بخطر كبير على مرفق العدالة ككل”.
من جهته، شدد رئيس جمعية القضاة التونسيين انس الحمايدي على ان الاحداث التي جدت بالمحكمة الابتدائية ببن عروس “احداث مخجلة” و”تنذر بالخطر على المواطن والقاضي والمحامي” واشار الى ان الجمعية، وبعد المعلومات التي تم استقاؤها من منظوريها، وبعد المعاينات التي تم الوقوف عليها من قبلهم ثبت ان من اوكل اليهم حماية المحكمة “قاموا بمحاصرتها واحتلال بهوها الداخلي والخارجي واروقتها باستعمال وسائل الترهيب ومقدرات الدولة” تجاه السلطة القضائية حامية الحقوق والحريات وتجاه لسان الدفاع وكل الاطار الاداري والقضائي بالمحكمة .
واضاف الحمايدي ان هذه الاحداث “لم تكن الاولى بل حصلت سابقا بالمحكمة الابتدائية بسوسة وبالمحكمة الابتدائية بقفصة وبالمحكمة الابتدائية بجندوبة وبالمحكمة الابتدائية بتونس، ولم تتخذ الاجراءات الرادعة”، وتساءل عن المغزى من وراء كل ذلك قائلا “اما ان تكون دولة مؤسسات ودولة عدل وقانون او دولة فوارق، هناك من يطبق عليهم القانون، وهناك من هم فوق القانون “.
وشدد على ان “حماة مرفق العدالة لن يسكتوا على مثل هذه الاحداث مجددا، ولن يسمح بتكرارها، وسيتم اتخاذ كل الاجراءات الضرورية والحينية بمعية كل الشركاء المدافعين عن دولة الحق والعدالة بخصوص الحادثة لاسيما احداث جهاز امني مكلف بحماية المحاكم يخضع لاشراف النيابة العمومية ولا تأخذه النزاعات القطاعية التي اضرت بالدولة الى ابعد الحدود” وفق تعبيره.
في نفس السياق اعتبر رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان ياسين اليونسي ماحصل من قبل مجموعة من الامنيين المنتسبين لبعض النقابات الامنية الاثنين المنقضي ب”السابقة الخطيرة” و”بالمهزلة بكل المقاييس” والتي ادت الى تعطيل مرفق العدالة ومنع القائمين عليه من العمل في الظروف الطبيعية قائلا “ان قاضي التحقيق كان مجبرا تحت الضغط المسلط عليه على اتخاذ قرار الافراج عن الامنيين الموقوفين”.
واضاف اليونسي ان جمعية المحامين الشبان “قررت تقديم قضية للمطالبة بحل النقابات الامنية المتورطة في هذه الاحداث، وتكليف 20 محاميا بمتابعتها”.
ومن جهته، وفي ذات السياق، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة، إياد الدهماني، في تصريح سابق لوات، بأنه “تم فتح تحقيق في الغرض لكشف حقيقة ملابسات ما حصل في حرم المحكمة (الاثنين المنقضي)”، وشدّد على “التزام الحكومة بحماية المرفق القضائي، وتوفير كل الشروط اللازمة لتكريس استقلال السلطة القضائية، وتطبيق مقتضيات الدستور في ما يتعلق بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة للجميع في اطار استقلالية وحيادية السلطة القضائية”.
وكان الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية ببن عروس عمر حنين اكد من جهته في تصريح حصري لوات الثلاثاء المنقضي، ان قاضي التحقيق بالمحكمة اذن بفتح بحث تحقيقي على خلفية تعرض موقوف لشبهة الاعتداء بالعنف من قبل موظف عمومي، وبين ان النيابة “اذنت بفتح بحث تحقيقي في الغرض اثر شكاية تقدم بها المتضرر عن طريق محاميه وبناء على ماتضمنه تقرير الطبيب الشرعي الذي اثبت تعرض المشتكي للعنف الذي نجم عنه وجود 22 كدمة في جسده فضلا عن اصابته بجروح اخرى في يديه نتيجة شظايا بلورية”.
وشمل البحث التحقيقي خمسة امنيين ثلاثة منهم بحالة احتفاظ واثنان بحالة تقديم حيث قرر قاضي التحقيق المتعهد بالقضية بعد سماعهم والقيام بالاجراءات اللازمة ابقاءهم بحالة سراح وعرضهم على القيس.
واوضح الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية ببن عروس انه خلافا لما تم تداوله بمختلف وسائل الاعلام وخاصة على لسان ممثلي النقابات الامنية فان الموضوع لايتعلق بقضية ارهابية وانما يتعلق بقضية حق عام (براكاج) باعتبار المحكمة الابتدائية ببن عروس لاتتعهد بالنظر في القضايا الارهابية وانما تتعهد بقضايا الحق العام كقضية الحال والمتهم فيها كل من المدعو (ع-ب) وابنا اطارين ساميين في الامن صدرت في حقهما بطاقة ايداع بالسجن .
يذكر ان فضاء المحكمة الابتدائية ببن عروس شهد مساء الاثنين المنقضي تجمعا لعدد من منتسبي النقابات الامنية الذين طالبوا بالافراج عن زملائهم الموقوفين في القضية بعد اصدار نقابة موظفي الادارة العامة للامن العمومي بيانا دعت فيه كافة اطارتها واعوانها الى مقاطعة تامين الجلسات بالمحكمة المذكورة مطالبة اياهم بعدم مغادرة اسوار قصر العدالة الى حين الافراج عن الامنيين المتهمين “ظلما وبهتانا” حسب نص البيان، وعدم المثول مستقبلا امام الجهات القضائية بخصوص القضايا المرتبطة بممارستهم لمهامهم الامنية.