جندوبة 16 جوان (وات)- استنكر عدد من الفلاحين بمعتمديتي بوسالم وبلطة بوعوان من ولاية جندوبة، اليوم السبت، غياب ممثلي السلط المحلية والجهوية وهياكل وزارة الفلاحة و الموارد المائية والصيد البحري، عن معاينة ما لحقهم من أضرار جسيمة جرّاء الفيضانات الاخيرة الناتجة عن تحويل مياه السد، التي طالت منتجاتهم الزراعية بمنطقتي الكعابة وعضيمة.
وأكد الفلاحون أن مياه وادي بوهرتمة غمرت جزءا هاما من منتجاتهم الزراعية المختلفة، وخلايا النحل المركزة في الغابة المجاورة للوادي ومعدات الري التابعة لهم، منددين بعدم اعلامهم المسبق بعملية تحويل نحو 8 ملايين متر مكعب من سد بربرة الى سد سيدي سالم الذي يعاني نقصا غير مسبوق.
وعبّرت مريم السعيداني، (55 سنة) فلاحة بمنطقة الكعابة، في تصريح لمراسل (وات) في الجهة، عن استيائها الشديد مما اعتبرته تجاهل المسؤولين لما لحقها من اضرار، خاصة بعد أن غمرت المياه القمح الذي تنتظر حصاده منذ اكثر من 8 أشهر، والعلف الاخضر التي تعتمد عليه في تغذية بقراتها الثلاث .
أما جمال القنوني (45 سنة) فلاح بمنطقة عضيمة، فقد أكد أن خلايا النحل المركزة على ضفاف الوادي قد أتلفت بالكامل، وأن المساحة التي زرعت قمحا والتي وفّر لها اعتمادات أكثر من نصفها عن طريق الديون أتلفت هي الاخرى ولم تعد قابلة للحصاد، مبينا أنه رغم جفاف التربة إلا أن نوعية القمح قد لاترتقي الى مستوى علف الحيوانات.
من جهته، أكّد حسان الكعبي، (27 سنة ) فلاح بمنطقة الكعابة، أن معدّات الري المستخدمة لاستخراج مياه بوادي برهتمة لري مساحة الخضر قد تضررت بالكامل، وكذلك الشأن بالنسبة الى خلايا النحل المجاورة لتلك المزروعات، باستثناء القنوات البلاستيكية القابلة لاستعادة الاستخدام، وهو ما يتطلب تجديد هذه المعدات أو مصاريف باهظة لإعادة تشغيلها.
وأضاف أنّ مساحة تقارب 4 هكتارات من القمح قد غمرتها المياه ولم يعد يرجى منها أي نفع، مستنكرا عدم إعلام الفلاحين ودعوتهم لأخذ احيتاطاتهم قصد تجنب مثل هذه الاضرار او جزءا منها، فضلا عن عدم تفقدهم من قبل الجهات المعنية حتى من قبيل المآزرة .
وشاطره الرأي في ذلك لطفي الكعبي (50 سنة)، وشقيقيه علي وشكري، ولكل منهم 3 هكتارات من القمح قد تضررت بالكامل، وكذلك فوزية الصكوحي (60 سنة)، الذين عبروا عن غضبهم الشديد مما اعتبروه ” تنصل مسؤولي الادارات المحلية من مسؤوليتهم تجاه مرجع النظر الترابي، وعدم تكليف أية جهة رسمية نفسها مجرد الاطلاع على وضعهم المقلق، لا سيما وأنه سيكون بمثابة فرصة سانحة للخنزير الوحشي لمزيد إفساد مزارع الحبوب المتضررة وبقية المزارع المجاورة التي لم تطلها بعد مياه وادي بوهرتمة.
من ناحية أخرى، استهجن عضو المكتب التنفيذي للنقابة التونسية للفلاحين محمد نعمان العشي، عدم اعلام الفلاحين المسبق بتحويل تلك الكميات من المياه، موضحا أن الفلاحين والنقابة لا يعترضون عن تحويل المياه وتغذية سد سالم بقدر اعتراضهم على طريقة التصرف في هذه الموارد وتوقيتها.
وطالب بضرورة التعويض السريع للفلاحين خاصة وأنهم من فئة الفلاحين الصغار، ويعتمدون بشكل أساسي على تلك المحاصيل المتضررة قبل أيام من قطفها أو حصدها كمصدر وحيد لعيشهم، مستغربا عدم معاينة اي مسؤول محلي او جهوي لتلك الاضرار الجسيمة التي لحقت الفلاحين وحتى بعض المتساكنين.
وذكرت كاهية مدير سدود مجردة سندس الجماعي، أن الإدارة العامة للسدود والأشغال المائية الكبرى بصدد تحويل نحو 8 ملايين متر مكعب من مياه سد بربرة العذبة الى سد سيدي سالم بهدف تعزيز مخزون المياه بالسد المذكور وتحليتها، مؤكدة أن ادارة وادي مجردة تولت مراسلة كافة الجهات المعنية لاعلام الفلاحين بما ستقدم عليه باليوم والساعة والتاريخ.
واعتبرت أن تحويل تلك الكمية بمعدل 40 متر مكعب في الثانية، لا تعد سببا في حدوث الفيضانات، غير أن عدم استكمال الحاجز الترابي بالصورة التي تضمن عدم تسريب مياه الوادي ساهمت بشكل كبير في تلك الفيضانات.
يذكر أن مخزون المياه بسد بوهرتمة، يبلغ الى حدود هذا اليوم نحو 64 مليون متر مكعب، بعد ان سجل في 26 مارس المنقضي مخزونا قدر بنحو 73 مليون متر مكعب، وان معدل الكمية المخزنة بسد بربرة قبل التحويل يبلغ 65 مليون متر مكعب، وان الكمية المخزنة في سد سيدي سالم إلى حد اليوم السبت، (وهو أكبر سدود تونس) لم تتجاوز 160 مليون متر مكعب من اصل 650 مليون متر مكعب.
يشار إلى أن الادارة العامة للسدود والأشغال المائية الكبرى حولت خلال صائفة 2017 ، كمية من المياه العذبة الى سد سيدي سالم ناهزت 17 مليون متر مكعب دون ان تسجل أضررا مشابهة، وذلك لتزامن عملية التحويل مع فترة ما بعد الحصاد، وفق ما أكده عدد من المتحدثين، في تصريحات متطابقة لمراسل (وات) في الجهة.