اعتبر شفيق صرصار أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس والرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الهيئات الدستورية لا زالت تشكو عديد الصعوبات ما ولد شكوكا في مدى جدية التزام الطبقة السياسيّة بتفعيل مختلف آليات الهيئات الدستوريّة المستقلّة.
وأضاف اليوم الخميس في افتتاح ملتقى موضوعه “الهيئات الدستورية المستقلة: أي تكريس؟” أن استقلاليّة الهيئات الدستوريّة المستقلّة، لا يعني عدم خضوعها للرقابة مؤكدا ضرورة استنباط مبادئ حوكمة جديدة لهذه المؤسسات عبر محاسبتها وتقديمها لتقارير شفافة ودورية للتثبت من تطابق أعمالها مع المعايير القانونيّة، والأخلاقية، والمالية المحددة لها.
وأوضح شفيق صرصار أن حوكمة الهيئات الدستورية المستقلة تشتمل ثلاثة أبعاد أولها يتصل بموضوع الرقابة (على الأشخاص وعلى الأعمال وعلى الحسابات) ويتمثل البعد الثاني في معيار طبيعة الهيكل المراقب (رقابة قضائية، رقابة برلمانية، رقابة المجتمع المدني والأحزاب السياسيّة) فيما يتمثل البعد الثالث في مؤشرات قياس نجاعة الإدارة الهيئات في تحقيق التصرف والإدارة الرشيدة للموارد لتحقيق أعلى نسبة من الجدوى.
وأشار الى أنه لا يمكن لحوكمة الهيئات الدستورية أن تنجح في تونس إلا بتوفر شروط المنظومة القواعدية ووضوح الرؤرية وبلورة مرجعية واضحة للرقابة قائلا ان حوكمتها لا يمكن أن تتم على شاكلة حوكمة السلط العموميّة التقليدية، بل لا بد من الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المهام الموكولة وقياس النجاح والفشل في تحقيق هذه المهام .
من جانبها أفادت عميدة كلية العلوم القانونية والاجتماعية والسياسية بتونس نائلة شعبان، في تصريح إعلامي، بأن هناك اشكالية بخصوص تكريس استقلالية الهيئات الدستورية المستقلة بوجود سوء فهم لمبدأ استقلالية هذه الهيئات يتمثل في عدم اخضاعها للرقابة داعية إلى تحديد نوعية الرقابة على الهيئات الدستورية المستقلة.وأوضحت أن الاستقلالية تخص أداء الوظيفة والمهام أما الجوانب الإدارية والمالية فيجب إخضاعها لرقابة الدولة.
وفي ذات السياق اعتبر الأستاذ المحاضر بكلية الحقوق بصفاقس معتز القرقوري أنه لا بد من إخضاع الهيئات الدستورية المستقلة للرقابة والمساءلة شرط تأقلم الرقابة مع طبيعة الوظيفة والنشاط الذي تقوم به كل هيئة.
في المقابل دعا إلى تحقيق المعادلة بين الاستقلالية والرقابة عبر اخضاع هذه الهيئات للرقابة دون المساس باستقلاليتها مشددا على أنه لا يجب وضعها تحت سلطة البرلمان أو السلطة التنفيذية.
وقال انه على هذه الهيئات اعتماد الشفافية في كافة معاملاتها بتقديم تقاريرها العامة وتقاريرها المالية لما لذلك من تأثير إيجابي في اكسابها المشروعية اللازمة والثقة في حسن تصرفها في المال العام.
يذكر أن هذا الملتقى الذي تنظمه كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس على مدى يومين بالتعاون مع جمعية البحوث في الإنتقال الديمقراطي والجمعية التونسية للعلوم الإدارية والمنظمة الدولية تقارير عن الديمقراطية يتضمن جملة من المحاور أهمها استقلالية الهيئات الدستورية وبحث في الدور والعوائق وأي رقابة على الهيئات ويشارك فيه عدد من رؤساء وأعضاء الهيئات الدستورية وعدد من الخبراء والمختصين الجامعيين في القانون.