بوجوه ارتسمت عليها علامات الخيبة وبخطوات متثاقلة تلخص حالة التعب والارهاق، غادرت عناصر المنتخب التونسي لكرة القدم ملعب فولغوغراد بعدما انقادت الى الخسارة في الوقت بدل الضائع امام المنتخب الانقليزي 1-2 في المباراة التي اقيمت مساء الاثنين لحساب الجولة الافتتاحية من منافسات المجموعة السابعة ضمن الدور الاول لمونديال روسيا 2018.
هزيمة مريرة كان وقعها كبيرا على معنويات اللاعبين والاطار الفني والجهاز الطبي والطاقم الاداري باعتبارها جاءت في وقت كانت تلفظ خلاله المقابلة انفاسها الاخيرة وبدت فيها سائرة نحو التعادل الذي كان سيرضي الى حد كبير المنتخب التونسي في ظل الاداء غير المقنع الذي اتسم بالتحفظ والحذر المبالغ فيه.
المدرب نبيل معلول لعب بتشكيل بدا للوهلة الاولى ينطوي على مجازفة هجومية ويعكس رغبة في انجاح رهان التهديف بتشريك لاعبين يتمتعون بخصال الاستحواذ على الكرة والذهاب الى الامام بثلاثي خط الوسط انيس البدري ونعيم السليتي وفخر الدين بن يوسف يتقدمهم وهبي الخزري في مركز راس حربة غير ان طريقة ادارة اللقاء جاءت مغايرة تماما بعدما تخلت كافة هذه العناصر عن دورها في التنشيط الهجومي وركنت في معظم الاحيان الى الدفاع وهو ما جعل المنتخب غير قادر على صنع اي فرصة طوال المباراة.
وقد عانى المنتخب من غياب العمق الهجومي بسبب الانشغال التام باداء الواجب الدفاعي وغياب المساندة عند امتلاك الكرة من لاعبي الاطراف ليبقى وهبي الخزري وبدرجة اقل نعيم السليتي في عزلة تامة في الخط الامامي بما اتاح المجال امام مدافعي منتخب انقلترا للتقدم الى الهجوم في العديد من المناسبات لخلق التفوق العددي ومباغتة الدفاع التونسي من الخلف.
المنتخب التونسي انشغل بايقاف نقاط قوة المنتخب الانقليزي من خلال دعم الجانب الدفاعي ووضع ستارين امام المرمى ولم يحاول استثمار مواطن ضعفه التي تكمن اساسا في ثقل محور دفاعه رغم ان المجال كان متاحا لتهديد الحارس جوردان بيكفود ازاء المساحات الشاغرة التي تركتها العناصر الانقليزية باعتمادها ورقة الهجوم المطلق.
ورغم الاهمية القصوى التي اولاها الاطار الفني للاعداد الذهني فقد اظهر زملاء الفرجاني ساسي مجددا ضعفا واضحا في التعامل مع الفترات الحساسة للمباراة بعدما اهتزت شباكهم في بداية المباراة ونهايتها بهدفين في الدقيقتين 11 و90 زائد 1 بسبب الضغط النفسي من جهة وانعدام التركيز والسهو من جهة اخرى وهذا غير مسموح به في مثل هذا المستوى العالي امام مهاجمين من طينة هاري كين.
كما لاح بعض الضعف على الجاهزية البدنية لعدد من اللاعبين خصوصا علي معلول ووهبي الخزري العائدين من الاصابة فالاول ارتكب عدة اخطاء على مستوى التمركز ووجد نفسه في الكثير من الوضعيات متاخرا في مساحة اللعب عن منافسه الظهير الايمن كيران تيبيي والثاني افتقد انتعاشته المعهودة في انطلاقاته وتوغلاته ولم يكن موفقا في قرار تحديد توقيت طلب الكرة ورغم خروجه في بعض فترات المباراة من محور الهجوم واللعب على الرواق فان اداءه اتسم بالعقم وعدم الفاعلية.
وقد اكد نبيل معلول خلال اللقاء الاعلامي الذي انعقد بعد المقابلة انه كان ينوي الاعتماد على علي معلول لمدة 60 دقيقة ووهبي الخزري لفترة 80 دقيقة باعتبارهما عائدين من اصابة ولم يستعيدا بعد كامل لياقتهما البدنية غير ان التعويض الاضطراري المبكر اثر استبدال الحارس معز حسان بداعي اصابة على مستوى الكتف اربك حساباته ودفعه الى منح اكثر توقيت لعب لهذا الثنائي.
وفي تصريح لمبعوث وكالة تونس افريقيا للانباء الى فولغوغراد قال وهبي الخزري “لم نظهر بوجهنا المالوف وارتكبنا اخطاء بدائية … من حسن حظنا ان المنتخب الانقليزي اطنب في اهدار الفرص …
لقد نجح منافسنا في الاستحواذ على الكرة ما جعلنا نلهث وراءها طوال اللقاء ونبذل مجهودات بدنية كبيرة لافتكاكها وهو ما اثر علينا عند الهجمات المرتدة … افتقدنا الجراة في الهجوم ووجدنا صعوبات كبيرة في التعامل مع الكرات الثابتة نتيجة البنية الجسمانية القوية للعناصر الانقليزية وقامتها الفارعة ومع ذلك كان بامكاننا انتزاع التعادل لولا الخطا القاتل في الوقت بدل الضائع … يتعين علينا اصلاح اخطائنا من اجل تقديم مردود افضل في المباراة القادمة امام بلجيكا التي ستكون حاسمة في تحديد حظوظنا في سباق التاهل الى الدور الثاني”.
ومن جهته اوضح فخر الدين بن يوسف الذي تخلى كليا عن واجباته الهجومية في سبيل معاضدة الظهير الايمن ديلان برون في وجه توغلات لاعب الرواق الايسر اشلي يونغ ان المنتخب التونسي كان قادرا على تفادي الهزيمة رغم ارتكاب العديد من الهفوات الفادحة لولا بعض الجزئيات على غرار كيفية التعامل مع الكرات الثابتة والبعض من المرتدات التي كان بالامكان استغلالها بطريقة افضل معربا عن الاعتقاد ان فرصة التدارك لا تزال متوفرة شريطة عدم السقوط مجددا في نفس الاخطاء وابداء واقعية اكبر سواء على مستوى التمركز الدفاعي او التشيط الهجومي لاضفاء النجاعة والتوازن على اداء الفريق.
هذا وستعود بعثة المنتخب التونسي اليوم الثلاثاء الى موسكو للالتحاق بمقر اقامتها الدائم بفندق امبريال بارك والشروع في تحضير اللقاء الثاني امام منتخب بلجيكا المقرر يوم 23 جوان الجاري على ملعب سبارتاك بالعاصمة الروسية.