أكد شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على أهمية دور المجتمع المدني والتنسيق مع خلايا الحوكمة بمختلف الوزرات وممثلي السلطة القضائية ومع وسائل الإعلام للكشف عن بؤر الفساد الاقتصادي والإداري في مفاصل الدولة والحد منه.
وبين في افتتاح المنتدى الدولي الثاني حول “الأدوار الثقافية الجديدة للمجتمع المدني في تعزيز ونشر ثقافة الحوكمة الرشيدة” المنعقد بضاحية قمرت بتونس يومي 23 و24 مارس الجاري، أن خطة العمل التنفيذية التي تم وضعها يوم 9 ديسمبر 2017 والتي تولى توقيعها كل من رئيس الحكومة يوسف الشاهد وممثلي السلطة القضائية والنقابة الوطنية للصحفيين، تعمل على تكريس الشفافية وتعزيز علوية القانون للتصدي إلى المخاطر الاقتصادية التي يخلفها الفساد، مستعرضا المكاسب التي حققتها هذه الاستراتيجية العملية على المستوى المؤسساتي فضلا عن القوانين التي تم إصدارها في مجال مكافحة الفساد على غرار قانون النفاذ إلى المعلومة وقانون التبليغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه.
ومن جهته أفاد عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) أن مشاركة المنظمة في هذا المنتدى تندرج في إطار الاهتمام الكبير الذي توليه لمحاربة الفساد من خلال عملها على ترسيخ ثقافة الحوكمة الرشيدة وإيمانها القوي بالدور المحوري لهيئات المجتمع المدني في تحقيق ذلك.
وأضاف في كلمته أن الإيسيسكو حرصت ضمن برامج عملها على التركيز على تعميق الوعي الثقافي بمخاطر الفساد الإداري والاقتصادي والمالي والسياسي وسوء تدبير الشأن العام مشيرا إلى توفير المنظمة لوثائق استراتيجية مرجعية في مجال مكافحة الفساد مثل الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي وخطة العمل للنهوض بدور الوساطة الثقافية وخطة العمل حول تجديد السياسات الثقافية للدول الاعضاء.
وأبرز في حديثه أن دول العالم الإسلامي اليوم في حاجة ملحة لإرساء نظم الحوكمة الرشيدة ومواجهة ظاهرة الفساد لتستفيد بشكل أمثل من قدراتها وإمكانياتها وثرواتها الاقتصادية، مؤكدا أن هذه النظم لن تتحقق إلا بتوفير الإرادة السياسية الواعية وتضافر الجهود المخلصة داخل الوطن الواحد وعلى المستويين الإقليمي والدولي على حد تعبيره.
وفي كلمته تطرق يونس أبو أيوب رئيس قسم الحوكمة وبناء الدولة باللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الايسكوا)، إلى مسألة حل النزاعات داخل الدولة القائمة أساسا وفق رأيه على ضعف مبادئ الحكم الرشيد مشيرا إلى أن تفادي هذه النزاعات مستقبلا يستلزم، وجوبا، المساءلة وإرساء ديمقراطية تشاركية من خلال تضافر جهود مؤسسات الدولة والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني وتفعيل دورها لتكريس الشفافية وإيجاد الحلول للحد من الصراعات التي تعيشها المجتمعات العربية اليوم والتي سيكون لها تداعيات وخيمة في عدم استقرار الشعوب، حسب تقديره.
وحول المفاهيم الاساسية للفساد تحدث الطيب بكوش الأمين العام لاتحاد المغرب العربي عن المجالات الدلالية الواسعة لهذا المصطلح ودعا في هذا الصدد الى ضرورة التدقيق في المفاهيم للحفاظ على شمولية الأفكار والمقترحات في مجال مكافحة الفساد مشيرا إلى إشكالي التعميم والنسبية في انتشار الفساد باعتبار ان المجتمعات الديمقراطية ليست خالية من الفساد حسب رأيه.
وفي سياق حديثه على نسبية تواجد الفساد داخل نظام التفرد بالسلطة او النظام الديمقراطي التشاركي، اقترح الطيب البكوش الحديث عن ظاهرة الفساد على الشكل الذي كلفت به الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أي كل ما يشمل الرشوة والمحسوبية واستغلال ونهب المال العام وسوء التصرف في املاك الدولة وغيرها، ملاحظا أهمية تحديد دور المجتمع المدني ومظاهر تشكله في منظمات لتكون له آليات فاعلة في مجال مكافحة الفساد وذلك بالتعاون مع مؤسسات الدولة والمؤسسة القضائية والمنظومة الإعلامية.
ومن جانبه ألقى محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية كلمة رئيس الحكومة يوسف الشاهد (بالنيابة) التي أكد فيها على أن الدولة بكل هياكلها ومؤسساتها مدعوة الى مراجعة كاملة لآليات مقاومة ظاهرة الفساد نظرا لما يواجهه المجتمع من فساد مستشر في كل القطاعات مما يهدد مصير الشعب مشيرا الى دسترة المعركة بين الدولة والفساد في الفصل 25 من الدستور الذي ينص على إنشاء هيئة الحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد.
وأكد أن محاربة الفساد تستوجب دورا حاسما للإعلام الذي يكتمل بدور المجتمع المدني وذلك لتغيير الذهنيات وإرساء قواعد الحوكمة الرشيدة داعيا بشدة إلى الى اتخاذ مواقف جادة ومنبها إلى ضرورة اليقظة المستمرة والدفاع عن خطط العمل والمتابعة والتفعيل ضد كل اشكال الفساد الذي اعتبره داء يهز ثروات البلاد ويهدر قيم العمل والمواطنة.
وتتمحور الجلسة الاولى لأشغال اليوم الاول لهذا المنتدى الذي يقام تحت شعار “معا من أجل تعزيز ثقافة الحوكمة الرشيدة” حول “المقاربات المفاهمية حول الفساد : مظاهره وآثاره وآليات مكافحته”، اما في الجلسة الثانية فسيهتم المشاركون ب”دور المجتمع المدني والإعلام في تعزيز ثقافة الحوكمة الرشيدة”.
وستخصص أشغال اليوم الثاني لتدارس “دور الجامعات ومؤسسات البحث العلمي في نشر ثقافة الحوكمة الرشيدة” و”جهود المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية وتجاربها الرائدة في مجال تعزيز الحوكمة الرشيدة”، وستختتم أشغال المنتدى بإصدار “إعلان تونس من أجل تعزيز ونشر ثقافة الحوكمة الرشيدة”.