“الازمة السياسية وملف الحكومة … تأكيد رفض الرئيس يعقد الامور … الجمرة التي تتقاذفها الايادي لتجنب الاحتراق” و”ارفعوا أيديكم عن وزارة الداخلية” و”قصرت في حق نفسها .. المعارضة مسؤولة أيضا عن الازمة السياسية” و”حقائق يغضون عنها الطرف”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم الخميس.
تطرقت جريدة (المغرب) في ورقة خاصة، الى الازمة السياسية في تونس والتي تستمر بجميع تمظهراتها، أزمة الحكم وأزمة الحزب معتبرة أن المزعج فيها أنه كلما استمرت أكثر ازداد تعقد المشهد حيث بات نسق خلط الاوراق يحسب بأجزاء من الثواني فكل كلمة أو خطوة تعيد الحسابات من جديد بما في ذلك ما استقر عليه رئيس الجمهورية من موقف وهو رفض التدخل الكلي في أية أزمة قائمة.
وأضافت أن التعقيدات في المشهد لا تقف عند الرئيس وكيف يغادر منطقة الازمة دون خسائر فالامر يشمل كل الفاعلين في المشهد دون استثناء في ظل عجز الكل عن ضمان مخرج لا يمر عبر البرلمان الذي يتجنب الجميع الجميع الذهاب اليه في ظل عدم وجود أغلبية تقف خلفه وهذا ما يشرح حالة الانسداد التي تعيشها الساحة السياسية والبلاد عامة مرجعة هذا الانسداد الى أن كل طرف ظل على موقفه ويتعامل مع الازمة بمنطق ربح الوقت وانتظار ما ستحمل الايام.
وبينت أن التحركات التي يجريها كل طرف لا تخرج عن هذا الاطار بما في ذلك حكومة الشاهد التي قدم رئيسها جملة من التعهدات لا يبدو أنه قادر عن تنفيذها اليوم في ظل تصدع التوازنات الامر الذي جعل الحكومة تؤجل التوجه الى البرلمان بمشاريع الاصلاح المنتظرة وألغت فكرة التوجه للمجلس لتجديد الثقة.
واعتبرت (الشروق) في افتتاحيتها اليوم، أن رهان الحكومة يجب أن يرتكز بالاساس على تحييد وزارة الداخلية عن التجاذبات الحزبية وتحصينها من التدخلات الخارجية مشيرة الى أنه اذا سقطت الداخلية لن يكون هناك مستقبل لتونس بالنظر الى أن البلدان الافريقية والعربية التي اكتوت وتكتوي بنار الحروب الاهلية كانت بداية سقوطها سقوط الداخلية بما تعنيه من منظومة معلومات واستخبارات واحتكار القوة لتنفيذ القانون والاحزاب التي تتوهم أنها ستكسب المعركة اذا ربحت الداخلية فهي في الحقيقة لا تفعل شيئا أكثر من دفع البلاد نحو السقوط وحينها لن ينجو أحدا.
وأضافت أن حياد الداخلية واستقلالية الامن والتزامه بالنظام الجمهوري واحترامه لقيم المواطنة وتطبيق القانون على الجميع هو السبيل الوحيد لخروج تونس من هذا النفق وللحفاظ على التجربة الديمقراطية مؤكدة على ضرورة رفع الاحزاب السياسية يدها عن وزارة الداخلية ضمانا لمستقبل تونس واستقرارها، وفق ما ورد بالصحيفة.
أما جريدة (الصحافة) فقد رأت في مقال بصفحتها الخامسة، أن مشكلة تونس تكمن في طبقتها السياسية ومشكلة الطبقة السياسية تكمن في قواها العلمانية بمختلف مرجعياتها الفكرية والسياسية التي أجرمت في حق نفسها وفي حق مسارات نضالها العريق الذي يعود الى العشرينات من القرن الماضي دون أن تتوصل الى صياغة قوة سياسية برامجية براغماتية متنصلة من أوهام الايديولوجيا التي حالت دون تفاعلها مع التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي شهدها ويشهدها التاريخ التونسي حتى أنها بدت قوى مفتتة متكلسة تفتقد للثقافة السياسية الديمقراطية.
وأضافت أن الازمة السياسية الحالية اشتدت نتيجة سلبية القوى العلمانية وأن ما أهلك تلك القوى الا استعداءها العقائدي للنداء وخطأ الدمج بينه وبين مؤسسات الدولة مبينة أنه ما كان للاسلام السياسي ليخطو بنوع الثبات الذي لا يخلو من الارتباك وما كان له أن يستقوي ويمارس شتى المخاتلات لفرملة التجربة الديمقراطية لولا حالة التفتت التي تشهدها العلمانية والديمقراطية وهي حالة لا نخال أنفسنا مجحفين اذا ما وصفناها بالانتهازية السياسية، وفق تقدير الصحيفة.
من جهتها سلطت (الصباح) في مقالها الافتتاحي الضوء على البلاغ الصادر عن مجلس ادارة صندوق النقد الدولي الذي جاء ليؤكد حقائق معلومة لدى الجميع وهي أن السلطات التونسية مطالبة بتطهير الميزانية عبر دعم عملية تحصيل الضرائب وتنفيذ عمليات المغادرة الطوعية للعاملين في الوظيفة العمومية وتفادي أي زيادات جديدة في الاجور اذا لم يتجاوز النمو التوقعات المرسومة الى جانب تطبيق زيادات في أسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر.
واعتبرت أن تونس قطعت أشواطا مهمة في الامتثال للمعايير التي وضعها صندوق النقد الدولي للحكومة الرشيدة بما يشجع ادارة الصندوق على منح ثقتها في السلطات السياسية والمالية غير أن ذلك لا يعني البتة تجنب تونس سيناريو اليونان أو الاردن مبينة أن سياسة صندوق النقد ومعها سياسات البنك الدولي وكل الاطراف المانحة هذه المدة تتجه الى مزيد الصرامة واعتقاد جل أعضاء مجلس ادارة الصندوق أن فسحة الانتقال الديمقراطي انتهت وأن على تونس الامتثال للمعايير الدولية ان أرادت مواصلة المؤسسات المالية الدولية التعاون معها.