سويعات قليلة تفصل الشعوب الإسلامية على حلول شهر رمضان، بعباداته لكن أيضا بعادات استهلاكية وشهوات غير اعتيادية في باقي أيام السنة. هنا في تونس يسأل المواطن “بأي حال عدت يا رمضان؟” وقد اكتوى بنار غلاء المعيشة ولهيب أسعار المواد الاستهلاكية التي ما فتئت ترتفع بسرعة جنونية وتصل ذروتها مع هذا الشهر الذي رغم “الشياطين المصفدة” ينتعش فيه الغش وتسوء فيه المعاملات في أكثر من مكان.
عادات تتجدد وأخرى تنتفض من غبار النسيان وشهوات تتأجج فتتزايد معها المشتريات ولهفة تتقد مع صيام كل يوم لتتحول إلى افراط في الاستهلاك… هكذا بات سلوك التونسي في شهر رمضان وفي أغلب المناسبات الدينية. ولعل ما يميز شهر العبادات عن باقي المناسبات أن المحتكرين يجتهدون قبل أيام في إخفاء البضائع والمواد عمدا للتحكم في الأسعار لاحقا مستغلين لهفة المستهلك في ظل ضعف اليات الرقابة على الأسعار وجودة المنتوجات التي يتم ترويجها في السوق .
ونظرا لارتفاع وتيرة الاستهلاك لدى مختلف فئات المجتمع بما فيها محدودي الدخل الذين يستفيدون سنويا بمساعدات اجتماعية، بعنوان شهر رمضان وعيد الفطر، ستصرف هذه المنح بصفة مبكرة هذه السنة بداية من 17 ماي الجاري باعتمادات جملية تقدر ب 19 مليونا و744 ألف دينار، على قسطين كما سيتم توزيع مساعدات عينية بمخازن الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي بالعاصمة لفائدة 31 ألف عائلة على مدى شهر رمضان.
وسينظم الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي 21 مائدة افطار موزعة على كل من ولايات تونس ومنوبة واريانة وباجة وجندوبة والكاف وسليانة والقيروان وسوسة والمهدية وتوزر والقصرين وقفصة، لفائدة حوالي 1900 منتفع.
ولمجابهة الطلب المتزايد على المواد الاستهلاكية، المقدر ارتفاعه حسب معهد الاستهلاك الوطني ب 15 بالمائة، طمأن كل من وزير التجارة عمر الباهي ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سمير بالطيب، التونسيين بتوفر كل المنتوجات الأساسية خلال شهر رمضان القادم، مؤكدين توفر مخزونات تعديلية لتأمين التزويد وانتظاميته في اتجاه توفير العرض والتحكم في الأسعار في ظل تفاقم نسبة التضخم التي بلغت 6ر7 بالمائة خلال شهر مارس الفارط، وذلك من خلال تخزين بعض الكميات من المواد التي يكثر الاقبال عليها خلال هذا الشهر على غرار البيض والخضر والغلال فضلا عن اقرار توريد كميات من البطاطا واللحوم البيضاء.
وشرعت شركة اللحوم (عمومية) لضمان تزويد السوق باللحوم الحمراء التي تشهد نوعا من الضغط، في توريد كميات من اللحوم الحمراء وبيعها بأسعار تفاضلية بمعل خمس حاويات أسبوعيا خلال شهر رمضان لتعديل العرض والضغط على الأسعار.
وقد انطلقت يوم 20 أفريل الماضي الحملة الوطنية لمراقبة جودة المنتوجات في الفضاءات التجارية، بالاشتراك بين وزارة التجارة ومصالح وزارة الصحة استعدادا للمواسم الاستهلاكية الكبرى بداية من شهر رمضان لتتواصل إلى ما بعد هذا الشهر الكريم لمراقبة جودة المنتوجات على مستوى تونس الكبرى في المحلات والمساحات التجارية الكبرى.
وفي المقابل أكدت وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية توفر مختلف المنتوجات الغذائية الخاصة باستهلاك شهر رمضان مع الاعلام باسعار البيع بالتفصيل.
وعلى اعتبار ان شهر رمضان مناسبة دينية بامتياز قامت وزارة الشؤون الدينية ببرمجة 884 110 نشاطا دينيا طيلة الشهر بمختلف ولايات الجمهورية تشمل محاضرات دينية ومسابقات في الاحاديث واخرى قرآنية، ترمي إلى توعية المواطن بدوره في المجتمع من خلال مقاومة التبذير والغش والحث على قيم العمل الذي تتغير مواعيده خلال هذا الشهر الكريم لتصبح يوميا من الثامنة صباحا إلى الساعة الثانية والنصف بعد الزاول من الإثنين إلى الخميس، ومن الثامنة إلى الساعة الواحدة بعد الظهر يوم الجمعة بما في ذلك البريد الذي وضع مكاتب استمرار خصوصية في بعض الجهات.