انطلقت، صباح اليوم الخميس، في مجلس نواب الشعب بباردو، أشغال الجلسة العامة الممتازة المخصصة لمناقشة تقرير لجنة التنمية الجهوية بخصوص الزيارات الميدانية التي أداها إعضاء اللجنة إلى ولايات الجنوب الشرقي وهي تطاوين ومدنين وقابس.
وأفاد رئيس المجلس، محمد الناصر، في مستهل الجلسة، التي حضرها عدد من أعضاء الحكومة وولاة هذه الجهات، على أهمية الدور الرقابي الذي يمارسه البرلمان، مؤكدا على أهمية أن تنعم كل جهات البلاد بثمار التنمية.
وأشار إلى أن ما دأبت عليه لجنة التنمية الجهوية من زيارات إلى مختلف جهات البلاد يبرز بأنه لا توجد في تونس مناطق منسية، على حد قوله، داعيا إلى تظافر الجهود من أجل تحقيق التنمية في كل المناطق دون استثناء.
وتتنزل زيارة لجنة التنمية الجهوية إلى ولايات إقليم الجنوب الشرقي (تطاوين ومدنين وقابس) في اطار دورها الرقابي ومواصلتها لبرنامج عملها الذي تضمّن زيارات ميدانية شرعت في القيام بها في ولايات الشمال و الوسط الغربيين، وذلك استنادا لترتيب هذه الولايات حسب مؤشر التنمية، حيث تحتل ولاية تطاوين المرتبة 18 في مؤشر التنمية ثمّ ولاية مدنين المرتبة 15 وتأتي ولاية قابس في المرتبة13.
كما ترمى هذه الزيارات الميدانية الى ولايات الجنوب الشرقي الى الاطلاع على واقع الوضع التنموي والصعوبات التي تعرقل انجاز عدد من المشاريع التنموية بولايات تطاوين ومدنين وقابس، حيث تطرق التقرير الى تبيان عدد المشاريع المعطلة التي تبلغ 14 مشروعا بكلفة 2ر33 مليون دينار في ولايات الجنوب الشرقي مقابل 28 مشروعا معطلا بإقليم الجنوب (6 ولايات) مسجلة بذلك نسبة 50 في المائة في عدد المشاريع المعطلة مقابل اقليم الجنوب.
كما تعاني ولايات الجنوب الشرقي حسب التقرير المعروض من ارتفاع نسب الفقر خلال 2015 (تطاوين15 بالمائة، مدنين 7ر21،قابس 9ر15)، وانتشار البطالة في صفوف متساكني هذه الولايات، حيث لا تتجاوز نسبة النمو الواحد بالمائة(88ر0) خلال الفترة المتراوحة بين 2004 و 2014.
وتضمن التقرير رصدا لاراء وتوصيات كانت قد تقدّمت بها كل الاطراف الجهوية ونواب كل جهة ومكونات المجتمع المدني وممثلو الاحزاب السياسية بخصوص كيفية تحسين الواقع التنموي بهاته الولايات واستكمال المشاريع المعطلة او التي يجب انجازها.
وبخصوص ولاية تطاوين لاحظت اللجنة ضعف تثمين ما تزخر به الجهة من إنتاج فلاحي وثروات طبيعية ومواد إنشائية ومخزون سياحي وثقافي، الى جانب ضعف البنية التحتية المهيكلة بالمراكز الحضرية مما أدى إلى ضعف مؤشر جاذبية الجهة (المرتبة 20 جهويا ضمن المؤشر العام لجاذبية الجهات) .
ودعت اللجنة في تقريرها الى تسريع المصادقة على مشروع القانون المتعلق بأحكام استثنائية للتسريع في انجاز المشاريع الكبرى، فضلا عن ضرورة رصد الموارد المادية اللازمة من نفقات الدولة للجهة لتلافي نقص الإعتمادات الذي تسبب في تعطيل العديد من المشاريع العمومية التنموية في مختلف القطاعات.
ومن التوصيات المنبثقة، كذلك، عن التقرير إيجاد حلول لغياب الموارد البشرية الضرورية بالإدارات الجهوية نتيجة ايقاف العمل بالمناظرات الانتداب في الوظيفة العمومية، كما رفعت توصياتها الى وزارة النقل بخصوص التسريع في إعداد دراسة أولية لإحداث محطة جوية بالمطار العسكري برمادة لفتحه للطائرات المدنية.
كما أوصت اللجنة بإعادة تأهيل استراتيجية التنمية الثقافية لحسن تثمين المخزون الثقافي المتنوع الذي تزخر به الجهة وإدماجه في الدورة الإقتصادية.
وفي ما يتعلق بولاية مدنين، أشار التقرير الى محدودية استفادة الجهة من موقعها الجغرافي المميز والاستراتيجي خاصة في ما يتعلق بالاستثمار والتشغيل والتصدير وارتفاع نسبة النزوح نتيجة ضعف التشغيل في الوسط الريفي.
ودعت اللجنة الحكومة إلى إيلاء المناطق الحدودية مزيدا من الأهمية عبر منحها امتيازات وإجراءات إدارية خاصة، وتمكين الجهة من حقها في استقطاب المشاريع الكبرى ذات القدرة التشغيلية العالية والاستفادة منها بما يتماشى وما تزخر به الولاية من ميزات كتنوع الموارد والخامات والأوساط الطبيعية وتنويع الأنشطة الاقتصادية للحد من معضلة البطالة وخاصة أصحاب الشهائد العليا.
وأوصت اللجنة بتثمين دور الميناء التجاري بجرجيس في مجال دعم السياحة الساحلية والصحراوية وذلك بإدراجه كوجهة منتظمة للرحلات السياحية البحرية، كما دعت الى برمجة استراتيجية للنهوض بالاستثمار الداخلي الضعيف والتنمية الجهوية، وإلى دعم العمل البلدي في مستوى العناية بالبيئة والمحيط من ذلك استحثاث انجاز وحدة التصرف في النفايات بجزيرة جربة.
وفي خصوص ولاية قابس، لاحظت اللجنة غياب رؤية استراتيجية ومنوال تنموي واضح للجهة، فضلا عن المشاكل والمخاطر البيئية التي أصبحت تهددها )التلوث الهوائي، التلوث البحري بسبب إلقاء منذ أكثر من 41 سنة 5 ملايين طن سنويا من مادة الفسفوجيبس في الخليج).
ودعت إلى عودة الدولة للاستثمار في الجهات الداخلية في القطاعات الإنتاجية والقطاعات الواعدة التي تتماشى مع خصوصيات ولايات الجنوب الشرقي، وذلك لتحفيز رأس المال الخاص للانتصاب بهذه الولايات.
كما تطرق التقرير الى محدودية الموارد المائية وتدني نوعيتها، إضافة إلى استنزافها بالاستغلال المفرط من قبل القطاع الصناعي، إلى جانب بنية تحتية متواضعة تتطلب التطوير والتثمين.
وأوصت اللجنة بدعم الطاقة الإنتاجية، وبخلق فرص شغل خاصة لأصحاب الشهادات العليا من خلال دفع وتشجيع الاستثمار الخاص وذلك بتوفير بنية تحتية متكاملة تقرب مراكز الإنتاج من مراكز الاستهلاك، وبتهيئة مناطق صناعية وبناء فضاءات صناعية تحفز أصحاب المشاريع من الانتصاب في الجهة.