أكد رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ناجي البغوري، خلال ندوة صحفية إنعقدت اليوم الخميس بمقرّ النقابة، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة، وجود توجّه سياسي وإرادة للإلتفاف على مكسب حرية التعبير والإعلام الذي تم تحقيقه منذ إنتخابات سنة 2014 ، وذلك منذ وصول المنظومة الحالية للحكم في إشارة إلى حركتي النهضة ونداء تونس.
وإنتقد البغوري، التشريعات الخانقة لحرية الصحافة في محاولة للإلتفاف على هذا المكسب، مبيّنا أنه في الوقت الذي تم فيه إصدار قانون متطور يكرس الحق في النفاذ إلى المعلومة، يتم إصدار المنشور عدد 4 الذي مازالت بعض المؤسسات تتعلل به رغم إلغائه حتى لا تمكن الصحفي من حقه في الحصول على المعلومة.
وبين من جهة أخرى، أنّ ظروف عمل بعض الصحفيين مازالت هشة، فضلا عن تعرضهم للإنتهاكات والضغوطات من عدّة إتجاهات، سواء من مسؤولي التحرير أو السلطة التنفيذية أو الجهات الأمنية أو الجمهور المطالب بحقه في معلومة محينة وآنية ترقى إلى تطلعاته.
ولفت إلى أنّ المشهد الإعلامي في تونس، يتسم بتعرض بعض المؤسسات الإعلامية للتهديد بالزوال، على غرار قطاع الصحافة المكتوبة الذي يعيش أزمة خانقة بعد غلق أكثر من صحيفة.
وذكر في هذا الصدد، بأنّ نقابة الصحفيين كانت قد نبّهت مرارا إلى هذا الوضع، وتوصلت إلى إجراءات في إطار مفاوضات مع الحكومة لإنعاش قطاع الصحافة المكتوبة، لكنها ظلت حبرا على ورق، وفق تعبيره، حيث لم تلتزم الحكومة بدعم الصحافة المكتوبة إلا وفق شروط محدّدة تم تحديدها بين الأطراف الشريكة في المهنة.
كما تطرّق إلى وضعية بعض الإذاعات الجهوية الخاصة التي أغلقت، والأوضاع الإقتصادية الصعبة لبعض القنوات التلفزية الخاصة والمواقع الكترونية، معربا عن تخوّفه من أن تدفع مثل هذه الأوضاع بالمشهد الإعلامي إلى الإختلال والحد من تنوعه وتعدديته التي تنعكس من خلالها حرية الصحافة، خاصة في ظلّ تعطّل عملية إصلاح الإعلام العمومي الذي مازال في أغلبه تابعا ماليا وإداريا للسلطة التنفيذية.
وقال إنّ السلطة التنفيذية تتحكّم في التسميات والإعفاءات، وهي مسائل تؤدي إلى إنتاج محتوى لا يرقى إلى مستوى تطلعات الجمهور، مبيّنا أنّ هذه المسألة تجلّت بالخصوص من خلال قانون المصالحة الإدارية والإحتجاجات التي شهدتها تونس نهاية السنة الفارطة، والتي دائما ما كانت فيها الكفة تميل إلى وجهة نظر منظومة الحكم الرسمية.
وبخصوص الإنتخابات البلدية، أكّد البغوري وجود توازن وأداء جيّد لدى أغلبية وسائل الإعلام خاصة بالنسبة إلى الإذاعات، منبها في المقابل من أنّه في صورة تواصل الهشاشة الإقتصادية للمؤسسات الإعلامية ومشاريع القوانين المضيقة على حرية الصحافة، فإنّ المناخ العام للقطاع لن يكون جيّدا السنة القادمة، بما قد يؤثر سلبا على نزاهة وشفافية الإنتخابات التشريعية والرئاسية.
من جانبه، تطرّق عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين محمّد اليوسفي، إلى تواصل الإعتداءات على الصحفيين وتنوّعها بين المنع من العمل والمضايقة والرقابة والاحتجاز التعسفي والتتبعات العدلية خارج إطار المرسوم 115 ، وبيّن أن شروط الصحافة الحرة لم تتحقق بعد بتونس رغم مرور 7 سنوات على الثورة، مما يدعو إلى القلق من إمكانية العودة إلى مربع الإستبداد.
وقال إن 25 بالمائة من هذه الإعتداءات قام بها منتسبون إلى المؤسسة الأمنية، مما يحيل إلى الإقرار بأن وزارة الداخلية هي أكبر عدو لحرية الصحافة، مضيفا أن نقابة الصحفيين حذّرت مرارا من هذه المسألة، وطالبت بضرورة سنّ مدونة سلوك تحدّد عملية تعاطي الأمنيين مع الصحفيين.
يذكر أنّ الندوة الصحفية قد استهلت بالترحم على فقيد الصحافة التونسية خميس العرفاوي الذي توفي الأسبوع الماضي.