واصلت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة اليوم الاثنين في مقر المجلس بباردو، النقاش العام حول مسألة التمديد لعمل هيئة الحقيقة والكرامة من عدمه، واتسمت المداخلات بتباين آراء النواب بين مساند لهذا القرار ورافض له، مع استمرار توجيه الاتهامات لرئيس المجلس محمد الناصر ومكتب المجلس بـ”الانقلاب على مسار العدالة الانتقالية وإفشاله”، من قبل عدد من النواب، مقابل اعتراض نواب آخرين على ما اعتبروه “مس من رموز الدولة وقياداتها”.
كما تجدد النقاش حول مدى “قانونية الجلسة العامة المخصصة للتصويت على قرار التمديد لعمل الهيئة”.
وفي هذا الصدد، اعتبر النائب عماد الدايمي(الكتلة الديمقراطية)، أن “الجلسة غير قانونية ولا يمكن القبول بالتصويت عند نهايتها على قرار التمديد في فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة”، وحمل “رئيس مجلس نواب الشعب مسؤولية كل ما حدث من تشنج وتوتر منذ يوم السبت الماضي”. وأضاف أن “رئيس المجلس لم يكن محايدا أثناء الجلسة العامة وأدارها بقرار سياسي في الوقت الذي كان يتوجب عليه إحالة رئاسة الجلسة إلى أحد نائبيه”، وذلك بالنظر إلى أنه “طرف في العدالة الانتقالية وهو الذي خدم منظومة بن علي”، وفق قوله. وبين النائب عن نفس الكتلة غازي الشواشي، أن “النص القانوني واضح وجلي ولا يقبل التأويل، ويقر بأحقية الهيئة بالتمديد لمدة سنة في عملها”.
ولاحظت النائبة فريدة العبيدي(كتلة النهضة)، أنه “بالعودة إلى النظام الداخلي لمجلس النواب والدستور، لا توجد أية صلاحية للمجلس للبت في التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة”، ووصفت هذا القرار بـ”السيادي وهو من مشمولات الهيئة وحدها”.
كما تساءلت العبيدي عن “مصير أكثر من 60 ألف ملف في عهدة الهيئة والشكاوى التي أحيلت على أنظار الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية”، محملة “مجلس نواب الشعب مسؤولية عدم تسديد الشغور في هيئة الحقيقة والكرامة والتخلي عن واجباته والتزاماته بغض النظر عن آداء الهيئة وأخطائها وتجاوزاتها”.
وذكر النائب زياد الاخضر(كتلة الجبهة الشعبية)، بأن “كتلته لم تكن مع انتخاب سهام بن سدرين على رأس هيئة الحقيقة والكرامة”، وأكد في المقابل، أن “العدالة الانتقالية استحقاق يبدأ بكشف حقيقة الانتهاكات ثم المرور إلى المساءلة والمحاسبة”، متهما “رئيسي النهضة والنداء بتخريب مسار العدالة الانتقالية قبل سعيهما حاليا إلى وضع اليد عليه وتوجيهه حسب مصالحهما الحزبية”، بحسب تعبيره.
ووصف النائب حسن العماري (نداء تونس)، هيئة الحقيقة والكرامة بـ”المهزلة”، قائلا إن “رئيسة الهيئة فرقت التونسيين ولم تحترم مؤسسات الدولة بما فيها مجلس نواب الشعب بعد أن غادرت الجلسة العامة دون إعلام أو استئذان”.
وشددت النائبة رابحة بن حسين(كتلة الحرة لحركة مشروع تونس)، بعد التعبير عن تضامن كتلتها مع رئيس المجلس محمد الناصر أمام “ما طاله من تهجمات واتهامات من قبل عدد من النواب”، على أن “هيئة الحقيقة والكرامة فقدت شرعيتها القانونية والأخلاقية بعد توظيفها سياسيا من قبل رئيستها”.
ودعا النائب وليد جلاد (الكتلة الديمقراطية)، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، التي قال إنها “عنوان ورمز للانقسام والتفرقة بين التونسيين”، إلى “الاستقالة من أجل مصلحة العدالة الانتقالية مقابل التزام مجلس نواب الشعب بتسديد الشغور صلب الهيئة ومواصلة المسار”.
النائبة عن كتلة حركة النهضة يمينة الزغلامي، دعت من جهتها، رئيس المجلس إلى عقد اجتماع مع رؤساء الكتل النيابية “للخروج بتوافقات تضمن استمرار مسار العدالة الانتقالية والتفكير في سبل تأمين ملفات الضحايا وحفظها وجبر الضرر لهم قبل التصويت على قرار التمديد لعمل هيئة الحقيقة والكرامة من عدمه”، منبهة من “تبعات مسؤولية مجلس نواب الشعب عن إيقاف هذا المسار”.
ويشار إلى أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين كانت غادرت الجلسة العامة رغم تواصل النقاش العام حول قرار التمديد لعمل الهيئة، مكتفية بالقول للصحفيين أنها ستعقد غدا الثلاثاء ندوة صحفية للإجابة عن تساؤلاتهم.
وكان مجلس نواب الشعب استأنف صباح اليوم الجلسة العامة المخصصّة للنظر في قرار التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة، بعد أن رفعها رئيس المجلس السبت الماضي بطلب من رؤساء الكتل البرلمانية، جرّاء توتّر الأجواء بين النواب وعدم التمكّن من استكمال أشغال الجلسة خاصّة بعد انسحاب رئيسة الهيئة سهام بن سدرين.