قال أستاذ علم المقاصد بجامعة الزيتونة ووزير الشؤون الدينية الاسبق نور الدين الخادمي، اليوم الخميس، إن التقرير الذي اصدرته لجنة الحريات الفردية والمساواة، مرفوض شكلا ومضمونا في ما يتعلق بمسالة الاحوال الشخصية ( النفقة والميراث والمراة والاسرة والنسب…).
وأوضح الخادمي خلال ندوة صحفية عقدتها التنسيقية الوطنية للدفاع عن القران والدستور والتنمية العادلة بالعاصمة، ان التقرير مرفوض شكلا لانه غير مبني على استشارة موسعة مع مؤسسات علمية كجامعة الزيتونة ولم يقع التنسيق مع مؤسسات الدولة بمعايير المشاركة الحقيقية مقابل تغييب الاستماع لمؤسسة الافتاء، مبرزا ان احكام الاحوال الشخصية تفصيلية في القران ولا مجال فيها للاجتهاد.
وذكر أن من أسباب الرفض ايضا احتواء التقرير على “اخطاء علمية كثيرة” وفق تقديره، تعلقت باصول الفقه ومقاصد الشريعة وبتفسير القران وشرح الاحاديث النبوية وفي اللغة العربية فضلا عن اخطاء اخرى مست جوانب علم الاجتماع والقضاء و الحقوق والقوانين، معتبرا انه تقرير “يحمل في طياته نزعة ايديولوجية” وهم كعلماء دين وفقه مستعدون للمشاركة في اصلاحه وفق قوله.
من جهة اخرى قدّر الخادمي أن المسائل الاخرى التي تناولها التقرير على غرار الحقوق المدنية والحقوق العامة والحياة الخاصة ومنع التعذيب هي “مسائل ايجابية ومهمة” غير انها يجب ان تخضع الى تحقيقات علمية والى شراكة حقيقية بين مختلف الاطراف ذات العلاقة.
وقال ان المخالفة الصريحة في هذا التقرير هو المعارضة الواضحة لنظام الاسرة في الاسلام المبنية على مرجعية الدين والاعراف والموروث و التي تتاسس “على زوجيين برابط قانوني شرعي ومهر وعلى اولاد ونسب ونفقة وشراكة ومودة ورحمة”، مبرزا ان ما جاء في التقرير في ما يتعلق في هذه المسائل هي مقترحات لا تمت للاسلام بصلة وبثوابته وهي مناقضة لاحكام القران ونصوصه القطعية.
ودعا الخادمي رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي إلى استقبال عدد من علماء الزيتونة ونخبة من علماء القضاء والقانون والعلوم الاجتماعية لبيان راي علمي تخصصي في ما يتعلق بتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، قائلا إن “مبادرة اللجنة مبادرة معقدة ومركبة و من غير الممكن ان تبت فيها لجنة متكونة فقط من عدد محدود من الاشخاص”.
كما دعا مفتي الجمهورية عثمان بطيخ الى اصدار فتوى وابداء راي تخصصي واضح في التقرير باعتبار انها مبادرة دينية تتعلق بالقران والسنة والاحوال الشخصية والعدة والميراث ويجب ان يكون له راي صريح.
وبين ان التنسيقية بصدد النظر “علميا” في هذا التقرير وبيان الاوجه العلمية التخصصية لتقوم في ما بعد بالاتصال بالجهات المعنية بهذه المبادرة كرئاسة الجمهورية ومجلس نواب الشعب والجهات المعنية الاخرى لتقديم الحلول الاصلاحية اللازمة والتعبير عن رفض بعض الجوانب التي جاءت صلب تقرير اللجنة، مشيرا إلى ان التنسيقية ستقدم ايضا جملة من المبادرات منها مبادرة لحماية المقدسات ومبادرة اخرى لمدونة الاسرة وفق المرجعية الدستورية والشرعية.
ومن جهتها رأت أستاذة القران وعلومه بجامعة الزيتونة فاطمة شقوت ان ما جاء صلب التقرير هو “مساواة الفضيلة بالرذيلة”، معلنة رفضها “القطعي والكلي” لما ورد من مقترحات في التقرير في ما يتعلق بحقوق المراة والاسرة والنسب على غرار الغاء وجوبية المهر في الزواج والغاء العدة وواجب الانفاق على الزوج وتغيير نظام الانتساب القائم على لقب الاب.
واعتبرعدد من اعضاء التنسيقية الوطنية للدفاع عن القران والدستور والتنمية العادلة ان لهذا التقرير انعكاسات “كارثية” وفق تعبيرهم، على المجتمع من ذلك طغيان حقوق الفرد على المجموعة وتقسيم المجتمع بين متدين يختار المنظومة الشرعية وغير متدين يختار المساواة وانتشار الاستقطاب الايديولوجي في الاسرة وداخل المجتمع.
وابرزوا ان “انعكاساته الكارثية” تتمثل ايضا من خلال الغاء حق المراة في النفقة والزامها بالانفاق على اطفالها والغاء اولوية الحضانة للام والتقاتل حول الميراث والمس من الامن الثقافي والسلم الاجتماعي وتجاوز كل الاعتبارات الاخلاقية باسم الحريات الفردية.
وجدير بالتذكير نشرت لجنة الحريات الفردية والمساواة منذ يوم الثلاثاء 12 جوان الجاري على موقعها الرسمي على شبكة الأنترنت تقريرا تضمن جملة من المقترحات حول الاصلاحات المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة استنادا الى مقتضيات دستور جانفي 2014 والمعايير الدولية لحقوق الانسان والتوجهات المعاصرة في مجال الحريات والمساواة.
وأحدثت لجنة الحريات الفردية والمساواة بموجب امر رئاسي عدد111 لسنة 2017 مؤرخ في 13 اوت 2017 وتتمتع بطبيعة استشارية.