يشارك بعد غد الأحد الموافق لـ29 أفريل الجاري حوالي 36 ألف أمني وعسكري في الإنتخابات البلديّة وهو موعد ياتي اسبوعا قبل يوم الانتخابات البلدية المخصصة للمدنيين في 6 ماي 2018.
وتتميّز عملية اقتراع الأمنيين والعسكريين التي تعدّ الأولى في تاريخ تونس والتي ستتم بالــ 359 مركز اقتراع تابع للـ 350 دائرة انتخابية الموجودة بمختلف مناطق البلاد بعدم تعليق قائمات الناخبين في مراكز الاقتراع إضافة إلى عدم الإطلاع على فحوى ومحتوى تصويتهم وعدم استعمالهم للحبر كما سيتم فرز بطاقات التصويت بعد انتخابات المدنيين حتى لا يستشف من تصويت الامنيين والعسكريين اي توجه سياسي معين .
وحسب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات محمّد التليلي المنصري سيتمّ إغلاق الصناديق دون فرزها وتأمينها لدى الهيئات الفرعية مرجع نظر مركز الاقتراع تحت حماية المؤسسة العسكرية والأمنية موضّحا أنّها ستكون مُغلقة بأقفال مُرقّمة ومُدوّنة بمحاضر في الغرض”.
وفي تصريحه لوكالة تونس افريقيا للانباء اشار رئيس الهيئة الى انّ الموعد الإنتخابي ليوم 29 أفريل الجاري يعد موعدا تاريخيا في تونس على مستويين اثنين ، باعتباره أوّل انتخابات بلديّة بعد الثورة والثاني لمنحه الأمنيين والعسكريين حق الإقتراع وفقا للدستور وللقانون الإنتخابي .
وحول جاهزيّة هيئة الانتخابات أوضح المنصري أنّ الهيئة قامت في الثلاثة أيام الأخيرة بكافّة الإجراءات خاصّة منها اللوجستية وذلك بتوزيع كافة المواد الانتخابية على كامل تراب الجمهورية أي ب27 هيئة فرعية والمتمثّلة أساسا في الأوراق الإنتخابية والسجل الإنتخابي ومحاضر الإقتراع والفرز إضافة إلى الصناديق التي سيتمّ تأمينها.
كما لفت إلى جاهزيّة العنصر البشري موضّحا أنّه تم اختيار أعضاء مكاتب الإقتراع لموعد 29 أفريل الجاري حسب كفاءتهم وخبرتهم مضيفا أنّهم تلقوا تكوينا خاصا نظرا لإشرافهم على مركز الإقتراع المدمج (29 افريل و6 ماي).
وقال إنّ انتخابات الأمنيين والعسكريين تميّزها “اللاءات الثلاثة” المتمثّلة في “لا لتعليق سجل الناخبين في مركز الاقتراع، لا للحبر الانتخابي لضرورات أمنية ولا للفرز يوم 29 أفريل الجاري” وذلك حماية لفحوى توجهاتهم .
كما أوضح أنّ هيئة الإنتخابات قد التقت كافّة المعنيين بانتخابات الأمنيين والعسكريين دون استثناء بهدف حلّ كافّة الإشكاليات موضحا أنه وإلى جانب ممثلي المؤسستين الأمنية والعسكرية التقت كذلك النقابات الأمنية في ظلّ دعوة إحداها سابقا إلى مقاطعة هذه الانتخابات وتم التداول في عدّة نقاط لحثهم على استغلال هذه اللحظة التاريخية وعدم تفويتها وممارسة الحق المواطني الذي خوّله لهم الدستور.
كما تقوم هيئة الانتخابات وفق عضو الهيئة عادل البرينصي بعمليات تحسيس للأمنيين والعسكريين للمشاركة بكثافة في الانتخابات البلدية مضيفا في الآن نفسه أنه يمنع في يوم الانتخاب تصوير الأمنيين والعسكريين بمكاتب الاقتراع بوجوه مكشوفة كما يحجر على مؤسسات سبر الآراء سؤالهم عن القائمة التي صوتوا لها.
وفي هذا الجانب وفي ظل الفراغ التشريعي عهد بمهمة مراقبة عمليات سبر الآراء إلى الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري “الهايكا”، بهدف منع نشر نتائج سبر الآراء الخاصة بالانتخابات البلدية.
وقد أعلنت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي تمسّكها برفض المشاركة في هذه الإنتخابات اوهو موقف صرحت به منذ شهر فيفري 2017 إبان المصادقة على تنقيح قانون الانتخابات والإستفتاء.
وقال كاتب عام النقابة شكري حمادة لـ(وات) في هذا الاطار إنّ النصوص القانونية التي شرّعت لانتخابات الأمنيين والعسكريين على غرار الفصل 52 مكرر من القانون الإنتخابي لم تمنحهم حق الانتخاب كحق دستوري وإنما حق التصويت للحصول على أصواتهم لا غير.
ولفت إلى أنّ النقابة تتمسك بموقفها الرافض لطريقة التصويت التي تمّ اتخاذها في شأنهم بتعلّة حياد المؤسسة الامنية والمتمثلة أساسا في التصويت دون المشاركة الفعلية عبر الحملات الانتخابية والاجتماعات وكل نشاط له علاقة بالانتخابات مطالبا في هذا الغرض بتشريك الأمنيين فعليا في العملية الانتخابية لممارسة حقهم الإنتخابي وحقهم المواطني.
واعتبر انّ البرلمان المطالب بالنظر في مجموعة القوانين الموجودة بمكتبه منذ سنة 2015 والهادفة الى إصلاح المنظومة الأمنية قد شرّع للحصول على أصوات الأمنيين دون تشريكهم فعليا في جميع مراحل الإنتخابات .
ولا يشاطر الإتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن التونسي هذا الموقف حيث أعلن خلال ندوة صحفية بداية هذا الاسبوع رفضه لأي اعتراض على حق الأمنيين في الإنتخاب، ولأية دعوة لمقاطعة هذه الإنتخابات، التي قال انها تندرج “في خانة التشويش على العملية الانتخابية وعلى الأمنيين”.
وفي تصريح إعلامي قال الأمين العام للاتحاد عماد بالحاج خليفة “إن إنتخاب الأمنيين لأول مرة منذ حوالي 60 سنة يعتبر عملية تاريخية “، مؤكدا أن إتحاد نقابات قوات الأمن و”الجبهة الوطنية للنقابات الأمنية” الجامعة لكل النقابات من كل الأسلاك الأمنية، متفقة على إنجاح هذه الإنتخابات البلدية.
وأضاف قوله “نريد بناء أمن ديمقراطي وجمهوري، فنحن ندفع الضرائب وسنختار من سيمثلنا في المجالس البلدية لنعرف لمن ندفع هذه الضرائب”، قائلا ان المشاركة في التصويت هي بمثابة رسالة إلى الدول العربية والأجنبية بأنه يوجد في تونس أمن جمهوري.
وشدّد على أنه ليس من حق النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي (التي ترفع شعار مقاطعة الأمنيين للانتخابات باسم الحياد الأمني تجاه النشاط السياسي) دعوة الأمنيين الى مقاطعة الانتخابات.
وكان البرلمان التونسي قد صادق في جلسة عامة في جانفي 2017 على “تنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء” الذي تم بموجبه إدخال تعديل على قانون الانتخابات أعطي بمقتضاه لقوات الجيش والأمن التي لم يسبق لها الاقتراع منذ الاستقلال، حق التصويت في الانتخابات البلدية والجهوية “دون سواهما”.
وأضاف هذا التعديل جملة من الفصول والفقرات نصت على أنه “يُرسَّم بسجل الناخبين، العسكريون وأعوان قوات الأمن الداخلي في الانتخابات البلدية والجهوية دون سواهما” كما منعهم من الترشح لهذه الانتخابات أو المشاركة في “الحملات الانتخابية والاجتماعات الحزبية وكل نشاط له علاقة بالانتخابات”.
يذكر أنّ مشروع القانون قد أثار خلافا بين النواب أدى إلى تأجيل التصويت عليه في عدد من الجلسات . كما يشار إلى أنه تقرر أن يصوت الأمنيون والعسكريون في الانتخابات البلدية القادمة أسبوعا قبل الموعد الرسمي للانتخابات (6 ماي المقبل)، أي يوم الأحد 29 أفريل 2018.