أكد صندوق النقد الدولي “ضرورة أن تتخذ تونس إجراءً حاسما هذه السنة (2018)، لمكافحة التضخم وتقليص العجز في المالية العمومية وحماية الفقراء، كشروط أساسية لتوفير مزيد من الفرص الإقتصادية أمام التونسيين وحماية الشباب من تحمّل عبء الدين المفرط في المستقبل”.
وذكر الصندوق في بيان أصدره اليوم الأربعاء في ختام بعثات هذه المؤسسة المالية إلى تونس، أن فريق صندوق النقد الدولي اتفق مع البنك المركزي التونسي على أن “زيادة تشديد الشروط النقدية أمر ضروري لتقليص الفجوة بين أسعار الفائدة والتضخم”.
وفي ما يتعلق بالميزانية، أشارت البعثة إلى وجود ثلاث أولويات على المدى القريب، لا سيما “المُضي في بذل الجهود لتخفيض دعم الطاقة الذي يعود بقدر أكبر من النفع على ميسوري الحال بشكل غير تناسبي” و”احتواء كتلة أجور القطاع العام التي تُعتبر من أعلى المستويات في العالم كنسبة من إجمالي الناتج المحلي”.
وتتمثل الأولوية الثالثة في اعتماد مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد من أجل تعزيز الإستدامة المالية لنظام الضمان الإجتماعي. وستقترن جهود الإصلاح بزيادة التحويلات إلى الأسر الأقل دخلا “لحمايتها من تأثير ارتفاع الأسعار”.
واعتبر التقرير أن المخاطر على الإستقرار الإقتصادي أصبحت أشد وضوحا إذ بلغ التضخم نسبة 7ر7 بالمائة في شهر أفريل 2018، مسجلا أعلى مستوياته منذ سنة 1991. كما تواصل المؤشرات النقدية والإئتمانية النمو بسرعة بما سيفرض مزيدا من الضغوط التي تدفع إلى رفع الأسعار في الأشهر القادمة. واستمر التراجع في تغطية الإحتياطيات بالنقد الأجنبي للواردات، إضافة إلى ذلك أصبحت البيئة الخارجية في تونس أقل إيجابية في الأشهر الأخيرة نتيجة ارتفاع أسعار النفط الدولية وزيادة العزوف عن المخاطر في الأسواق المالية الدولية.
كما لاحظ صندوق النقد الدولي أن الإقتصاد التونسي أبدى بشائر التعافي في الربع الأول من هذا العام (2018) وكان معدل النمو الإقتصادي الذي بلغ 5ر2 بالمائة هو الأعلى منذ 2014، معتمدا على قوة الإنتاج الفلاحي والصادرات.
وسجل عجز الحساب الجاري تراجعا طفيفا بفضل زيادة المرونة في سعر الصرف. وازدادت كذلك التدفقات الواردة من الإستثمار الأجنبي المباشر. كما ستعمل”هيئة الإستثمار التونسية” على مواصلة الجهود لتحسين مناخ الأعمال.
يذكر أن فريق من خبراء صندوق النقد الدولي يقوده بيورن روتر، أدى زيارة إلى تونس في الفترة من17 إلى 30 ماي الجاري، لمناقشة خطط السلطات بشأن السياسات في ظل المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الإقتصادي التونسي الذي يدعمه الصندوق باتفاق مدته أربع سنوات في إطار “تسهيل الصندوق الممدد”.
وقد عقدت السلطات التونسية مناقشات بناءة مع فريق صندوق النقد الدولي حول السياسات اللازمة لاستكمال المراجعة الثالثة لأداء الإقتصاد التونسي في ظل اتفاق “تسهيل الصندوق الممدد”.
وأعربت السلطات التونسية عن التزامها التام بالعمل بسرعة على تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية الملحة، تمهيدا لنظر المراجعة الثالثة للبرنامج في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، والمقرر مبدئيا في مطلع شهر جويلية 2018.
وباستكمال المراجعة، يتاح لتونس الحصول على 177 مليون دينار (حوالي 257 مليون دولار أمريكي)، ليصل مجموع المبالغ في إطار “تسهيل الصندوق الممدد” إلى نحو 2ر1 مليار دولار أمريكي.
“وقد التقى فريق الصندوق مع رضا شلغوم، وزير المالية، وزياد العذاري، وزير الإستثمار، وتوفيق الراجحي الوزير المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى، ومروان العباسي محافظ البنك المركزي.
كما عقد الفريق مناقشات مع ممثلي الإتحاد العام التونسي للشغل والإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ومكونات المجتمع المدني.