بعد اداء باهت امام انقلترا لم يرتق الى مستوى الانتظارات والتطلعات، ينشد المنتخب التونسي لكرة القدم التدارك عند مواجهته نظيره البلجيكي يوم السبت على ملعب سبارتاك بالعاصمة موسكو في اطار الجولة الثانية من منافسات المجموعة السابعة ضمن الدور الاول للمونديال الروسي.
كتيبة المدرب نبيل معلول تدرك جيدا انه لا مجال للتعثر مجددا باعتبار ان الهزيمة ستبخر نهائيا احلامها في المراهنة على احدى البطاقتين المؤهلتين الى الدور الثاني وتعجل بحزم حقائبها للعودة الى الديار بيد فارغة واخرى لا شيء فيها لذلك سيكون منسوب الضغط هذه المرة عاليا ما يتطلب تركيزا كبيرا وحضورا ذهنيا قويا لاحتوائه وتوظيفه بشكل ايجابي كعامل لتحفيز اللاعبين وليس كعائق لتكبيل اقدامهم.
المواجهة ستكون مغايرة تماما عن المباراة الماضية امام انقلترا فالثوابت التكتيكية لمنتخب “الشياطين الحمر” تختلف عن المقومات الفنية لمنتخب “الاسود الثلاثة”. المنتخب البلجيكي المدجج بكوكبة من ابرز اللاعبين في العالم يعتمد في ادائه على الفنيات والكرات القصيرة خلافا للمنتخب الانقليزي الذي يتميز بلياقة بدنية عالية ويميل للعب المباشر.
ويسود الاعتقاد انه اذا ما تمكن منتخب “نسور قرطاج” من تقديم نفس الوجه الذي ظهر به في وديتي البرتغال واسبانيا فانه سيكون قادرا حينها على الخروج بنتيجة ايجابية امام منافسه البلجيكي باعتبار ان هذه المنتخبات تتشابه تقريبا في اسلوب لعبها.
ان الحديث عن تحقيق نتيجة ايجابية يقتضي بالضرورة اكثر مجازفة ولاعبين ذوي خصال هجومية وقدرة على صنع اللعب وهو ما يعني ادخال تعديلات على التشكيلة الاساسية وتبدو النية متجهة في هذا السياق نحو الزج بالظهير حمدي النقاز على الرواق الايمن والتعويل على سيف الدين الخاوي في خط الوسط.
تغييرات يتطلع الاطار الفني الى ان تمنح عمقا هجوميا وتضفي اكثر نجاعة وفاعلية على اداء المنتخب في الخط الامامي خاصة في ظل ما يتمتع به حمدي النقاز من سرعة فائقة في توغلاته الجانبية ما قد يمثل ورقة رابحة لخلق التفوق العددي ومباغتة الخصم من الخلف وما يملكه سيف الدين الخاوي من مؤهلات عالية في الاستحواذ على الكرة وتوزيع اللعب في دور التنشيط الهجومي.
بالتوازي مع ذلك يامل الجميع ان يكون وهبي الخزري في افضل درجات جاهزيته البدنية والفنية لقيادة الخط الامامي خاصة وان الفكر الهجومي للمدرب نبيل معلول يدور حول هذا اللاعب بالنظر لثقله على دفاعات المنافس وقدرته على خلخلة توازناته الامر الذي افتقده المنتخب خلال المباراة الفارطة امام انقلترا نتيجة المردود المتواضع لمهاجم رين الفرنسي في اول ظهور له منذ اكثر من شهر ونصف بسبب الاصابة.
التعلق بانجاح رهان التهديف وتحقيق الفوز لا يجب ان يلهي المنتخب عن ادواره الدفاعية في مواجهة نجوم لامعة هوايتها معانقة الشباك. المنتخب التونسي الذي يتمتع بشهادة العديد من الفنيين والاخصائيين بثقافة دفاعية عالية مدعو في هذا الجانب لتقديم مقابلة بطولية من اجل المحافظة على عذارة شباكه من خلال الضغط على حامل الكرة والسعي الى تضييق المساحات في المحور وغلق المنافذ على الاطراف بما من شانه ان يعيق عملية التدرج الهجومي للمنافس وقطع التواصل بين الثلاثي ايدين هازارد وكيفين دي بروين ودريس ميرتينس.
وفي هذا الاطار سيضطلع ثنائي الارتكاز الياس السخيري والفرجاني ساسي بدور هام على مستوى افتكاك الكرة وتامين التغطية امام ثنائي الوسط الدفاعي خصوصا على مستوى قطع الكرات الثانية العائدة من الخط الخلفي التي شكلت بدورها احدى نقاط ضعف المنتخب في مباراته الاولى امام انقلترا.
كما يتعين على زملاء ياسين مرياح مضاعفة تركيزهم في الكرات الثابتة وتحسين تمركزهم داخل الصندوق بتشديد المحاصرة اللصيقة وابداء اكثر يقظة عند التقاطعات والعرضيات المرفوعة على القائم الثاني حتى لا يختل التوازن ويجد المنافس نفسه محررا من كل رقابة.
مع هذا يبقى المنتخب التونسي مطالبا باحكام الدخول في اجواء اللقاء لتفادي سيناريو مباراة انقلترا عندما ترك المجال للمنافس لفرض اليات لعبه ما كلفه قبول هدف مبكر لذلك ينبغي عدم التراجع الى الوراء واعتماد دفاع ضاغط وعال لكسب معركة وسط الميدان وهز ثقة لاعبي المنتخب البلجيكي.
وبين تعدد القراءات التكتيكية والتحاليل الفنية تبقى المقابلة مرشحة لتطورات مختلفة تحكمها تحركات اللاعبين على الميدان ومدى قدرتهم على انجاح اليات التنشيط الدفاعي والهجومي على ضوء جاهزيتهم البدنية واستعدادهم الذهني باعتبار ان الخطأ غير مسموح به في مثل هذا المستوى العالي امام لاعبين يحدثون الفارق من انصاف الفرص.